الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في المستحاضة المتحيرة بالعدد
[م-786] المتحيرة بالعدد،: هي التي نسيت عدد أيامها في الحيض، مع علمها بمكان العادة من كل شهر.
القول الأول: مذهب الحنفية.
قسموا المستحاضة المتحيرة في العدد فقط إلى قسمين:
الأول: إذا نسيت عدد أيامها، وعلمت أن الحيض يأتيها في كل شهر مرة فهذه يجب عليها أن تجلس أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها من أول الاستمرار لتيقنها بالحيض فيها، وتغتسل سبعة أيام لكل صلاة لتردد حالها فيها بين الحيض، والطهر، والخروج وإنما قالوا سبعة أيام؛ لأنه مع الثلاثة أيام تكون قد بلغت أكثر الحيض عندهم، وهو عشرة أيام، ثم تتوضأ عشرين يومًا لوقت كل صلاة لتيقنها فيها بالطهر ويأتيها زوجها.
الثاني: أن تنسى عدد أيامها، ولا تعلم أن الحيض يأتيها في كل شهر مرة فلا تدري كم دورتها.
ففيها وجهان:
الوجه الأول: لا تعلم عدد حيضها، ولا عدد طهرها. فهذه تعمل ما يلي:
تدع الصلاة أقل الحيض ثلاثة أيام؛ لأنه حيض بيقين.
ثم تصلي سبعة أيام بالاغتسال لكل صلاة بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر، والخروج من الحيض .. ولا يأتيها زوجها في هذه العشرة أيام، ثم تصلي ثمانية أيام بالوضوء لوقت كل صلاة، ويأتيها زوجها فيها، لأنها بيقين الطهر في هذه الثمانية، فإنه إن كان حيضها ثلاثة أيام، فهذا آخر طهرها، وإن كان حيضها عشرة فهذا أول طهرها.
ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر ولا يأتيها زوجها، فبلغ الحساب واحدًا وعشرين يومًا.
ثم تصلي بعد ذلك بالاغتسال لكل صلاة بالشك، لأنه لم يبق لها يقين بالطهر ولا بالحيض بعد هذا، فما من ساعة بعد هذا إلا ويتوهم أنه وقت خروجها من الحيض إما بالزيادة في حيضها على الثلاثة، أو في طهرها على خمسة عشر.
الوجه الثاني: لا تعلم عدد حيضها، وتعلم عدد طهرها.
مثاله: امرأة تعلم أن عدد طهرها خمسة عشر، ولا تدري كم حيضها، فيلزمها ما يلي:
- تترك الصلاة من أول الاستمرار ثلاثة أيام لكونها أقل الحيض؛ لأنه حيض بيقين.
- ثم تصلي سبعة أيام بالاغتسال لكل صلاة بالشك لتردد حالها بين الحيض والطهر والخروج من الحيض، ولا يأتيها زوجها في هذه العشرة أيام.
- ثم تصلي ثمانية أيام بالوضوء لوقت كل صلاة ويأتيها زوجها؛ لأنها بيقين الطهر في هذه الثمانية أيام. فإنه إن كان حيضها ثلاثة أيام فهذا آخر طهرها، وإن كان عشرة فهذا أول طهرها.
- ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك.
فبلغ ذلك واحدًا وعشرين يومًا، ولو كان حيضها ثلاثة فابتداء طهرها الثاني
بعد واحد وعشرين يومًا
(1)
، وإن كان حيضها عشرة فابتداء طهرها الثاني بعد خمسة وثلاثين
(2)
، ففي هذه الأربعة عشر تصلي بالاغتسال لكل صلاة بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر والخروج من الحيض، ثم تصلي يومًا واحدًا بالوضوء لوقت كل صلاة، بيقين الطهر وذلك بعدما تغتسل عند تمام خمسة وثلاثين يومًا؛ لأن في هذا اليوم يقين الطهر، ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة أبدًا؛ لأنه لم يبق لها يقين في شيء بعدها فما من ساعة إلا ويتوهم أنه وقت خروجها من الحيض
(3)
.
القول الثاني: المذهب الشافعي:
المذهب الشافعي في المرأة المستحاضة الناسية لعددها الذاكرة لمكانها كالتالي: إذا تيقنت الحيض أو الطهر، فاليقين له حكمه.
وإذا كان الزمن يحتمل الحيض والطهر، فإنها تصلي بالوضوء لكل صلاة. ويسمى حيضًا مشكوكًا فيه.
وإذا كان الزمن يحتمل الحيض، والطهر، والانقطاع، فإنها تصلي بالغسل لكل صلاة، ويسمى طهرًا مشكوكًا فيه
(4)
.
(1)
لأن حيضها ثلاثة أيام، مضافًا إليه مقدار طهرها خمسة عشر يومًا، مضافًا إليه مقدار حيضها الثاني ثلاثة أيام، فيبدأ طهرها الثاني بعد واحد وعشرين يومًا.
(2)
لأن حيضها عشرة أيام، مضافًا إليه مقدار طهرها خمسة عشر يومًا، مضافًا إليه مقدار حيضها الثاني، فيكون الجميع خمسة وثلاثين يومًا.
(3)
المبسوط (3/ 204، 205) البحر الرائق (1/ 219) حاشية ابن عابدين (1/ 286 - 287).
(4)
فمثلًا: لو جاءت امرأة، وقالت: إني ذاكرة للوقت ناسية للعدد، فينظر: إن كانت ذاكرة لوقت ابتدائه، بأن قالت: كان ابتداء حيضي من أول يوم من الشهر، حيضناها يومًا وليلة من أول الشهر؛ لأنه حيض بيقين، ثم تغتسل بعده فتصير في طهر مشكوك فيه إلى آخر الخامس عشر، فتغتسل لكل صلاة؛ لجواز انقطاع الدم، وما بعده طهر بيقين إلى آخر الشهر، فتتوضأ لكل صلاة.
وإن كانت ذاكرة لوقت انقطاعه بأن قالت: كان حيضي ينقطع في آخر الشهر حيضناها قبل ذلك يومًا وليلة، وكانت طاهرًا من أول الشهر إلى آخر الخامس عشر، تتوضأ لكل صلاة فريضة، لأنه لا يحتمل انقطاع الحيض، ولا يجب الغسل إلا في آخر الشهر، في الوقت الذي تيقنا انقطاع الحيض فيه
(1)
.
القول الثالث: المذهب الحنبلي:
قالوا في المرأة إذا نسيت عدد أيامها وهي تعلم موضعها.
مثاله: امرأة تقول: عادتي تأتي في أول يوم من الشهر، لكني لا أدري هل هي خمسة، أو ستة، أو أكثر، أو أقل.
فتجلس غالب الحيض من كل شهر، إن اتسع شهرها لها بأن كان عشرين يومًا فأكثر
(2)
، وإن لم يتسع شهرها لغالب الحيض، جلست الفاضل من شهرها بعد أقل الطهر. فلو فرض أن شهرها خمسة عشر يومًا، جلست الزائد عن أقل الطهر بين
(1)
نهاية المحتاج (1/ 353) المجموع (2/ 510) مغني المحتاج (1/ 118).
(2)
شهر المرأة عند الحنابلة عرفه البهوتي في كشاف القناع (1/ 209) فقال: هو الزمن الذي يجتمع للمرأة فيه حيض وطهر صحيحان. وإنما قدره بعشرين يومًا؛ لأن أقل الطهر ثلاثة عشر يومًا عندهم، وسبعة أو ستة أيام لغالب الحيض، فيكون المجموع عشرين.
الحيضتين، ومقداره هنا يومان
(1)
، وهذا هو المشهور من المذهب
(2)
لحديث حمنة
(3)
.
وقيل: تجلس أقل الحيض، وهي رواية عند أحمد.
ولم نذكر مذهب المالكية، لأن المرأة عندهم إذا لم تميز دمها فهي مستحاضة أبدًا في حكم الطاهر تصلي وتصوم وتوطأ أبدًا حتى يتميز دمها، أو ينقطع فيأتي دفعة من الدم تنكره وإذا تميز لم تكن متحيرة.
• الراجح من الأقوال:
والراجح في هذه المرأة التي نسيت عدد حيضها وهي تعلم موضعها أنها تجلس موضعه من الشهر وتعتبر حيضها عدد قريباتها من أم وأخت وعمة وخالة؛ لأن شبه المرأة بقريباتها أكثر من شبهها بالأجنبيات.
* * *
(1)
لأن أقل الطهر عندهم ثلاثة عشر يومًا، فيكون الزائد يومين فقط.
(2)
معونة أولى النهى شرح المنتهى (1/ 484) كشاف القناع (1/ 208) الكافي (1/ 80) الإنصاف (1/ 371)، الممتع شرح المقنع - التنوخي (1/ 294).
(3)
ما رواه أحمد (6/ 439): عن حمنة بنت جحش رضي الله عنها مرفوعًا، وفيه:
(إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة في علم الله، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستيقنت واستنقأت، فصل أربعًا وعشرين ليلة، أو ثلاثًا وعشرين ليلة، وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزئك .... ) الحديث. وإسناده ضعيف وسبق تخريجه. انظر: حديث رقم (1976 و 1524).