الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعقبه الحافظ ابن حجر في الفتح، فقال: «غفل رحمه الله عما ثبت في صحيح مسلم من رواية أنس بن سيرين، على وفاق ما روى سعيد بن جبير، وفي سياقه ما يشعر بأنه إنما راجعها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه: سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق، فقال: طلقتها وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها لطهرها. قال: فراجعتها، ثم طلقتها لطهرها. قلت: فاعتددت بتلك التطليقة. فقال: ما لي لا أعتد بها، وإن كنت عجزت واستحمقت.
وعند مسلم أيضًا من طريق ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، عن سالم في حديث الباب: وكان عبدالله بن عمر طلقها تطليقة. فحسبت من طلاقها، فراجعها كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
» إلخ ما ذكره في الفتح رحمه الله
(1)
.
الدليل الرابع:
أن مذهب ابن عمر الاعتداد بالطلاق في الحيض، وهو صاحب القصة، وأعلم الناس بها، ومن أشدهم اتباعًا للسنن، وتحرجًا من مخالفتها.
وإليك الأدلة على كون ابن عمر يرى أنها حسبت عليه بتطليقة. وأنه يرى وقوع طلاق الحائض.
(1935 - 395) منها ما رواه مسلم من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت يونس بن جبير، قال:
سمعت ابن عمر يقول: طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال صلى الله عليه وسلم: ليراجعها، فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها. قال: فقلت لابن عمر، احتسبْتَ بها؟ قال: ما يمنعه، أرأيت إن عجز واستحمق. وهو في البخاري وليس فيه قوله:(ما يمنعه) وإنما فيه: (أرأيت إن عجز واستحمق)
(2)
.
(1)
الفتح (9/ 444) ح 5253.
(2)
صحيح مسلم (10 ـ 1471) البخاري (5258)، ومسلم (5333).
ورواه أحمد، من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
وفيه: (فقلت لابن عمر: أيحسب طلاقه ذلك طلاقًا؟ قال: نعم. أرأيت إن عجز واستحمق)
(1)
.
[وسنده صحيح].
(1936 - 396) وفي رواية لمسلم، من طريق عبد الملك، عن أنس بن سيرين قال: سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق؟ فقال: طلقتها وهي حائض، فذكر ذلك لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها لطهرها. قال: فراجعتها، ثم طلقتها لطهرها، قلت: فاعتددت بتلك التطليقة التي طلقت وهي حائض. قال: ما لي لا أعتد بها، وإن كنت عجزت واستحمقت
(2)
.
ورواه البخاري، ومسلم، من طريق شعبة، عن أنس بن سيرين به. وفيه: قلت تحتسب قال: فمه؟ .
وفي لفظ مسلم: أفاحتسبت بتلك التطليقة؟ قال: فمه
(3)
.
(4)
.
قلت: قوله (عجز) أي عن الصبر عن الطلاق حتى تطهر فيوقع الطلاق في زمن الطهر، ودفعه عجزه عن الصبر إلى وقوع الطلاق في زمن الحيض.
وقوله: (واستحمق) أي فعل فعل الأحمق بمخالفة المشروع فعجزه واستحماقه لا يمنع وقوع طلاقه.
(1)
المسند (2/ 43).
(2)
صحيح مسلم (11 ـ 1471).
(3)
صحيح البخاري (5252) ومسلم (12 ـ 1471).
(4)
شرح السنة (9/ 204).
وقال ابن حجر: «قوله: فمه؟ أصله: فما، وهو استفهام فيه اكتفاء: أي فما يكون إن لم تحتسب، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية، وهي كلمة تقال للزجر: أي كف عن هذا الكلام فإنه لابد من وقوع الطلاق بذلك.
قال ابن عبد البر: قول ابن عمر (فمه) معناه فأي شيء يكون إذا لم يعتد بها؟ إنكارًا لقول السائل: أيعتد بها، فكأنه قال: وهل من ذلك بد
(1)
.
وقوله: (أرأيت إن عجز واستحمق) أي إن عجز عن فرض فلم يقمه، أو استحمق فلم يأت به أيكون ذلك عذرًا له؟
وقال الخطابي: في الكلام حذف: أي أرأيت إن عجز واستحمق أيسقط عنه الطلاق حمقه أو يبطله عجزه؟ وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه».اهـ
وقد روى مسلم، من طريق الزبيدي، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله،
عن عبد الله بن عمر، وفيه: قال ابن عمر: فراجعتها، وحسبت لها التطليقة التي طلقتها
(2)
.
وقد كان نافع وسالم وهما أحفظ من روى عن ابن عمر وأثبت من روى عنه، كانا إذا سئلا عن التطليقة التي فعلها ابن عمر هل اعتد بها قالا: نعم.
فقد روى مسلم، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر قال: طلقت امرأتي على عهد رسول الله وهي حائض فذكر الحديث وفي آخره: قال عبيد الله قلت لنافع: ما صنعت تلك التطليقة؟ قال: واحدة اعتد بها
(3)
.
ورواه مسلم من طريق محمد (وهو ابن أخي الزهري)، عن عمه (ابن شهاب)، عن سالم بن عبد الله،
أن عبد الله بن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض. فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم
(1)
الفتح (5253).
(2)
صحيح مسلم (1471).
(3)
صحيح مسلم (2 - 1471).