الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَطَبِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَصَارَتْ نَظِيرَ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي الشُّرْبِ حَيْثُ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمَا.
(وَلَوْ ادَّعَيَا أَرْضًا كُلٌّ) مِنْهُمَا يَدَّعِي (أَنَّهَا) أَيْ الْأَرْضُ (فِي يَدِهِ وَبَرْهَنَا) كَذَلِكَ (قَضَى بِيَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ فِيهَا غَيْرُ مُشَاهَدٍ لِتَعَذُّرِ إحْضَارِهَا وَالْبَيِّنَةُ تُثْبِتُ مَا غَابَ عَنْ عِلْمِ الْقَاضِي (فَإِنْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (أَوْ كَانَ) أَحَدُهُمَا (لَبِنٌ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَرْضِ لَبِنًا (أَوْ بَنَى) فِيهَا (أَوْ حَفَرَ) فِيهَا (قَضَى بِيَدِهِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقِيَامِ الْحُجَّةِ فَإِنَّ الْيَدَ حَقٌّ مَقْصُودٌ وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْبَاقِيَةِ فَلِوُجُودِ التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ قَالَ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهَا بَدَلَ أَوْ كَانَ لَبِنٌ فِيهَا أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَقْصَرُ تَدَبَّرْ.
وَمَنْ (فِي يَدِهِ صَبِيٌّ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ يَتَكَلَّمُ وَيَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَالَ أَنَا حُرٌّ) وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ (فَالْقَوْلُ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَلَا يَقْبَلُ دَعْوَى أَحَدٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ عِنْدَ إنْكَارِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالْبَالِغِ (وَإِنْ قَالَ) ، هَذَا الصَّبِيُّ (أَنَا عَبْدٌ لِفُلَانٍ) وَهُوَ غَيْرُ ذِي الْيَدِ (فَهُوَ عَبْدٌ لِذِي الْيَدِ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِكَوْنِهِ رَقِيقًا لِفُلَانٍ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِقْلَالٌ وَلَا قُدْرَةٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَيَكُونُ عَبْدًا لِذِي الْيَدِ لَا لِلْخَارِجِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقَالُ إنَّ الْإِقْرَارَ بِالرِّقِّ ضَرَرٌ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِهِ بَلْ بِدَعْوَى ذِي الْيَدِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَكَذَا مَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ فَيَكُونُ مِلْكًا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ إنْ ادَّعَاهُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ مِنْ يَدٍ عَلَى نَفْسِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (فَلَوْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ عِنْدَ كِبَرِهِ لَا يُقْبَلُ بِلَا حُجَّةٍ) أَيْ لَوْ كَبُرَ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ عَلَيْهِ الرِّقُّ فَلَا يُنْقَضُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]
ِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي دَعْوَى النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَكَانَ أَهَمَّ ذِكْرًا فَقَدَّمَهُ (وَلَدَتْ مَبِيعَةٌ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ) قَمَرِيَّةٍ (مُنْذُ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ (الْبَائِعُ) أَيْ بَائِعُ الْمَبِيعَةِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (ابْنُهُ) فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِدَعْوَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي لِتَيَقُّنِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي مِلْكِهِ مَعَ دَعْوَةٍ لَمْ تَبْطُلْ بِالْبَيْعِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَبِيعَةِ الْجَارِيَةُ الَّتِي لَا تُبَاعُ إلَّا مَرَّةً كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ مُذْ بِيعَتْ وَقَدْ مَلَكَهَا سَنَتَيْنِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا بِيعَتْ مَرَّتَيْنِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّ الْعُلُوقَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (وَهِيَ) أَيْ الْجَارِيَةُ (أُمُّ وَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ
بِيَقِينٍ (وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ) لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَةَ (وَيَرُدُّ الثَّمَنَ) لِعَدَمِ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ (ادَّعَاهُ) أَيْ النَّسَبَ (الْمُشْتَرِي مَعَ دَعَوْتِهِ) أَيْ الْبَائِعُ (أَوْ) ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي (بَعْدَهَا) ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ لِكَوْنِ أَصْلِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَدَعْوَةُ الْمُشْتَرِي دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ إذْ أَصْلُ الْعُلُوقِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَسْبَقُ، هَذَا عِنْدَنَا، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ لَمَّا اتَّصَلَ بِمِلْكِهِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِهِ مِنْهُ شَهَادَةً ظَاهِرَةً حَيْثُ إنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الزِّنَا مَعَ أَنَّ النَّسَبَ مَبْنَاهُ عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ وَالْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ دَعْوَةٌ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِأَنَّهَا أَمَتُهُ وَبِالدَّعْوَةِ يَكُونُ مُنَاقِضًا وَإِذَا بَطَلَتْ دَعْوَاهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ الثَّابِتَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَإِعْتَاقِهِ إذْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ نَكَحَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا (وَكَذَا) يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْبَائِعِ (لَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ (بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ أَوْ عِتْقِهَا) أَيْ إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَقَدْ وَلَدَتْ لَلْأَقَلِّ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ هُوَ الْوَلَدُ لَا الْأُمُّ وَلِذَا تُضَافُ الْأُمُّ إلَيْهِ وَيُقَالُ أُمُّ الْوَلَدِ وَتَسْتَفِيدُ الْأُمُّ الْحُرِّيَّةَ مِنْ جِهَتِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا فَالثَّابِتُ لَهَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَلَهُ حَقِيقَتُهَا وَالْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَعْلَى فَلَا يَضُرُّهُ فَوَاتُ التَّبَعِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ الْمَوْلُودَ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ بَعْدَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ لَا فِي حَقِّ الْأُمِّ فَلَا تَصِيرُ أُمُّ الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ إنْ صَحَّتْ فِي حَقِّ الْأُمِّ بَطَلَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي وَالْعِتْقُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ (وَيَرُدُّ حِصَّتَهُ) أَيْ حِصَّةَ الْوَلَدِ (مِنْ الثَّمَنِ فِي الْعِتْقِ) أَيْ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتَيْ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ وَيَرُدُّ مَا أَصَابَ الْوَلَدُ مِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ دُونَ مَا أَصَابَ الْأُمَّ مَعَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ.
(وَ) يَرُدُّ (كُلَّ الثَّمَنِ فِي الْمَوْتِ) عِنْدَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَمَالِيَّتُهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَهُ فِي الْعَقْدِ وَالْغَصْبِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي (وَقَالَا) يَرُدُّ (حِصَّتَهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا فَيَضْمَنُهَا فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَكُونُ رَدُّ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَا حِصَّتُهَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَوْتِ لَكِنْ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ أَوْ دَبَّرَهَا يَرُدُّ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ بِرَدِّ كُلِّ الثَّمَنِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَوْتِ كَذَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ فَعَلَى، هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِيهِمَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَة وَالْمُصَنِّفُ اخْتَارَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: يَرُدُّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا حِصَّتُهَا بِالِاتِّفَاقِ وَفَرَّقَ عَلَى هَذَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْبَائِعَ فِيمَا زَعَمَ حَيْثُ جَعَلَهَا مُعْتَقَةً مِنْ الْمُشْتَرِي فَبَطَلَ زَعْمُهُ وَلَمْ يُوجَدْ التَّكْذِيبُ
فِي فَصْلِ الْمَوْتِ فَيُؤْخَذُ بِزَعْمِهِ فَيَسْتَرِدُّ بِحِصَّتِهَا أَيْضًا كَمَا فِي الْكَافِي.
(وَلَوْ ادَّعَاهُ) الْبَائِعُ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ (أَوْ عِتْقِهِ رُدَّتْ) دَعْوَاهُ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَى النَّسَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَكَذَا بَعْدَ عِتْقِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ وَلَدَتْ) الْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ (لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ) مُنْذُ بِيعَتْ (إنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) الدَّعْوَةَ (فَالْحُكْمُ كَالْأَوَّلِ) يَعْنِي يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَأُمِّيَّتُهَا وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عِنْدَنَا خِلَافًا لَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي (فَلَا يَثْبُتُ) النَّسَبُ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ تُوجَدْ الْحُجَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ فَإِذَا صَدَّقَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ.
(وَإِنْ) وَلَدَتْ (لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ) مُنْذُ بِيعَتْ (لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ اتِّصَالُ الْعَلَوِيِّ بِمِلْكِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ (ثَبَتَ نَسَبُهُ) أَيْ نَسَبُ الْوَلَدِ (وَحُمِلَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ) وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِحُدُوثِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَا يَسْتَنِدُ عَلَى مَا قَبْلَهُ حَتَّى لَزِمَ بُطْلَانُ بَيْعِهِ، وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ لِبَائِعِهِ بِمِلْكِ نِكَاحٍ بِأَنْ مَلَكَهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَاسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ.
(وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَكَانَ الْعُلُوقُ أَيْضًا عِنْدَهُ (ثُمَّ ادَّعَاهُ) بَعْدَ بَيْعِ مُشْتَرِيهِ مِنْ آخَرَ (صَحَّتْ دَعْوَتُهُ) وَيَكُونُ هُوَ ابْنُهُ (وَرُدَّ بَيْعُ مُشْتَرِيهِ) ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ الْعُلُوقِ بِمِلْكِهِ كَالْبَيِّنَةِ، وَالْبَيْعُ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الدَّعْوَةِ لَا يَحْتَمِلُهُ فَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ.
(وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ الْوَلَدَ (الْمُشْتَرِي أَوْ كَاتَبَ) الْمُشْتَرَى (أُمَّهُ أَوْ رَهَنَ) الْوَلَدَ أَوْ أُمَّهُ (أَوْ آجَرَ) الْوَلَدَ أَوْ أُمَّهُ (أَوْ زَوَّجَهَا) أَيْ الْأُمَّ (ثُمَّ كَانَتْ الدَّعْوَةُ صَحَّتْ) أَيْ دَعْوَتُهُ (وَنُقِضَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَوَارِضَ يَحْتَمِل النَّقْضَ فَيُنْتَقَضُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَتَصِحُّ الدَّعْوَةُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّقْضَ عَلَى مَا مَرَّ.
(وَلَوْ بَاعَ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ وَلَدًا عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ) التَّوْأَمَ (الْآخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ (وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي) إذْ ثُبُوتُ
نَسَبِ أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ نَسَبَ الْآخَرِ، هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ عِنْدَ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَلَا يُنْتَقَضُ بَيْعُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَمَنْ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ) لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ (لَوْ قَالَ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ) أَوْ هُوَ ابْنُ عَبْدِ فُلَانٍ الْغَائِبِ (ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَا يَكُونُ ابْنَهُ) أَيْ ابْنُ ذِي الْيَدِ.
(وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ (جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْإِقْرَارُ بِمِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ، فَتُمْتَنَعُ دَعْوَتُهُ وَإِذَا صَدَّقَهُ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَدْرِ تَصْدِيقَهُ وَلَا تَكْذِيبَهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ عِنْدَهُمْ (وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ إنْ جَحَدَ) زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ، وَهُوَ ابْنُ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ فَصَارَ كَأَنَّ لَمْ يَكُنْ، وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ يُرِيدُ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ.
وَفِي الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ، هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنِّي يَصِحُّ إذْ بِالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ مِنِّي تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُقِرِّ وَالْمَقَرِّ لَهُ أَمَّا حَقُّ الْمَقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى يَنْتَفِيَ كَوْنُهُ مَخْلُوقًا مِنْ مَاءِ الزِّنَا فَإِذْ قَالَ لَيْسَ، هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّ الْوَلَدِ فَإِذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي لَا يَصِحُّ النَّفْيُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ وَإِذَا ثَبَتَ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ أَمَّا بِغَيْرِ التَّصْدِيقِ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِأَنَّهُ جُزْئِيٌّ لَكِنْ إذْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لَمْ يَبْطُلْ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ الِابْنِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَبُ الْإِقْرَارَ أَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقَرَّ إنِّي ابْنُهُ تُقْبَلُ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ ابْنِي مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ جُزْؤُهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ أَخُوهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ.
(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ (فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ رِقَّهُ وَ) ادَّعَى (الْكَافِرُ بُنُوَّتَهُ فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ الْكَافِرِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ أَيْنَمَا كَانَ وَالتَّرْجِيحُ يَسْتَدْعِي التَّعَارُضَ وَلَا تَعَارَضَ هَهُنَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلصَّبِيِّ وَاجِبٌ وَنَظَرُهُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَوْفَرُ؛ لِأَنَّهُ يَنَالُ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ حَالًا وَشَرَفُ الْإِسْلَامِ مَآلًا إذْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ ظَاهِرَةٌ، وَفِي عَكْسِهِ الْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا وَحِرْمَانُهُ عَنْ الْحُرِّيَّةِ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ اكْتِسَابُهَا وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ فَلْيُطَالَعْ.
قِيلَ مُسْلِمٌ أَيْضًا حَالًا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لَا عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ، هَذَا إذَا ادَّعَيَا مَعًا، وَإِنْ سَبَقَ دَعْوَى الْمُسْلِمِ كَانَ عَبْدًا لَهُ، وَإِنْ ادَّعَيَا الْبُنُوَّةَ كَانَ ابْنًا لِمُسْلِمٍ لِحُصُولِ الْإِسْلَامِ حَالًا.
(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ (فِي يَدِ زَوْجَيْنِ فَزَعَمَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَزَعَمَتْ) الزَّوْجَةُ (أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (ابْنُهُمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَقَرَّ لِلْوَلَدِ بِالنَّسَبِ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا ثُمَّ يُرِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا إبْطَالَ حَقِّ صَاحِبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ.
وَالْمُرَادُ مِنْ الصَّبِيِّ الصَّبِيُّ الْغَيْرُ مُعَبِّرٌ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ صَدَّقَهُ.
(وَلَوْ اسْتَوْلَدَ مُشْتَرَاتَهُ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَادَّعَاهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ) الْأَمَةُ بِدَعْوَى مُسْتَحِقٍّ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) وَكَذَا إذَا مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرَ الشِّرَاءِ أَيُّ سَبَبٍ كَانَ كَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ.