الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في المستحاضة المتحيرة بالوقت فقط
[م-787] المتحيرة بالوقت: هي المرأة التي علمت عدد حيضها، ونسيت وقت عادتها.
وقد اختلف العلماء فيها.
القول الأول:
قالوا: إذا كانت ناسية لوقت الحيض، ذاكرة لعدده، فالقاعدة فيه:
أن كل زمان تيقنا فيه حيضها ثبت فيه جميع أحكام الحيض.
وكل زمان تيقنا فيه طهرها، ثبت فيه جميع أحكام الطاهرة المستحاضة،
وكل زمان أوجبنا فيه الاحتياط، فيجب عليها ما يجب على الطاهر من العبادات، وحكمها في الاستمتاع حكم الحائض.
ثم إن كان هذا الزمن المحتمل للطهر والحيض لا يحتمل انقطاع الحيض لزمها الوضوء لكل فريضة، ولا يجب الغسل.
وإن كان يحتمل انقطاع الحيض وجب الغسل لكل فريضة، لاحتمال انقطاع الدم قبلها، فإن علمت أنه كان ينقطع في وقت بعينه من ليل أو نهار اغتسلت كل يوم في ذلك
الوقت، ولا غسل عليها إلى مثل ذلك الوقت من اليوم الثاني. وهذا هو مذهب الحنفية
(1)
،
(1)
المبسوط (3/ 201) البحر الرائق (1/ 220) حاشية ابن عابدين (1/ 286 - 287).
قال السرخسي في المبسوط (3/ 201) فيمن هذه حالها:
وأصل آخر:
أنها متى أضلت أيامها في ضعفها من العدد أو أكثر من الضعف فلا يتيقن بالحيض في شيء منه، نحو ما إذا كانت أيامها ثلاثًا، فضلت ذلك في ستة أو ثمانية، لأنها لا تتيقن بالحيض في شيء من أوله وآخره، ومتى ضلت أيامها فيما دون ضعفه، يتيقن بالحيض في بعضه. نحو ما إذا كانت أيامها ثلاثًا فضلت ذلك في خمسة فإنها تتيقن بالحيض في اليوم الثالث، فإنه أول الحيض أو آخره، أو الثاني منه بيقين فتترك الصلاة فيه لهذا، إذا عرفنا هذا جئنا إلى بيان المسائل فنقول:
إن كانت تعلم أن أيامها كانت ثلاثة في العشر الآخر من الشهر، ولا تدري في أي موضع من العشر كانت، ولا رأي لها في ذلك، فهذه أضلت أيامها في أكثر من ضعفها، فتصلي ثلاثة أيام من أول العشر بالوضوء لوقت كل صلاة؛ لأنه تردد حالها في هذه المسألة بين الحيض والطهر، ثم بعد ذلك تغتسل لكل صلاة إلى آخر العشر؛ لأنه تردد حالها فيه بين الحيض والطهر والخروج من الحيض، إلا أنها إن كانت تذكر أن خروجها من الحيض في أي وقت من اليوم كان عليها أن تغتسل في كل يوم في ذلك الوقت مرة، وإن كانت لا تعرف ذلك تغتسل لكل صلاة.
فإن كانت أيامها أربعة فأضلت ذلك في العشرة، فإنها تتوضأ أربعة أيام من أول العشرة لوقت كل صلاة، لأنه تردد حالها فيه بين الحيض والطهر، ثم بعد ذلك تغتسل لكل صلاة إلى آخر العشرة، لأنه تردد حالها فيه بين الحيض والطهر والخروج من الحيض.
وإن كانت أيامها خمسة فأضلت ذلك فى عشرة، فإنها تصلي خمسة أيام من أول العشرة بالوضوء لوقت كل صلاة؛ لأنه تردد حالها فيه بين الحيض والطهر، ثم تصلي إلى آخر العشرة بالاغتسال لكل صلاة؛ لأنه تردد حالها فيه بين الحيض والطهر، والخروج من الحيض.
فإن كانت أيامها ستة، فأضلت ذلك في عشرة، فإنها تصلي من أول العشرة أربعة أيام بالوضوء لوقت كل صلاة، ثم تدع يومين، ثم تصلي في أربعة أيام بالاغتسال لكل صلاة؛ لأن الأربعة الأولى ترددت بين الحيض والطهر، فأما اليوم الخامس والسادس فهو حيض بيقين، لأنه إن =
والشافعية
(1)
.
= كانت أيامها من أول العشر فهذا آخر حيضها، وإن كانت من آخر العشر فهذا أول حيضها فلهذا تركت الصلاة فيهما بيقين، ثم في الأربعة الآواخر تردد حالها بين الحيض، والطهر والخروج من الحيض فتصلي فيه بالاغتسال لكل صلاة.
وإن كانت أيامها سبعة فأضلت ذلك في عشرة، فإنها تصلي ثلاثة من أول العشرة بالوضوء لوقت كل صلاة؛ لتردد حالها فيه بين الحيض والطهر. ثم تدع أربعة بيقين؛ لأن هذه الأربعة فيها يقين الحيض، فإنها آخر الحيض إن كانت البداية من أول العشرة، وأول الحيض إن كانت أيامها في آخر العشرة. ثم تصلي ثلاثة أيام بالاغتسال لكل صلاة؛ لتردد حالها فيه بين الحيض والطهر والخروج من الحيض.
وإن كانت أيامها ثمانية، فأضلت ذلك في عشرة.
فإنها تصلي في يومين من أول العشرة بالوضوء لوقت كل صلاة؛ لتردد حالها فيه بين الحيض والطهر.
ثم تدع الصلاة ستة؛ لأن فيها يقين الحيض.
ثم تصلي في اليومين الآخرين بالاغتسال لكل صلاة لتردد حالها فيه بين الحيض، والطهر والخروج من الحيض.
فإن كان أيامها تسعة فأضلتها في عشرة.
فإنها تصلي في يوم من أول العشرة بالوضوء لوقت كل صلاة لتردد حالها فيه بين الحيض والطهر.
ثم تدع الصلاة ثمانية أيام؛ لأن فيها يقين الحيض.
ثم تصلي في اليوم الآخر بالاغتسال لكل صلاة لتردد حالها بين الحيض والطهر.
فإن كانت أيامها عشرة، فهي واحدة؛ لأن إضلال العشرة في العشرة لا يتحقق».
(1)
المجموع (2/ 500) مغني المحتاج (1/ 118) نهاية المحتاج (1/ 353).
قال النووي في المجموع (2/ 500):
«فالقاعدة فيه: أن كل زمان تيقنا فيه حيضها ثبت فيه جميع أحكام الحيض. وكل زمان تيقن فيه طهرها، ثبت فيه جميع أحكام الطاهر المستحاضة، وكل زمان احتمل الحيض والطهر أوجبنا فيه الاحتياط فيجب عليها ما يجب على الطاهر من العبادات، وحكمها في الاستمتاع حكم الحائض، ثم إن كان هذا الزمان المحتمل للطهر والحيض لا يحتمل انقطاع الحيض لزمها الوضوء لكل فريضة، ولا يجب الغسل، وإن كان يحتمل انقطاع الحيض وجب الغسل لكل فريضة لاحتمال انقطاع الدم قبلها، فإن علمت أنه كان ينقطع في وقت بعينه من ليل أو نهار اغتسلت لكل يوم في ذلك الوقت ولا غسل عليها إلى مثل ذلك الوقت من اليوم الثاني.
ثم أخذ النووي بعد ذلك يضرب أمثلة لما قال: =
وأما مذهب الحنابلة
(1)
، فالمشهور من المذهب الحنبلي أن المرأة المستحاضة إذا كانت عالمة بالعدد ناسية للموضع جلست أيام حيضها من أول شهر هلالي.
وقيل: تجلسها بالتحري.
وكونهم اعتبروا الشهر الهلالي؛ لأن المواقيت الشرعية بالأهلة ولحديث حمنة
(2)
.
والقول بأنها تجلس أول الشهر الهلالي قول ضعيف، بل تجلس أول ما رأت الدم وتحسب شهرًا منذ رؤيته قياسًا على الزكاة، والعدد والديات، والكفارات وغيرها، إنما تبتدئ من حين الشروع سواء وافقت الهلال أو خالفته.
= مثاله:
لو قالت: كانت حيضتي ستة أيام من العشرة الأولى من الشهر فيجعل شهرها أربعة أقسام.
الأربعة الأولى زمن مشكوك فيه تحتمل الحيض والطهر، فتتوضأ لكل فريضة وتصلي.
وأما الخامس والسادس فهو حيض بيقين؛ لأنه إن بدأ الحيض في أول العشرة انتهى إلى آخر السادس، وإن انقطع على العاشر بدأ من الخامس فالخامس والسادس حيض لدخولهما في التقديرين.
وأما السابع، والثامن والتاسع والعاشر مشكوك فيه يحتمل الحيض والطهر، والانقطاع فيجب أن تغتسل لكل فريضة إلا أن تعلم أن الدم كان ينقطع في وقت من اليوم فيكفيها كل يوم غسل واحد في ذلك، وتتوضأ لباقي فرائض ذلك اليوم، وما بعد العشرة إلى آخر الشهر طهر بيقين».اهـ بتصرف وقال نحوه في الروضة (1/ 161، 162)، وقال في آخره:«ومتى كان القدر الذي أضلته زائدًا على نصف المضل فيه حصل حيض بيقين من وسطه، وهو الزائد على النصف مع مثله» . اهـ وهذا معنى ما ذكره السرخسي في المبسوط، وقد نقلته قبل قليل.
(1)
كشاف القناع (1/ 210) الفروع (1/ 275) الممتع شرح المقنع التنوخي (1/ 294) الإنصاف (1/ 368).
(2)
ما رواه أحمد (6/ 439): عن حمنة بنت جحش رضي الله عنها مرفوعًا، وفيه:
إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة في علم الله، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستيقنت واستنقأت، فصلي أربعًا وعشرين ليلة، أو ثلاثًا وعشرين ليلة، وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزئك .... الحديث. وإسناده ضعيف وسبق تخريجه. انظر: حديث رقم (1976، 1524).
وأما كونه يقدم دم الحيض على دم الاستحاضة؛ لأن دم الحيض جبلة ودم الاستحاضة عارض، فإذا رأت الدم وجب تقديم دم الحيض ولحديث حمنة.
وهذا هو القول الراجح: أنها تجلس أيام حيضها من أول ما رأت الدم ثم الباقي استحاضة.
* * *