الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في المستحاضة المعتادة المميزة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• سلطان العادة أقوى من سلطان التمييز: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ولم يلتفت للتمييز.
• اللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته على الحيض بخلاف العادة، فما لا تبطل دلالته أقوى وأولى.
• العادة محكمة.
• العادة إنما كانت عادة للمرأة لثبوتها واستقرارها بخلاف التمييز، فهو ليس له صفة التكرار، وما كان متكررًا فهو أقوى بالاعتبار.
• لا يمكن التمييز بين دم الحيض والاستحاضة إلا إذا غلب دم الحيض على دم الاستحاضة.
• إذا كثر دم الاستحاضة غلب على دم الحيض فاستتر به دم الحيض، لهذا قدمت العادة على التمييز.
وقيل:
• التمييز علامة في موضع النزاع والعادة علامة في نظيره، والدلالة على الشيء بصفته أولى من الدلالة عليه بنظيره.
• التمييز دلالة حاضرة، والعادة دلالة ماضية، والدلالة الحاضرة أولى اعتبارا من الدلالة الماضية.
[م-784] اختلف العلماء في المستحاضة المعتادة المميزة:
فقيل: إذا زاد الدم على عشرة أيام ردت إلى عادتها، وما زاد فهي مستحاضة، فتجلس مقدار عادتها، ولاتعمل بالتمييز. وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: المستحاضة المعتادة التي تميز دمها فترى منه دمًا أسود محتدمًا منتنًا، وبعضه أصفر رقيقًا، فإن الدم الأسود حيض، ولكن هل تجلس مقدار الدم الأسود، أو تجلس مقدار عادتها؟
(2)
.
فقيل: تجلس من الأسود مقدار عادتها المعلومة قبل الاستحاضة، ثم تغتسل وتصلي وتبقى مستحاضة، ورجحه ابن عبدالبر في الكافي
(3)
.
(1)
إذا زاد الدم على عادتها، فهل تستمر على ترك الصلاة والصيام؟
في مذهب الحنفية قولان:
الأول: أنها تصلي وتصوم، لاحتمال أن يجاوز الدم عشرة أيام فتكون مستحاضة، فما دام أن الزيادة مترددة بين الحيض والاستحاضة فلا تترك لها الصلاة والصيام حتى يعلم أن الزيادة حيض، وذلك بانقطاعها لعشرة أيام فما دون، وهذا اختيار أئمة بلخ كما في البناية (1/ 665).
الثاني: قالوا: تترك الصلاة والصيام استصحابًا للحال، ولأن دم الحيض دم صحة، ودم الاستحاضة دم علة، والأصل الصحة والسلامة من المرض.
وصححه ابن الهمام في شرح فتح القدير (1/ 177)، والزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 64)، وصححه في المجتبى كما في البناية (1/ 660).
(2)
البحر الرائق (1/ 224)، شرح فتح القدير (1/ 176 - 177)، تبيين الحقائق (1/ 64)، البناية للعيني (1/ 665)، بدائع الصنائع (1/ 41).
(3)
الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 32 ـ 33).
وقيل: إن استمر بها الدم الأسود جلست مقدار عادتها واستظهرت بثلاثة أيام ثم اغتسلت وصلت، وإن لم يستمر بها الدم الأسود جلست مقدار عادتها فقط ثم هي مستحاضة، ورجحه الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير
(1)
.
وقيل: إن استمر بها الدم الأسود جلست إلى تمام خمسة عشر يومًا ثم هي مستحاضة، ثم بعد ذلك إن استمر بها الدم على صفة واحدة لم يتميز فهي مستحاضة في حكم الطاهرة، ولو مكثت عمرها كله هكذا، وإن تميز دمها فإن كان بعد طهر تام فالمميز حيض تجلسه على التفصيل السابق
(2)
.
هذا تفصيل الأقوال في مذهب مالك
(3)
.
(1)
الشرح الصغير (1/ 213).
(2)
مثاله: امرأة لها عادة معلومة ستة أيام، جاءها الدم فجلست عادتها، ثم تمادى بها الدم حتى جاوز خمسة عشر يومًا، فهي الآن مستحاضة .. فما حكمها؟
تنظر إلى الدم، فإن كان على صفة واحدة لم يتميز، فإننا نحكم لها بأنها طاهرة أبدًا تصلي وتصوم ويطؤها زوجها، ولو مكثت عمرها كله هكذا، وإن كان دمها يتميز بعضه أسود وبعضه أحمر، فإن رأت الدم الأسود بعد خمسة عشر يومًا من اغتسالها، فإن الدم الأسود حيض لأنه جاء بعد طهر صحيح، ولكن هل تجلس مقدار الدم الأسود فقط أو تجلس مقدار عادتها؟
فقيل: تجلس مقدار عادتها فقط، وهو الذي رجحه ابن عبدالبر.
وقيل: إن استمر الدم الأسود جلست عادتها وأضافت ثلاثة أيام استظهارًا على عادتها.
وقيل: إن استمر جلست خمسة عشر يومًا ثم اغتسلت، وهكذا تستمر تصلي حتى ترى دمًا مميزًا بعد طهر صحيح خمسة عشر يومًا، فإذا رأته جلست.
(3)
قال الخرشي (1/ 206): «المستحاضة إن لم تميز بين الدمين، فلا إشكال أنها على حكم الطاهر، ولو أقامت طول عمرها، وتعتد عدة المرتابة، وإن كانت تميزه فالمميز من الدم إما أن يكون قبل طهر تام -التام: ما بلغ خمسة عشر يومًا فأكثر- فلا حكم له، وإما أن يكون بعد طهر تام من يوم حكم لها بالاستحاضة فالمميز حيض بالعبادة اتفاقًا، وفي العدة على المشهور، ثم قال: والدم المميز برائحة أو لون، أو رقة أو ثخن لا بكثرة أو قلة، لأنها تابعات للأكل والشرب، والحرارة والبرودة، ومفهوم قوله: «مميز» لو لم يميز فهو استحاضة ومفهوم «بعد الطهر» أن المميز قبل طهر تام استحاضة». اهـ
وقال الصاوي في الشرح الصغير (1/ 213): ومفهوم قول المصنف «(فإن ميزت بعد طهر تم) أنها إذا لم تميز فهي مستحاضة أبدًا، ويحكم عليها بأنها طاهر، ولو مكثت طول عمرها» .