الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
مذهب المالكية في النفاس المتقطع
، نحو مذهبهم في الحيضة المتقطعة
(1)
.
قالوا: المرأة إذا أتاها دم، ثم انقطع، ثم نزل دم آخر، فإن كان بين الدمين طهر صحيح خمسة عشر يومًا فالدم الثاني حيض مستأنف، والأول نفاس.
وإن كان الطهر لا يبلغ نصف شهر كأن يأتيها الدم يومًا ثم تطهر يومين ثم يأتيها يومًا آخر وهكذا، فإنها تلفق من أيام الدم ستين يومًا، وتلغي أيام الانقطاع، وتغتسل كلما انقطع، وتصوم وتصلي وتوطأ
(2)
.
القول الثالث:
ذهب الشافعية
إلى أن المرأة إذا رأت يومًا دمًا ويومًا نقاء فلها حالان:
الأولى: أن ينقطع دمها، ولا يتجاوز ستين يومًا:
الثاني: أن يجاوز التقطع ستين يومًا.
الحال الأولى: إذا لم يجاوز ستين يومًا
(3)
، نظر: فإن لم يبلغ مدة النقاء بين الدمين أقل الطهر: وهو خمسة عشر يومًا: ففيه قولان مشهوران.
أحدها: أن أيام الدم نفاس، وأيام النقاء طهر.
التعليل: لأن الدم إذا دل على النفاس، وجب أن يدل النقاء على الطهر. وهذا يسمى قول اللفظ أو التلفيق.
الثاني: أن أيام الدم وأيام النقاء كلها نفاس. ويسمى قول السحب واختلف
(1)
الشرح الصغير (1/ 212) أسهل المدارك (1/ 89) مقدمات ابن رشد (1/ 132) مواهب الجليل (1/ 369 - 370) منح الجليل (1/ 169 - 170).
(2)
الشرح الصغير (1/ 217)، الخرشي (1/ 210)، أسهل المدارك (1/ 92)، مقدمات ابن رشد (1/ 132) حاشية الدسوقي (1/ 175) قال: ومحل التلفيق مالم لم يأت الدم بعد طهر تام، وإلا كان حيضًا مؤتنفًا.
(3)
قيدوه بالستين؛ لأن النفاس أكثره عندهم ستون يومًا.
الشافعية في الأصح منهما.
قال النووي: «صحح الأكثرون قول السحب»
(1)
.
وقال الماوردي: «الذي صرح به الشافعي في سائر كتبه أن كل ذلك حيض أيام الدم وأيام النقاء»
(2)
.
قلت: وحكم النفاس عندهم حكم الحيض في هذه المسألة.
ووجهه: أن عادة النساء في الحيض مستمرة بأن يجري الدم زمانًا، ويرقأ زمانًا، وليس من عادته أن يستديم جريانه إلى انقضاء مدته، فلما كان زمان إمساكه نفاسًا، لكونه بين دمين، كان زمان النقاء نفاسًا لحصوله بين دمين. فعلى هذا تكون المدة كلها نفاسًا، يحرم عليها في أيام النقاء ما يحرم عليها في أيام الدم.
أما إذا بلغت مدة النقاء أقل الطهر خمسة عشر يومًا فصاعدًا، ثم عاد الدم.
فالأصح أن العائد دم حيض، والأول نفاس، وما بينهما طهر؛ لأنهما دمان تخللهما طهر كامل، فلا يضم أحدهما إلى الآخر كدمي الحيض.
والوجه الثاني: أنه نفاس، لوقوعه في زمن الإمكان، كما لو تخللهما دون خمسة عشر يومًا، وأما النقاء المتخلل ففيه قولان: أحدهما أنه طهر. والثاني: أنه نفاس.
الحال الثاني: أن ترى يومًا دمًا ويومًا نقاء ويتجاوز ستين يومًا، فهذه مستحاضة اختلط حيضها باستحاضتها. قال النووي:«هذا هو الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي في كتاب الحيض، وقطع به جماهير الأصحاب المتقدمين والمتأخرين»
(3)
. وقد تكلمنا عن أحكام المستحاضة في باب مستقل، فارجع إليه إن شئت
(4)
.
(1)
المجموع (2/ 518).
(2)
الحاوي (1/ 424).
(3)
المجموع (2/ 523).
(4)
المجموع (2/ 544، 545)، روضة الطالبين (1/ 178)، مغني المحتاج (1/ 119).