الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[م-776] أجمع العلماء على أن طلاق الحائض محرم بدعي مخالف للسنة.
وإذا طلقها فهل يقع أم لا؟ اختلف العلماء في ذلك.
فقيل: يقع مع التحريم. وهو مذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة
(1)
.
وقيل: لا يقع، وهو مذهب الظاهرية
(2)
، واختاره ابن تيمية
(3)
، وابن القيم
(4)
، والشوكاني
(5)
.
•
أدلة الجمهور على وقوع الطلاق:
الدليل الأول:
من القرآن: قوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)[البقرة: 229].
وقوله تعالى: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)[البقرة: 230].
وقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)[البقرة: 228].
وجه الاستدلال:
أن هذه الآيات تدل على وقوع الطلاق مطلقًا في حال الحيض أو الطهر أو
(1)
انظر في مذهب الحنفية: بدائع الصنائع (3/ 93)، المبسوط للسرخسي (6/ 7، 16، 57)، فتح القدير (3/ 473)، تبيين الحقائق (2/ 193)، العناية (3/ 480).
وانظر في مذهب المالكية: مختصر خليل (ص: 150)، التلقين (1/ 313)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 267)، القوانين الفقهية (ص: 150).
وانظر في مذهب الشافعية: مغني المحتاج (3/ 307)، المهذب (2/ 101).
وانظر في مذهب الحنابلة: الكافي (3/ 16)، المحرر (2/ 51).
(2)
المحلى، (مسألة: 1949).
(3)
مجموع الفتاوى (33/ 66).
(4)
زاد المعاد (4/ 43).
(5)
الروضة الندية (2/ 45)، نيل الأوطار (6/ 263).
غيرهما، ولم اخص حالًا دون حال، فوجب أن تحمل الآيات على إطلاقها، ولا يجوز تقييدها إلا بكتاب، أو سنة، أو إجماع، ولا يوجد ما يخصصها
(1)
.
• وأجيب:
بأن الطلاق إذا أطلق لا يراد به إلا الطلاق الشرعي.
قال ابن القيم في زاد المعاد: «دعواكم دخول الطلاق المحرم تحت نصوص الطلاق، وشمولها للنوعين إلى آخر كلامكم فنسألكم ما تقولون فيمن ادعى دخول أنواع البيع المحرم والنكاح المحرم تحت نصوص البيع والنكاح، وقال: شمول الاسم الصحيح من ذلك والفاسد سواء، بل وكذلك سائر العقود المحرمة إذا ادعى دخولها تحت ألفاظ العقود الشرعية، وكذلك العبادات المحرمة المنهي عنها إذا ادعي دخولها تحت الألفاظ الشرعية، وحكم لها بالصحة لشمول الاسم لها، هل تكون دعواه صحيحه أو باطلة؟
فإن قلتم: صحيحة، ولا سبيل لكم إلى ذلك كان قولًا معلوم الفساد بالضرورة من الدين.
وإن قلتم: دعواه باطلة، تركتم قولكم، ورجعتم إلى ما قلناه.
وإن قلتم تقبل في موضع وترد في موضع. قيل لكم: فرقوا لنا تفريقًا صحيحًا، مطردًا، ومنعكسًا، معكم به برهان من الله بَيْنَ ما يدخل من العقود المحرمة تحت ألفاظ النصوص، فيثبت له حكم الصحة، وبين ما لا يدخل تحتها فيثبت له حكم البطلان، وإن عجزتم عن ذلك فاعلموا أنه ليس بأيديكم سوى الدعوى التي يحسن كل أحد مقالتها ومقابلتها بمثلها، أو الاعتماد على من يحتج لقوله لا بقوله، وإذا كشف الغطاء عما قررتموه في هذه الطريق، وجد غير محل النزاع جعلتموه مقدمة في الدليل وذلك عين المصادرة على المطلوب، فهل وقع النزاع إلا في دخول الطلاق المحرم المنهي عليه
(1)
المنتقى للباجي (4/ 98).