الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في المتحيرة في العدد والوقت
[م-788] اختلف العلماء في المستحاضة المتحيرة الناسية لعددها ووقتها على أقوال:
القول الأول: المذهب الحنفي:
قالوا: إذا استحيضت ونسيت عدد أيامها ومكانها فإنها أولًا: تتحرى، فإن وقع تحريها على طهر تعطى حكم الطاهرات، وإن كان على حيض تعطى حكمه؛ لأن غلبة الظن من الأدلة الشرعية عند تعذر اليقين.
ثانيًا: إذا لم يمكنها التحري اغتسلت لكل صلاة على الصحيح.
وقيل: لوقت كل صلاة.
وتصلي المكتوبات، والواجبات، والسنن المؤكدة، ولا تصلي ولا تصوم تطوعًا
(1)
، ولا تقرأ شيئًا من القرآن خارج الصلاة، ولا تمس المصحف، ولا تدخل المسجد، وأما
(1)
فرق الحنفية بين الصلاة إذا كانت من السنن المؤكدة فتصليها المستحاضة، وبين غيرها من السنن فلا تصليها، قالوا إن السنن المؤكدة شرعت جبرًا لنقصان يمكن في الفرض، فيكون حكمها حكم الفرائض. انظر حاشية ابن عابدين (1/ 288).
الصوم فإنها تصوم كل شهر رمضان؛ لاحتمال طهارتها كل يوم، وتعيد بعد رمضان عشرين يومًا، ووجه كون القضاء عشرين يومًا، أننا نعلم أن أكثر ما أفسد من صيامها عشرة أيام، وهو أكثر الحيض، وإنما لم يجزها صيام عشرة أيام، ولابد من عشرين حتى تخرج من العهدة بيقين، لأننا نخشى أن يوافق ابتداء حيضها ابتداء القضاء فلا يجزيها صومها في عشرة أيام فإذا صامت عشرين يومًا خرجت مما عليها من القضاء بيقين
(1)
.
القول الثاني: المذهب الشافعي:
مذهب الشافعية في المرأة المستحاضة الناسية لعدد الحيض ووقتها لهم فيها قولان:
الأول: حكمها حكم المبتدأة. وقد مر علينا مذهبهم في المبتدأة، وأن لهم فيها قولين:
قيل: تجلس يومًا وليلة.
وقيل: تجلس غالب الحيض ستًا أو سبعًا.
القول الثاني: وهو المشهور من مذهبهم: وجوب الاحتياط، والاحتياط أن لا يعتبر لها حيض ولا طهر بيقين.
فيحرم الوطء، ومس المصحف، والقراءة في غير الصلاة، وتصلي الفرائض أبدًا، وكذا النفل في الأصح، وتغتسل لكل فرض.
وأما كيف تصوم المتحيرة بالعدد والوقت:
فقالوا: يجب أن تصوم شهر رمضان، وشهرًا آخر كاملًا معه، فيحصل لها من كل شهر أربعة عشر يومًا .. فيكون مجموع ما صامته من الشهرين ثمانية وعشرين يومًا .. لأن غاية ما يفسده الحيض من كل شهر ستة عشر يومًا، وذلك أن الحيض لايمكن أن يزيد على خمسة عشر يومًا، وقد يطرأ الحيض في أثناء يوم، وينقطع في أثناء
(1)
البحر الرائق (1/ 220، 221)، المبسوط (3/ 193)، شرح ابن عابدين (1/ 286 - 287).
يوم فيكون مجموع ما فسد عليها ستة عشر يومًا
…
ويبقى عليها يومان حتى تصوم شهرًا كاملًا بيقين.
وحتى تصومهما بيقين، يجب أن تضاعفهما، وتضم إليهما يومين فيصير مجموع ما تصوم ستة أيام .. وكيفية صيام هذه الستة، قالوا: حتى يحصل لها يومان بيقين، يجب أن تصوم ثلاثة أيام، ، ثم تفطر اثني عشر يومًا، فالمجموع خمسة عشر يومًا، ثم تصوم السادس عشر والسابع عشر، والثامن عشر، فيحصل لها اليومان يقينًا؛ لأن الحيض إن طرأ في أثناء اليوم الأول من صومها، انقطع في أثناء السادس عشر، فيحصل لها صيام اليومين بعده، أو طرأ في اليوم الثاني انقطع في السابع عشر، فيحصل لها صيام اليوم الأول والأخير، أو طرأ في اليوم الثالث فيحصل اليومان الأولان، أو طرأ في اليوم السادس عشر انقطع في اليوم الأول، فيحصل لها الثاني والثالث، وهكذا لابد أن يحصل لها يومان بيقين، هذا فيما يتعلق بالصيام.
وأما الصلاة فإنها تلزمها الصلوات الخمس أبدًا، هذا لا خلاف فيه عند الشافعية؛ لأن كل وقت يحتمل طهرها، فمقتضى الاحتياط وجوب الصلاة.
قال النووي: ظاهر نص الشافعي أنه لا يجب؛ لأنه نص على وجوب قضاء الصوم، ولم يذكر قضاء الصلاة.
والتعليل لعدم وجوب القضاء أن المستحاضة المتحيرة إن كانت حائضًا فلا صلاة عليها، وإن كانت طاهرًا فقد صلت.
واختار بعض الشافعية وجوب قضاء الصلاة كالصيام، لجواز انقطاع الحيض في أثناء الصلاة، أو بعدها في الوقت، وعللوا ذلك بأنه مقتضى الاحتياط. والشافعي كما لم يذكر القضاء لم ينفه، ومقتضى مذهبه الوجوب.
وأجاب القائلون بعدم القضاء: بأنه لا يلزم المتحيرة كل ممكن؛ لأنه يؤدي إلى حرج شديد، والشريعة تحط عن المكلف أمورًا بدون هذا الضرر والدليل على أنه