الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول في غسل فرج المستحاضة عند الوضوء
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• كل دم لا يمنع الصلاة والصيام والجماع والاعتكاف فهو دم طاهر، والاستنجاء منه مستحب.
[م-790] لم يذكر ذلك الحنفية، ولعل ذلك لأن الاستنجاء ليس بواجب عندهم
(1)
وغسله إنما هو من قبيل الاستنجاء.
وفي استحباب غسل فرج المستحاضة عند المالكية قولان مبنيان على استحباب
(1)
بدائع الصنائع (1/ 18)، وقال في الاختيار (1/ 36):«والاستنجاء سنة من كل ما يخرج من السبيلين إلا الريح» .اهـ
ولا شك أن دم الاستحاضة خارج من أحد السبيلين، فالاستنجاء منه ليس بواجب عندهم. والحنفية لم يوجبوا غسله حتى ولو أصاب ثوبها.
قال في البحر الرائق (1/ 227): «وينبغي لصاحب الجرح أن يربطه تقليلًا للنجاسة، ولو سال على ثوبه فعليه أن يغسله إذا كان مفيدًا بأن لايصيبه مرة أخرى، وإن كان يصيبه المرة بعد الأخرى أجزأه، ولايجب غسله ما دام العذر باقيًا، وقيل: لايجب غسله أصلًا، واختار الأول السرخسي، والمختار ما في النوازل: إن كان لو غسله تنجس ثانيًا قبل الفراغ من الصلاة جاز أن لايغسله، وإلا فلا» . اهـ وهذا مقيس عليه.
الوضوء من الحدث الدائم
(1)
، وهو قول في مذهب الحنابلة
(2)
.
وأوجب غسل الفرج الشافعية، والحنابلة
(3)
.
وهل يكفي غسله مرة واحدة؟ أو تغسله لكل صلاة؟
المشهور من مذهب الشافعية ما قاله النووي: في شرح صحيح مسلم:
(4)
.
وأما المشهور من المذهب الحنبلي أنه لا يلزمها غسل الفرج لكل صلاة إذا لم تفرط
(5)
. وفي مذهب الحنابلة قولان آخران:
قيل: يلزمها ذلك. وقيل يلزمها إن خرج شيء، وإلا فلا
(6)
.
(1)
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (1/ 136)، الذخيرة للقرافي (1/ 215)، النوادر والزيادات (1/ 27، 58).
(2)
قال ابن رجب في شرحه للبخاري (2/ 68): «واختلفوا، هل يجب عليها غسل الدم، والتحفظ والتلجم عند كل صلاة؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد» .
(3)
انظر في مذهب الشافعية: مغني المحتاج (1/ 111)، روضة الطالبين (1/ 137)، حاشية البيجوري (1/ 212).
وانظر في مذهب الحنابلة: الإنصاف (1/ 377)، كشاف القناع (1/ 214)، المحرر (1/ 27)، المغني (1/ 421).
(4)
شرح النووي لصحيح مسلم (4/ 25).
(5)
قال في الإنصاف (3/ 377): «وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، وقدمه في الفروع وغيره، وجزم به المصنف والشارح، وصححه المجد في شرحه
…
إلخ كلامه رحمه الله. وقال في كشاف القناع (1/ 214): «ولا يلزمها إذن إعادة شده، ولا إعادة غسله لكل صلاة إن لم تفرط في الشد للحرج، فإن فرطت في الشد وخرج الدم بعد الوضوء أعادته؛ لأنه حدث أمكن التحرز منه» اهـ.
(6)
الفروع (1/ 279) الإنصاف (1/ 377، 378).
• أدلة الشافعية والحنابلة على وجوب غسل الفرج:
استدلوا بأدلة عامة، وخاصة، أما الدليل الخاص.
(2000 - 460) فقد استدلوا بما رواه البخاري من طريق أبي معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا؛ إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي. ورواه مسلم
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (فاغسلي عنك الدم وصلي).
فالأمر يقتضي التكرار كلما وجد سببه.
• ويجاب:
بأن صيغة الأمر هل تقتضي التكرار فيها خلاف مشهور، والصحيح أنه في الحديث لا يقتضي التكرار. قال ابن رجب في شرحه للبخاري:«وربما يرجع هذا الاختلاف إلى الاختلاف المشهور في أن الأمر المطلق هل يقتضي التكرار أم لا؟ وفيه خلاف مشهور، لكن الأصح هنا أنه لا يقتضي التكرار لكل صلاة، فإن الأمر بالاغتسال وغسل الدم إنما هو معلق بانقضاء الحيضة وإدبارها فإذا قيل: إنه يقتضي التكرار لم يقتضه إلا عند إدبار كل حيضة فقط»
(2)
.
وأما الأدلة العامة:
فهي من قبيل القياس، فيقاس غسل الفرج من دم الاستحاضة بأحاديث
(1)
صحيح البخاري (228)، ومسلم (333).
(2)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 68).