الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
ما يحكى من دعوى الإجماع من أن النفساء إذا رأت الطهر وجب عليها أن تغتسل وتصلي.
قال الترمذي في سننه: «أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي
…
.» إلخ كلامه رحمه الله
(1)
.
• أدلة القائلين بأن أقل النفاس ثلاثة أيام:
لا أعلم للثوري رحمه الله دليلًا على كون النفاس ثلاثة أيام إلا أن يكون قاسه على الحيض، فإنه يرى أن الحيض أقله ثلاثة أيام كمذهب الحنفية، ويستدلون بأدلة كثيرة مرفوعة وموقوفة، سقتها في الخلاف في أقل الحيض فارجع إليها إن شئت.
وهذا القياس باطل.
أولًا: لأننا لانسلم الحكم في الأصل حتى نسلم الحكم في الفرع. فلا يثبت أن الحيض أقله ثلاثة أيام.
وثانيًا: وعلى فرض ثبوت أن الحيض أقله ثلاثة أيام، لا يصح القياس، فإن النفاس أكثره عند الجمهور أربعون يومًا، وقيل: أكثر من ذلك كما سيأتي. فإذا اختلف أكثر النفاس عن أكثر الحيض اختلف أقل النفاس عن أقل الحيض.
• أدلة القائلين بأن أقله يوم:
هذا القول مروي عن أحمد كما سبق، ولا أعلم له دليلًا إلا أن يكون قاسه على أقل الحيض؛ لأن الجمهور على أن أقل الحيض يوم وليلة ـ وما قيل في الجواب عن القائلين بأن أقل النفاس ثلاثة أيام يقال هنا. فالقياس ضعيف من وجهين بينتهما في القول السابق.
(1)
سنن الترمذي (1/ 258).
• أدلة القائلين بأن أقله أربعة أيام:
ذكر الغزالي في الوسيط تعليلًا لحكم المزني بأن أقله أربعة أيام، فقال:«لأن أكثره مثل أكثر الحيض أربع مرات»
(1)
.
ويقصد رحمه الله أن أكثر النفاس عنده ستون يومًا، وأكثر الحيض عندهم خمسة عشر يومًا، فكان أكثر النفاس حاصل ضرب أكثر الحيض في أربعة، فجعل الأربعة هي أقل النفاس.
وهذا القول ضعيف جدًّا، والاستدلال له أضعف منه. وقد نقل صاحب المهذب عن المزني أنه قال: أكثر النفاس أربعون يومًا، وإذا ثبت هذا عنه لم يصح تخريج قوله على ما ذكرنا. والله أعلم.
والقول الراجح أنه لا حد لأقل النفاس. لقوة أدلتهم، وضعف أدلة القائلين بالتحديد. والله أعلم.
* * *
(1)
الوسيط ـ الغزالي (1/ 477).