الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين الأصل والفرع هو علة الحكم أو دليل العلة.
وأيضًا فالطهارة إنما وجبت لكونها صلاة، سواء تعلقت بالبيت أولم تتعلق، ألا ترى أنهم لما كانوا يصلون إلى الصخرة كانت الطهارة أيضًا شرطًا فيها، ولم تكن متعلقة بالبيت. وكذلك أيضًا إذا صلى إلى غير القبلة كما يصلي المتطوع في السفر، وكصلاة الخوف راكبًا؛ فإن الطهارة شرط، وليست متعلقة بالبيت، حتى قال: ثم هناك عبادة من شرطها المسجد، ولم تكن الطهارة شرطًا فيها كالاعتكاف
(1)
.
•
دليل من قال الطهارة واجبة ويصح الطواف بدونها وتجبر بدم:
استدلوا: على أن الطهارة واجبة بقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)[الحج: 29].
وجه الاستدلال:
أن الله سبحانه وتعالى أمر بالآية بالطواف، وهو اسم للدوران حول البيت، وذلك يتحقق من المحدث والطاهر، فاشتراط الطهارة في الطواف يكون زيادة على النص، ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد، ولا بالقياس؛ لأن الشرطية لا تثبت إلا بدليل قاطع، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد؛ لأنه يوجب العمل، ولا يوجب علم اليقين، والشرطية إنما تثبت بما يوجب علم اليقين فلم تصر الطهارة شرطًا، ولكنها واجبة، والدم يقوم مقام الواجبات في الحج
(2)
.
وهذا القول منهم ضعيف؛ لأن التفريق بين ما هو قطعي الدلالة، وما هو ظني الدلالة، والأول يصلح أن يكون دليلًا على الفرض، والثاني يكون دليلًا على الواجبات دون الشروط والأركان، والتفريق بين الواجب والفرض كل هذه الأمور مرجوحة لا تقوم على دليل صحيح، ولا يوافقهم فيها الجمهور. ثم الراجح من خبر
(1)
مجموع الفتاوى (26/ 212).
(2)
انظر المبسوط - السرخسي (4/ 38).
الآحاد أنه يفيد العلم ما لم يعارضه ما هو أقوى منه، وتجويز الخطأ في خبر الآحاد تجويز عقلي، والأصل عدمه، ولو فتح الباب للتجويز العقلي لهدم الشرع، وهي لا تخرج عن أوهام ووساوس، لا تبنى على أسس، إنما بنيت على شفا جرف هار، وقد كان البلاغ في الرسالة يقوم على خبر الواحد، وهو أصل الشرع، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل الآحاد من الصحابة لتبليغ رسالته، وتقوم الحجة به، فغيره من باب أولى. وليس هذا مقام بسط الكلام بالاحتجاج بخبر الواحد.
• أدلة القائلين بأن الطهارة من الحيض شرط ومن الحدث الأصغر سنة:
أما الدليل على كون الطهارة من الحيض شرطًا.
فالإجماع. قال ابن عبد البر: الحائض لا تطوف بالبيت، وهو أمر مجتمع عليه، لا أعلم فيه خلافًا
(1)
.
وقال ابن رشد: «اتفق المسلمون على أن الحيض يمنع أربعة أشياء، وذكر منها، قال: والثالث: فيما أحسب الطواف»
(2)
.
(3)
.
وقال ابن تيمية: «وأما الذي لا أعلم فيه نزاعًا أنه ليس لها أن تطوف مع الحيض، إذا كانت قادرة على الطواف مع الطهر، فما أعلم منازعًا أن ذلك يحرم عليها، وتأثم به»
(4)
.
(1)
التمهيد (17/ 265).
(2)
بداية المجتهد مع الهداية (2/ 59، 60).
(3)
المجموع (2/ 386).
(4)
مجموع الفتاوى (26/ 206).