الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ طَلَبِ التَّقْرِيرِ كَيْفَ كَانَ وَعِنْدَ مَنْ أَشْهَدَ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ تَمَّتْ دَعْوَاهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ كَمَا فِي الْمَتْنِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الثَّمَنِ وَقْتَ الدَّعْوَى) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَجُوزُ لَهُ الْمُنَازَعَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ لُزُومَ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا قَبْلَهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ مُفْلِسًا فَتَوَى الْمَالَ عَلَى الْمُشْتَرِي (فَإِذَا قَضَى لَهُ لَزِمَ إحْضَارُهُ) أَيْ الثَّمَنِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ اللُّزُومِ (وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الدَّارِ لِقَبْضِهِ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الدَّارِ لِقَبْضِ ثَمَنِهِ فَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ حَبَسَ الْقَاضِي الشَّفِيعَ بِالْإِبَاءِ لِأَنَّ الشَّفِيعَ وَالْمُشْتَرِيَ نَزَلَا مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ بَعْدَمَا أَمَرَ) الْقَاضِي (بِأَدَائِهِ) إجْمَاعًا لِتَأَكُّدِ الشُّفْعَةِ بِالْقَضَاءِ.
(وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يُخَاصِمَ الْبَائِعَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا مُحِقَّةً أَصَالَةً فَكَانَ خَصْمًا كَالْمَالِكِ.
(وَ) لَكِنْ (لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ) أَيْ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي (حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ (فَيَفْسَخُ الْبَيْعَ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ حُضُورِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا صَاحِبُ يَدٍ، وَلِلْآخَرِ مِلْكًا (وَيَقْضِي بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَيَجْعَلُ الْعُهْدَةَ) أَيْ يَجْعَلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ الْأَحْكَامِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَصِيرُ أَجْنَبِيًّا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا.
(وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ خَصْمٌ لِلشَّفِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُخَاصِمَهُ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي (مَا لَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمُوَكِّلِ) فَإِذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُوَكِّل لَا يَبْقَى لَهُ يَدٌ وَلَا مِلْكٌ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا بَعْدَهُ.
(وَلِلشَّفِيعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْبَرَاءَةَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَيْبِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ وَلَا يَسْقُطُ بِرُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي وَبِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِإِسْقَاطِ الْمُشْتَرِي.
[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]
فَصَلِّ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي) مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقَّ الْأَخْذِ عِنْدَ نَقْدِ الْأَقَلِّ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَلَا يَتَخَالَفَانِ.
(وَإِنْ بَرْهَنَا) أَيْ لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ (فَلِلشَّفِيعِ) أَيْ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ صِدْقُ الْبَيِّنَتَيْنِ
بِجَرَيَانِ الْعَقْدِ مَرَّتَيْنِ فَيُجْعَلَانِ مَوْجُودَيْنِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَحَقُّ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ.
(وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَ) ادَّعَى (الْبَائِعُ) ثَمَنًا (أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ (أَخَذَهُ) أَيْ الْعَقَارَ (الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ) سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ الْبَائِعِ حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْحَطُّ عَنْهُ حَطٌّ عَنْ الشَّفِيعِ (وَبِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَهُ) أَيْ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْأَجْنَبِيِّ وَبَقِيَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ قَبْضُ الثَّمَنِ غَيْرَ ظَاهِرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت الدَّارَ بِأَلْفٍ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ الثَّمَنَ فِي حَالٍ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيَانِ فِيهِ فَقُبِلَ بَيَانُهُ وَإِنْ قَالَ قَبَضْت الثَّمَنَ وَهُوَ أَلْفٌ أَخَذَهَا بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءٍ بِالثَّمَنِ أَوَّلًا صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَأْخُذُهَا بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (وَإِنْ عُكِسَا) أَيْ ادَّعَى الْبَائِعُ ثَمَنًا وَالْمُشْتَرِي أَقَلَّ مِنْهُ (فَبَعْدَ الْقَبْضِ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) أَيْ لَوْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ (يَتَحَالَفَانِ) وَيَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ (وَأَيٌّ) مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (اُعْتُبِرَ قَوْلُ صَاحِبِهِ) فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَدَّعِيه الْآخَرُ.
(وَإِنْ حَلَفَا فَسْخَ الْبَيْعَ) أَيْ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا (وَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْعَقَارَ (الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْبَيْعِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ حَقِّ الشَّفِيعِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
(وَإِنْ حَطَّ) الْبَائِعُ (عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ يَأْخُذُهُ) أَيْ الْعَقَارَ (الشَّفِيعُ بِالْبَاقِي) مِنْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي حَطٌّ عَنْ الشَّفِيعِ أَيْ حَطٌّ يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ لَا أَثَرَ لِلْحَطِّ بَلْ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى.
(وَإِنْ حَطَّ) الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي (الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الثَّمَنِ (يَأْخُذُهُ) الشَّفِيعُ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الثَّمَنِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلدِّهْلَوِيِّ كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ.
(وَإِنْ حَطَّ) الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَنِ (ثُمَّ) حَطَّ (النِّصْفَ) الْآخَرَ (يَأْخُذُ) الشَّفِيعُ (بِالنِّصْفِ الْأَخِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَطَّ النِّصْفَ الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ النِّصْفُ فَلَمَّا حَطَّ النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ حَطًّا لِلْجَمِيعِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ.
(وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ) بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ (لَا تَلْزَمُ الشَّفِيعَ الزِّيَادَةُ) أَيْ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الشَّفِيعِ فَتَكْلِيفُ الزِّيَادَةِ إبْطَالُ حَقِّهِ.
(وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا لَزِمَ الشَّفِيعَ مِثْلُهُ) أَيْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْمَبِيعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فِي شِرَاءِ الْعَقَارِ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ.
(وَإِنْ) كَانَ الثَّمَنُ (قِيَمِيًّا فَقِيمَتُهُ) أَيْ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ بِالْقِيمَةِ فِي
شِرَاءِ دَارٍ بِثَوْبٍ أَوْ فَرَسٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَيَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِقِيمَةٍ لِآخَرَ فِي شِرَاءٍ بِعَقَارٍ لِتَحَقُّقِ الْبَدَلِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ.
(وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (مُؤَجَّلًا) بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (أَخَذَ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ يَطْلُبُ) الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ (فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِثَمَنٍ حَالٍّ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ (وَيَأْخُذَ) الشَّفِيعُ الْعَقَارَ (بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ) لِكَوْنِ الثَّمَنِ مُؤَجَّلًا.
وَقَالَ زُفَرُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فِي الْحَالِ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ بِهِ وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَإِنَّمَا يُؤَجَّلُ بِالشَّرْطِ وَلَا شَرْطَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ (وَلَا يَتَعَجَّلُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْحَالِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ ثَبَتَ لَهُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَبْطُلُ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِبَيْعِهِ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ حَالٍّ وَإِنْ اخْتَارَ الِانْتِظَارَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ الزَّائِدَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(وَلَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ لِيَحِلَّ الْأَجَلُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا تَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِذَاتِهِ بَلْ لِلْأَخْذِ وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ فِي الْحَالِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِهِ فِي الْحَالِ وَلَهُمَا أَنَّ حَقَّهُ قَدْ ثَبَتَ وَلِهَذَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَالسُّكُوتُ عَنْ الطَّلَبِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ يُبْطِلُ الشُّفْعَةَ.
(وَلَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ الذِّمِّيُّ بِمِثْلِ الْخَمْرِ وَقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ مُقْتَضًى بِالصِّحَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَعُمُّ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ وَالْخَمْرُ لَهُمْ كَالْخَلِّ لَنَا وَالْخِنْزِيرُ كَالشَّاةِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلَ بِالْمِثْلِ وَالثَّانِيَ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُسْلِمِ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيَأْخُذُهَا بِالْقِيمَةِ.
(وَ) يَأْخُذُ الشَّفِيعُ (الْمُسْلِمُ بِالْقِيمَةِ فِيهِمَا) أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَأَمَّا الْخَمْرُ فَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهَا فَالْتَحَقَ بِغَيْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ إنَّ طَرِيقَ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِالرُّجُوعِ إلَى ذِمِّيٍّ أَسْلَمَ أَوْ فَاسِقٍ تَابَ وَفِيمَا فِي الْفَرَائِدِ مِنْ أَنَّهُ بَقِيَ صُورَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ بِخِنْزِيرٍ وَكَانَ شَفِيعُهَا مُسْلِمًا وَذِمِّيًّا لَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَهَا كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ بُيِّنَ آنِفًا أَنَّ الْمُسْلِمَ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا يَأْخُذُ الذِّمِّيُّ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَهُمْ فَلَا وَجْهَ عَلَى مَا قَالَهُ تَأَمَّلْ.
(وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي) عَلَى الْأَرْضِ الْمَشْفُوعَةِ (أَوْ غَرَسَ) فِيهَا فَحُكِمَ بِالشُّفْعَةِ (أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَتِهَا) أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (مَقْلُوعَيْنِ) وَالْمُرَادُ بِقِيمَتِهِمَا مَقْلُوعَيْنِ قِيمَتُهُمَا مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ (كَمَا فِي الْغَصْبِ أَوْ كُلِّفَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُمَا) أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ فَارِغَةً بِكُلِّ الثَّمَنِ بِدُونِهِمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُكَلِّفُهُ بِالْقَلْعِ بَلْ يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ وَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ إذَا بَنَى وَغَرَسَ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِيهِ بِالشِّرَاءِ فَلَا يُعَامَلُ بِأَحْكَامِ الْعُدْوَانِ فَصَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي
شِرَاءً فَاسِدًا وَكَمَا إذَا زَرَعَهَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يُكَلَّفُ الْقَلْعَ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ فَكَذَا الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ الْمَشْفُوعَةِ وَلِهَذَا لَا يُكَلَّفُ قَلْعَ الزَّرْعِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الشَّفِيعِ بِإِلْزَامِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَهْوَنُ مِنْ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي بِالْقَلْعِ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَحْصُلُ لَهُ بِمُقَابَلَةِ الْقِيمَةِ عِوَضُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَلَا يُقَدَّرُ ضَرَرًا وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْمُشْتَرِي بِمُقَابَلَةِ الْقَلْعِ شَيْءٌ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَهْوَنَ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ بَنَى فِي مَحَلٍّ ظَهَرَ تَعَلُّقُ حَقٍّ مُتَأَكِّدٍ لِلْغَيْرِ هُوَ الشَّفِيعُ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ فَيَأْمُرُ الشَّفِيعَ بِالنَّقْصِ كَالْغَاصِبِ إذَا بَنَى لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي لِتَقَدُّمِ حَقِّ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَلِذَا يَنْقُضُ الشَّفِيعُ بَيْعَ الْمُشْتَرِي وَهِبَتَهُ وَجَعْلَهُ مَسْجِدًا وَمَقْبَرَةً وَجُعِلَ تَصَرُّفُهُ كَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ فِي حَقِّ النَّقْضِ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْمَسْجِدَ وَيَنْبُشَ الْمَوْتَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ) الْأَرْضُ (بَعْدَمَا بَنَى الشَّفِيعُ أَوْ غَرَسَ رَجَعَ) الشَّفِيعُ (عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَقَطْ) يَعْنِي لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ
مَعْنَاهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَلِّكٌ عَلَيْهِ وَكَانَ كَالْمُشْتَرِي وَجْهُ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَمُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا غُرُورَ وَلَا تَسْلِيطَ لِلشَّفِيعِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ أَخَذَهَا مِنْهُ جَبْرًا.
(وَإِنْ جَفَّ الشَّجَرُ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (أَوْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ نَقْضٍ أَوْ خَشَبٍ فَأَمَّا إذَا بَقِيَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ سُقُوطِ بَعْضِ الثَّمَنِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ يَوْمَ الْأَخْذِ (يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ) وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْأَرْضِ حَتَّى يَدْخُلَا فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَلَا يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُتْلِفَ بَعْضُ الْأَرْضِ بِغَرَقٍ حَيْثُ يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ.
(وَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا) مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ الْإِتْلَافَ فَيَلْزَمُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ وَنَقْصُ الْأَجْنَبِيِّ كَنَقْضِ الْمُشْتَرِي (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ (أَخْذُ النَّقْضِ) بَلْ هُوَ لِلْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ مَفْصُولًا وَمَنْقُولًا.
(وَإِنْ شَرَى الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ مَعَ شَجَرٍ مُثْمِرٍ) بِأَنْ شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ (أَوْ غَيْرِ مُثْمِرٍ فَأَثْمَرَ فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ (أَخَذَهَا الشَّفِيعُ مَعَ الثَّمَرِ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ بِالِاتِّصَالِ خِلْقَةً صَارَ تَبَعًا مِنْ وَجْهٍ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا (فَإِنْ جَذَّهُ) أَيْ قَطَعَ الثَّمَرَ وَاجْتَنَاهُ (الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَقْتَ الْأَخْذِ حَيْثُ صَارَ مَفْصُولًا عَنْهُ فَلَا يَأْخُذُهُ (وَيَأْخُذُ مَا سِوَاهُ) أَيْ مَا سِوَى الثَّمَرِ (بِالْحِصَّةِ فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِثَمَرِهَا فَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مَقْصُودًا فَيُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَبِكُلِّ الثَّمَنِ فِي الثَّانِي) أَيْ فِيمَا أَثْمَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَيْ يَأْخُذُ الْأَرْضَ