المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الشهادة في القتل واعتبار حاله] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[باب الشهادة في القتل واعتبار حاله]

فِي الْفَصْلَيْنِ أَيْ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ.

(وَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَمَاتَ بَعْدَمَا اُقْتُصَّ لَهُ مِنْ الْقَاطِعِ قُتِلَ قَاطِعُهُ) يَعْنِي لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَاقْتَصَّ لَهُ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَقْطُوعِ الثَّانِي قُتِلَ الْمَقْطُوعُ الثَّانِي بِهِ وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ قِصَاصًا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ قَتْلَ عَمْدٍ وَحَقُّ الْمُقْتَصِّ الْقَوَدُ وَاسْتِيفَاءُ الْقَطْعِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْقَوَدِ إذَا اسْتَوْفَى طَرَفَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى الْقَطْعِ فَقَدْ أَبْرَأَهُ عَمَّا وَرَاءَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّمَا أَقْدَمَ عَلَى الْقَطْعِ ظَنَّا مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ أَنَّ حَقَّهُ فِيهِ وَبَعْدَ السِّرَايَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ فِي الْقَوَدِ فَلَمْ يَكُنْ مُبَرِّئًا عَنْهُ بِدُونِ الْعِلْمِ بِهِ.

(وَمَنْ قُتِلَ لَهُ وَلِيٌّ عَمْدًا فَقَطَعَ يَدَ قَاتِلِهِ ثُمَّ عَفَا عَنْ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِ) أَيْ قَاطِعِ الْيَدِ (دِيَةُ الْيَدِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقَتْلِ وَهَذَا قَطْعٌ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ وَإِذَا سَقَطَ وَجَبَ الْمَالُ.

(وَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَاقْتَصَّ مِنْ قَاطِعِهَا) بِنَفْسِهِ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ (فَسَرَى) الْقَطْعُ (إلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُقْتَصِّ (دِيَةُ النَّفْسِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقَطْعِ لَا فِي الْقَتْلِ وَلَمَّا سَرَى كَانَ قَتْلًا لَا قَطْعًا فَصَارَ فِعْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ هُوَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ كَالرَّمْيِ إلَى الْحَرْبِيِّ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ مِنْهَا إذْ الْعَفْوُ مَنْدُوبٌ لَكِنْ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِانْدِرَائِهِ بِشُبْهَةٍ فَانْقَلَبَ إلَى الدِّيَةِ (خِلَافًا لَهُمَا فِيهِمَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْقَطْعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَهُوَ الْقَطْعُ فَسَقَطَ حُكْمُ السِّرَايَةِ إذْ الِاحْتِرَازُ عَنْ السِّرَايَةِ خَارِجٌ عَنْ وُسْعِهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَدِّ بَابِ الْقِصَاصِ كَالْإِمَامِ وَالْقَاضِي إذَا قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ وَكَالْبَزَّاغِ وَالْفَصَّادِ وَالْحَجَّامِ وَالْخَتَّانِ وَكَمَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدِي وَمَاتَ.

وَفِي الْمِنَحِ وَضَمَانُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ تَأْدِيبًا عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ كَضَرْبِ مُعَلِّمٍ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ وَمَوْلَاهُ وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ بِإِذْنِهِمَا لَا ضَمَانَ وَكَذَا يَضْمَنُ زَوْجُ امْرَأَةٍ ضَرَبَهَا تَأْدِيبًا.

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

ِ لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْقَتْلِ أَمْرًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَتْلِ أَوْرَدَهَا بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْقَتْلِ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّيْءِ كَانَ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ نَفْسِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ) بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ (ابْتِدَاءً لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ

ص: 632

وَالْمَيِّتُ لَيْسَ أَهْلًا لَأَنْ يَمْلِكَ شَيْئًا إلَّا مَا لَهُ إلَيْهِ حَاجَةٌ كَالْمَالِ مَثَلًا وَلِهَذَا يُجَهَّزُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ مَالِهِ وَطَرِيقُ ثُبُوتِهِ الْخِلَافَةُ وَعِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوِرَاثَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ مِلْكِ الْمُورِثِ ثُمَّ الِانْتِقَالَ مِنْهُ إلَى الْوَارِثِ وَالْخِلَافَةُ لَا تَسْتَدْعِي ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْخِلَافَةِ هَهُنَا مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَقُومَ شَخْصٌ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي إقَامَةِ فِعْلِهِ فَفِي الْقَتْلِ اعْتَدَى الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْهِ لَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إقَامَتِهِ فَالْوَرَثَةُ قَامُوا مَقَامَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَلَكَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى الْوَرَثَةِ (فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ (خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ فِيهِ) أَيْ فِي إثْبَاتِ فِعْلِ الْقِصَاصِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْهُمْ فَإِذَا أُقِيمَ الْقِصَاصُ أُقِيمَ بِجَمِيعِهِمْ (بِخِلَافِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لَأَنْ يَمْلِكَ الْمَالَ وَلِذَا لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً وَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ يَمْلِكُهُ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ (فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُ ابْنَيْنِ حُجَّةً بِقَتْلِ أَبِيهِمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ غَائِبٌ لَزِمَ إعَادَتُهَا) أَيْ إعَادَةُ الْحُجَّةِ (بَعْدَ عَوْدِ الْغَائِبِ) لِيُتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ قَبْلَ عَوْدِ الْغَائِبِ بَلْ إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ يُحْبَسُ الْقَاتِلُ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْقَتْلِ وَالْمُتَّهَمُ يُحْبَسُ فَإِنْ عَادَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْتُلَاهُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا لَا يَلْزَمُ إعَادَتُهَا بَعْدَ عَوْدِ الْغَائِبِ بَلْ يُحْبَسُ أَيْضًا إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ فَإِذَا عَادَ الْغَائِبُ فَلَهُمَا أَنْ يَقْتُلَاهُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ (وَفِي) قَتْلِ (الْخَطَأِ وَالدَّيْنِ لَا تَلْزَمُ) إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ إذَا جَاءَ الْغَائِبُ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَاضِرِ لِأَنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ بَلْ يُوجِبُ الدِّيَةَ فَطَرِيقُ ثُبُوتِهِ الْوِرَاثَةُ إجْمَاعًا وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ فِيمَا يَدَّعِي مَالًا لِلْمَيِّتِ أَوْ عَلَيْهِ كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى أَحَدٍ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً يَثْبُتُ حَقُّ الْجَمِيعِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ مِنْ الْبَاقِينَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَثْبُتُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَاقِينَ.

(وَلَوْ بَرْهَنَ الْقَاتِلُ عَلَى عَفْوِ) الْوَارِثِ (الْغَائِبِ فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ) عَنْ الْغَائِبِ (وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ) أَيْ لَوْ أَقَامَ الْقَاتِلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَارِثِ الْحَاضِرِ أَنَّ الْوَارِثَ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَفْوِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ سُقُوطَ حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَانْتِقَالَهُ إلَى الْمَالِ فَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ يَصِيرُ الْغَائِبُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ تَبَعًا وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْقَاتِلِ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ وَيَنْقَلِبُ إلَى الدِّيَةِ.

(وَكَذَا لَوْ قُتِلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ) فَأَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ شَرِيكَهُ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا عَنْهُ يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ لِمَا بُيِّنَ آنِفًا.

(وَلَوْ شَهِدَ وَلِيَّا قِصَاصٍ بِعَفْوِ أَخِيهِمَا لَغَتْ)

ص: 633

تِلْكَ الشَّهَادَةُ يَعْنِي إذَا كَانَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ ثَلَاثَةً فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمَا عَلَى الثَّالِثِ أَنَّهُ عَفَا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا وَهُوَ انْقِلَابُ الْقَوَدِ مَالًا وَهُوَ عَفْوٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا زَعَمَا أَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ سَقَطَ وَزَعْمُهُمَا مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ صَدَّقَهُمَا) أَيْ الْوَلِيَّيْنِ (الْقَاتِلُ فَقَطْ) وَكَذَّبَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا) لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ إيَّاهُمَا أَقَرَّ لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَلَزِمَ وَادَّعَى بُطْلَانَ حَقِّ الشَّرِيكِ فَلَمْ يُصَدَّقْ فَتَحَوَّلَ مَالًا وَغَرِمَ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ أَثْلَاثًا وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ.

(وَإِنْ كَذَّبَهُمَا) الْقَاتِلُ بَعْدَ أَنْ كَذَّبَهُمَا الْوَلِيُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ (فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) أَيْ لِلْوَلِيَّيْنِ الشَّاهِدَيْنِ (وَلِأَخِيهِمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ أَقَرَّا بُطْلَانَ حَقِّهِمَا فِي الْقِصَاصِ فَصَحَّ إقْرَارُهُمَا فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا وَادَّعَيَا انْقِلَابَهُ مَالًا فَلَا تُصَدَّقُ دَعْوَاهُمَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلِلْوَلِيِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِأَنَّ دَعْوَاهُمَا عَلَيْهِ الْعَفْوَ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَنْقَلِبُ نَصِيبُهُ مَالًا لِأَنَّ سُقُوطَ الْقِصَاصِ مُضَافٌ إلَيْهِمَا وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ.

(وَإِنْ صَدَّقَهُمَا أَخُوهُمَا فَقَطْ) دُونَ الْقَاتِلِ (غَرِمَ الْقَاتِلُ لَهُ) أَيْ لِلْأَخِ (ثُلُثَ الدِّيَةِ) يَعْنِي يَغْرَمُ الْقَاتِلُ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَهُوَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ (ثُمَّ يَأْخُذَانِهِ) أَيْ يَأْخُذُ الْمُخْبِرَانِ الثُّلُثَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّرِيكِ الْمُصَدَّقِ لِأَنَّ زَعْمَ الشَّرِيكِ أَنَّهُ عَفَا بِتَصْدِيقِ الْمُخْبِرَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَهُمَا عَلَى الْقَاتِلِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَمَا فِي يَدِ الشَّرِيكِ وَهُوَ ثُلُثُ الدِّيَةِ مَالُ الْقَاتِلِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمَا فَيُصْرَفُ إلَيْهِمَا لِإِقْرَارِهِ لَهُمَا بِذَلِكَ كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَيْسَ ذَلِكَ لِي وَإِنَّمَا هُوَ لِفُلَانٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَيْهِ فَكَذَا هَذَا، وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْقَاتِلَ شَيْءٌ لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْقَاتِلِ لَمْ يَثْبُتْ لِإِنْكَارِهِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاتِلُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَدْ بَطَلَ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَفْوِ لِكَوْنِهِ تَكْذِيبًا لَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَاتِلَ بِتَكْذِيبِهِ لِلشَّاهِدَيْنِ قَدْ أَقَرَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ سَقَطَ بِشَهَادَتِهِمَا كَمَا إذَا عَفَا وَالْمُقَرُّ لَهُ مَا كَذَّبَ الْقَاتِلَ حَقِيقَةً بَلْ أَضَافَ الْوُجُوبَ إلَى غَيْرِهِ فَجَعَلَ الْوَاجِبَ لِلشَّاهِدَيْنِ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ الْإِقْرَارُ كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ: عَلَيَّ كَذَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَيْسَ لِي وَلَكِنَّهُ لِفُلَانٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَا الْقَتْلِ فِي زَمَانِهِ) أَيْ زَمَانِ الْقَتْلِ (أَوْ مَكَانِهِ أَوْ) فِي (آلَتِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلَهُ بِعَصًا وَقَالَ الْآخَرُ: قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ (أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: ضَرَبَهُ بِعَصًا وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ بَطَلَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَكَرَّرُ فَالْقَتْلُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرُ الْقَتْلِ فِي زَمَانٍ آخَرَ وَمَكَانٍ آخَرَ وَكَذَا الْقَتْلُ بِآلَةٍ غَيْرُ الْقَتْلِ بِآلَةٍ أُخْرَى وَتَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ فَكَانَ عَلَى كُلِّ قَتْلٍ شَهَادَةُ فَرْدٍ

ص: 634

فَلَمْ تُقْبَلْ وَلِأَنَّ اتِّفَاقَ الشَّاهِدَيْنِ شَرْطٌ لِلْقَبُولِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ تَيَقَّنَ كَذِبَ أَحَدِهِمَا لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ مَا ذُكِرَ وَإِذَا بَيَّنَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُغَايِرُ الْمُقَيَّدَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُوجِبُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَالْمُقَيَّدَ يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا كَالصُّورَةِ الْأُولَى فَلَا تُقْبَلُ وَأَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ مُعَايَنَةً وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ كَانَ بَاطِلًا لِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا فِعْلٌ وَالْآخَرَ قَوْلٌ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَكَذَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ لَوْ كَمُلَ النِّصَابُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ شَهِدَا كَذَلِكَ فِي الْمَكَانِ لِتَيَقُّنِ الْقَاضِي بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْقَبُولِ وَلَوْ كَمَّلَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ دُونَ الْآخَرِ قُبِلَ الْكَامِلُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ كَمَا فِي الْمِنَحِ.

(وَإِنْ شَهِدَا بِالْقَتْلِ وَجَهِلَا الْآلَةَ) بِأَنْ قَالَا: لَا نَدْرِي بِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلَهُ (لَزِمَ الدِّيَةُ) اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ فَجُهِلَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ وَالْمُطْلَقُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ فَيَجِبُ أَقَلُّ مُوجِبِهِ وَهُوَ الدِّيَةُ وَلِأَنَّهُ يُحْمَلُ إجْمَالُهُمْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إجْمَالِهِمْ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ سَتْرًا عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ سَائِغٌ شَرْعًا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَجَازَ الْكَذِبَ فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ «لَيْسَ بِكَذَّابٍ مِنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقَالَ خَيْرًا» فَهَذَا مِثْلُهُ أَوْ أَحَقُّ مِنْهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْكَامِلِ فَلَا يَثْبُتُ الْخَطَأُ بِالشَّكِّ.

(وَلَوْ أَقَرَّ كُلُّ) وَاحِدٍ (مِنْ رَجُلَيْنِ بِقَتْلِ زَيْدٍ وَقَالَ وَلِيُّهُ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا فَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (قَتْلُهُمَا) جَمِيعًا لِأَنَّ تَكْذِيبَ الْوَلِيِّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ الِانْفِرَادُ بِالْقَتْلِ لَا يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ التَّفْسِيقُ لِأَنَّ فِسْقَ الْمُقِرِّ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِأَحَدِهِمَا: أَنْتَ قَتَلْتَهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ صَدَقْتُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي الِانْفِرَادَ بِالْقَتْلِ فَتَصْدِيقُهُ يُوجِبُ ذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَتَلْتَهُ وَحْدَك وَلَمْ يُشَارِكَ فِيهِ أَحَدٌ كَمَا تَقُولُ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِأَنَّ الْآخَرَ لَمْ يَقْتُلْهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: قَتَلْتُمَاهُ لِأَنَّهُ دَعْوَى الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ فَيَقْتُلُهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ كِلَاهُمَا كَانَ لِلْوَلِيِّ قَتْلُ الْمُقِرِّ دُونَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِأَحَدِ الْمُقِرِّينَ: صَدَقْت أَنْتَ قَتَلْتَهُ وَحْدَك كَانَ لَهُ قَتْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ ذَلِكَ لِأَحَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلِهِ خَطَأً وَحُكِمَ بِالدِّيَةِ وَجَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا ضَمَّنَتْ الْعَاقِلَةُ الْوَلِيَّ أَوْ الشُّهُودَ وَرَجَعَ الشُّهُودُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْعَمْدُ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي الرُّجُوعِ

ص: 635

وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمَا فِي الْخَطَأِ لَمْ يَضْمَنَا وَضَمِنَ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ لِلْعَاقِلَةِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.

(وَلَوْ شَهِدَا بِقَتْلِ زَيْدٍ عُمَرَ أَوْ) شَهِدَ (آخَرَانِ بِقَتْلِ بَكْرٍ إيَّاهُ وَادَّعَى وَلِيُّهُ قَتْلَهُمَا لَغَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ تَكْذِيبَ الْوَلِيِّ الشَّاهِدَ فِي بَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ وَهُوَ الِانْفِرَادُ فِي الْقَتْلِ يُبْطِلُ الشَّهَادَةَ أَصْلًا لِأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيقٌ وَفِسْقُ الشَّاهِدِ يَمْنَعُ الْقَبُولَ.

(وَالْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الرَّمْيِ) لِأَنَّ الرَّمْيَ فِعْلُ الرَّامِي وَلَا فِعْلَ لَهُ بَعْدَهُ يُوجِبُ اعْتِبَارَ حَالِهِ فِي حَقِّ الْمَحَلِّ وَالضَّمَانِ عِنْدَ ذَلِكَ (لَا الْوُصُولِ) أَيْ لَيْسَ الْمُعْتَبَرُ حَالَةَ الْوُصُولِ (فِي تَبَدُّلِ حَالِ الْمَرْمِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَوْ رَمَى مُسْلِمًا) عَمْدًا (فَارْتَدَّ فَوَصَلَ) السَّهْمُ (إلَيْهِ فَمَاتَ تَجِبُ الدِّيَةُ) عِنْدَهُ لِأَنَّ التَّضْمِينَ لِوَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ لِكَوْنِهِ مَعْصُومًا وَقْتَ الرَّمْيِ لَا الْقِصَاصِ لِانْدِرَائِهِ بِالشُّبْهَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مَعْصُومٍ فَيَكُونُ هَدَرًا وَلِأَنَّ الْمَرْمِيَّ إلَيْهِ كَانَ مُبَرِّئًا بِالِارْتِدَادِ عَنْ مُوجِبِهِ كَمَا إذَا أَبْرَأَ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ.

(وَلَوْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْوُصُولِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا) وَكَذَا إذَا رَمَى حَرْبِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ لِأَنَّ الرَّمْيَ مَا انْعَقَدَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْمَحَلِّ فَلَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا بِصَيْرُورَتِهِ مُتَقَوِّمًا بَعْدَ ذَلِكَ.

(وَإِنْ رَمَى عَبْدًا فَأُعْتِقَ فَوَصَلَ) السَّهْمُ إلَيْهِ بَعْدَ مَا أُعْتِقَ (فَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّامِي (قِيمَتُهُ عَبْدًا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَاتِلًا مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ وَقَدْ صَارَ هُوَ مَمْلُوكًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) عَلَيْهِ (فَضْلُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَرْمِيًّا وَغَيْرَ مَرْمِيٍّ) لِأَنَّ تَوَجُّهَ السَّهْمِ عَلَيْهِ أَوْجَبَ إشْرَافَهُ عَلَى الْهَلَاكِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ الرَّمْيِ أَلْفًا وَبَعْدَهُ ثَمَانَمِائَةٍ يَلْزَمُ الرَّامِيَ مِائَتَانِ وَقَالَ زُفَرُ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّ الرَّمْيَ يَصِيرُ عِلَّةً عِنْدَ الْإِصَابَةِ إذْ عِلَّةُ الْإِتْلَافِ لَا تَصِيرُ مِنْ غَيْرِ تَلَفٍ يَتَّصِلُ بِهِ وَقَدْ تَلِفَ بِهِ الْحَيُّ.

(وَإِنْ رَمَى مُحْرِمٌ صَيْدًا فَحَلَّ) مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ (فَوَصَلَ) السَّهْمُ إلَى الصَّيْدِ فَقَتَلَهُ (وَجَبَ الْجَزَاءُ) إذْ الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الرَّمْيِ (وَإِنْ رَمَاهُ حَلَالٌ فَأَحْرَمَ) بَعْدَ الرَّمْيِ (فَوَصَلَ) السَّهْمُ إلَى الصَّيْدِ فَقَتَلَهُ (فَلَا) يَجِبُ الْجَزَاءُ لِأَنَّ رَمْيَهُ وَقَعَ حَالَ كَوْنِهِ حَلَالًا وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ السَّهْمُ بَعْدَ إحْرَامِهِ.

(وَإِنْ رَمَى مَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَجْمٍ) أَيْ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِرَجْمِ رَجُلٍ فَرَمَاهُ رَجُلٌ (فَرَجَعَ شُهُودُهُ) بَعْدَ الرَّمْيِ (فَوَصَلَ) بَعْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ (لَا يَضْمَنُ) الرَّامِي لِمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةَ الرَّمْيِ وَهُوَ مُبَاحُ الدَّمِ فِيهَا.

(وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ صَيْدًا فَتَمَجَّسَ) أَيْ صَارَ مَجُوسِيًّا (فَوَصَلَ حِلَّ) الصَّيْدِ (وَفِي الْعَكْسِ) يَعْنِي لَوْ رَمَى مَجُوسِيٌّ صَيْدًا فَأَسْلَمَ فَوَصَلَ (يَحْرُمُ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ وَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنَّمَا عَدَلَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا رَمَى إلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الْإِصَابَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صَارَ مُبَرِّئًا لَهُ بِالرِّدَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ كَمَا فِي الْمِنَحِ.

ص: 636