الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستنجاء والاستجمار، من البول والمذي ونحو ذلك بجامع أن كلًا منها قطع للنجاسة من السبيلين. وأحاديث الاستنجاء كثيرة، ويكفي منها:
(2001 - 461) ما رواه مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية ووكيع والأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان، قال:
قيل له: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم
(1)
.
ولا يسلم القياس إلا بتحقق أمرين:
أولهما: أن يكون غسل الفرج قاطعًا للخارج، كما أن الاستنجاء يقطع الخارج. وهذا لا يتحقق هنا؛ لأن الاستنجاء هنا لن يقطع دم الاستحاضة.
وثانيهما: أن يكون دم الاستحاضة نجسًا، كالحال في الاستنجاء من البول والغائط، وأما من رأى أن دم الاستحاضة طاهر؛ لأنه دم عرق، مثله مثل دم سائر العروق من البدن، فلا يسلم القياس، ولا يوجب غسل الفرج؛ لأنه كالمني لا يجب الاستنجاء منه. والله أعلم.
•
أدلة الحنفية على وجوب الاستنجاء وغسل الفرج من دم الاستحاضة
.
الدليل الأول:
(2002 - 462) ما رواه أحمد، قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا عيسى ابن يونس، حدثنا ثور بن يزيد، عن حصين الحبراني، عن أبي سعد،
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج عليه. ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج، ومن أكل فما تخلل فليلفظ، ومن أكل بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن،
(1)
صحيح مسلم (262).
ومن لا، فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج
(1)
.
[ضعيف، يرويه مجهول، عن مجهول]
(2)
.
وجه الاستدلال:
قال الكاساني: «الاستدلال به من وجهين:
أحدهما: أنه نفى الحرج في تركه، ولو كان فرضًا لكان في تركه حرج.
الثاني: أنه قال: (من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج)، ومثل هذا لا يقال في المفروض، وإنما يقال في المندوب إليه، والمستحب»
(3)
.
• والجواب على هذا الحديث من وجهين:
الأول: أن نفي الحرج لا يرجع إلى الاستنجاء، وإنما يرجع إلى الإيتار؛ لأنه أقرب مذكور، وهو صفة في الاستنجاء، وليس في أصله.
الثاني: أن الحديث ضعيف، وما بني على الضعيف فهو ضعيف.
• الراجح:
يرجع وجوب الاستنجاء من دم الاستحاضة إلى حكم دم الاستحاضة، هل هو نجس، أو طاهر؟ وهل الحكم للمخرج أو للخارج.
فالمجزوم فيه أن دم الاستحاضة ليس كدم الحيض، فلا يمنع من الصلاة والصيام، وصح اعتكاف المستحاضة، رغم أن دمها ينزف، فمن رأى ما خرج من السبيل يجب الاستنجاء منه طاهرًا كان أو نجسًا أوجب الاستنجاء من دم الاستحاضة، ومن رأى أن الحكم للخارج وليس للمخرج، فالمخرج يخرج منه المني والريح، وهما طاهران،
(1)
المسند (2/ 371).
(2)
انظر تخريجه في المجلد السابع، ح:(1262).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 18).
ويخرج البول والمذي وهما نجسان، جعل دم الاستحاضة دم عرق، وهو دم طاهر، ولو كان نجسًا لمنع الزوج من الجماع، كما منع في الدبر، وما كان طاهرًا فإنه لا يوجب استنجاء، والله أعلم.
* * *