الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في المستحاضة المعتادة غير المميزة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الأصل أن دم الاستحاضة (النزيف) لا يمنع نزول الدورة.
• الأصل أن المرأة يأتيها الحيض في وقت الاستحاضة كما كان يأتيها قبل المرض، فيستصحب ذلك.
• سلطان العادة أقوى من سلطان التمييز: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ولم يلتفت للتمييز.
• قد يكون دم الاستحاضة قويًا فيغلب على دم الحيض فيستتر دم الحيض بدم الاستحاضة.
[م-785] إذا كانت المستحاضة المعتادة غير مميزة، وغير المميزة إما حسًا، وهو الصحيح: بأن يكون دمهاعلى صفة واحدة، لا يتميز بعضه من بعض.
أو تكون غير مميزة حكمًا على قول كما لو كان الدم الذي يصلح للحيض ينقص عن أقل الحيض، أو يزيد على أكثره عندهم، أو لم يتقدمه طهر صحيح
(1)
.
(1)
وهو مبني على أن الحيض له حد لأقله وأكثره. وقد بينت الخلاف في هذه المسألة.
إذا عرفنا المستحاضة المعتادة غير المميزة، فقد اختلف العلماء في القول فيها:
فقيل: تجلس مقدار عادتها ثم تغتسل وتصلي، وهو المشهور من مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة
(1)
.
وفي مذهب مالك فيمن استمر معها الدم وكان لها عادة معلومة ثلاث روايات، وسبب اختلاف الروايات: أن المرأة إذا زاد الدم على عادتها، لا تدري في أول أمرها هل هذا انتقال للعادة، أو استحاضة، فإذا تيقن أنه استحاضة، فإنهم يتفقون على أنها إذا لم تميز فهي مستحاضة تصلي وتصوم أبدًا ولو مكثت طول عمرها حتى يتميز الدم، وكذا لو ميزت قبل تمام الطهر فهي مستحاضة، فإذا ميزت أو انقطع الدم، ثم جاء بعد انقطاعه دفعة من الدم تنكره، وقد سبقه طهر فهو حيضها، إذا علم ذلك نأتي على ذكر الرويات.
الراوية الأولى: أنها تجلس عادتها، وتستظهر بثلاثة أيام، ومحل الاستظهار بالثلاثة ما لم تجاوز نصف الشهر، فمن كانت عادتها خمسة عشر يومًا فلا استظهار عليها، ومن عادتها أربعة عشر يومًا استظهرت بيوم واحد فقط، ومن كانت عادتها سبعة أيام استظهرت بثلاثة فقط، ثم اغتسلت وصامت وصلت، فإن استمر الدم لا يتميز فهي مستحاضة أبدًا تصلي وتصوم حتى يتميز دمها، فإن تميز بعد مضي مدة أقل الطهر صارت حائضًا من وقت تغيره وكذا لو انقطع الدم، ثم أتاها دفعة من الدم تنكره بعد مضي مدة أقل الطهر، وبهذا تصبح مستحاضة معتادة مميزة وقد عرفت حكمها في
(1)
انظر في مذهب الحنفية: بدائع الصنائع (1/ 41)، البناية ـ العيني (1/ 665)، المبسوط (3/ 178).
وانظر في مذهب الشافعية: الوسيط (1/ 430)، روضة الطالبين (1/ 145)، حاشية الشيخ إبراهيم البيجوري على متن أبي شجاع (1/ 214)، نهاية المحتاج (1/ 344).
وفي مذهب الحنابلة، قال في الإنصاف (1/ 365):«اعلم أنه إذا كانت المستحاضة لها عادة تعرفها، ولم يكن لها تمييز، فإنها تجلس العادة بلا نزاع» . اهـ. وانظر الإقناع (1/ 66)، المحرر (1/ 26، 27)، الفروع (1/ 274).
الفصل السابق. هذا قول مالك، وأصل مذهبه، والمذكور في المدونة
(1)
.
وبقي في مذهب مالك عدة روايات.
قيل: تقعد إلى تمام خمسة عشر يومًا ثم هي مستحاضة تصوم وتصلي حتى يتميز دمها
(2)
.
وقيل: تقعد عادتها بدون استظهار ثم تغتسل وتصلي وتبقى في حكم الطاهرات حتى يتميز. وهذا قول محمد بن مسلمة
(3)
.
وقيل: تقعد أيامها المعتادة ثم تغتسل وتصلي وتصوم، ولا يأتيها زوجها، فإن انقطع الدم ما بينها وبين خمسة عشر يومًا علم أنها حيضة، وانتقلت إليها، ولا يضرها ما صامت وصلت فيه، وإن تمادى بها الدم على خمسة عشر يومًا علم أنها
(1)
المدونة (1/ 50)، فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 490)، المقدمات الممهدات (1/ 130)، الشرح الصغير (1/ 210)، المعونة (1/ 192)، التفريع لابن الجلاب (1/ 208)، الكافي (ص: 33)، الشرح الكبير (1/ 171).
ولم يبين مالك رحمه الله إن كان يطؤها زوجها فيما بينها وبين الخمسة عشر يومًا ومن ثم اختلف أصحابه على قولين.
الأول: أنها بعد الاستظهار، تغتسل وجوبًا، وتصلي، وتصوم، وتطوف إن كانت حاجة، ويأتيها زوجها.
وهو ظاهر رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة. وعلى هذه الرواية يكون غسلها بعد تمام خمسة عشر يومًا استحبابًا لا وجوبًا.
الثاني: أنها بعد الاستظهار، تغتسل استحبابًا، وتصوم وتقضي الصيام ولا يطؤها زوجها، ولا تطوف طواف الإفاضة إلى تمام خمسة عشر يومًا ثم تغتسل وجوبًا وتكون مستحاضة. وهذا ظاهر رواية ابن وهب عن مالك في كتاب الوضوء من المدونة.
والأول: هو الراجح في مذهب مالك، اختاره صاحب الشرح الصغير (1/ 210) ومختصر خليل (ص 19) وقال في حاشية الدسوقي (1/ 169): وهذا مذهب المدونة.
(2)
المقدمات الممهدات (1/ 131)، فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 490)،
(3)
المقدمات (1/ 131)، وهذا القول من محمد بن مسلمة موافق لما ذهب إليه الجمهور في القول الأول.