الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن في وجوب الكفارة على من جامع الحائض جاهلً أو ناسيًا
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الجاهل في الشريعة يجري مجرى الناسي على الصحيح؛ لعدم تعمد المخالفة، فلا كفارة ولا إثم للعفو عن الخطأ والنسيان ما لم يقصر، وإلا أثم.
• الجاهل أولى بالمعذرة من الناسي ما لم يقصر في معرفة الحكم.
• الجهل والنسيان يعذر بهما في حق الله تعالى في المنهيات دون المأمورات، والأصل فيه حديث معاوية بن الحكم لما تكلم في الصلاة، ولم يؤمر بالإعادة.
• كل من علم تحريم شيء، وجهل ما يترتب عليه لم يفده ذلك.
• إعذار الجاهل من باب التخفيف، لا من حيث جهله؛ إذ لو عذر من أجل جهله لكان الجهل خيرًا من العلم؛ لأنه يحط عن العبد أعباء التكليف.
[م-773] قال ابن قدامة: «على وجهين:
أحدهما: تجب لعموم الخبر؛ ولأنها كفارة تجب بالوطء أشبهت كفارة -الوطء في الصوم والإحرام- قلت: وهذا هو المشهور عند الحنابلة ثم قال: والثاني: لا تجب؛
لقوله عليه السلام: «عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان» ولأنها تجب لمحو المأثم، فلا تجب مع النسيان ككفارة اليمين، فعلى هذا لو وطئ طاهرًا فحاضت في أثناء وطئه لا كفارة عليه، وعلى الرواية الأولى عليه الكفارة .. »
(1)
.
قلت: الصحيح أن الوطء في الصوم والإحرام كغيره لا يجب على الناسي والجاهل به شيء، فالصحيح لو قلنا بوجوب الكفارة أن الجاهل والناسي لا شيء عليهما بدلالة الكتاب قال تعالى:(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)[الأحزاب: 5].
(1931 - 391) وأخرج مسلم من طريق وكيع، عن سفيان، عن آدم بن سليمان مولى خالد، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث
عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: (إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ)[البقرة: 284]، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى:(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)[البقرة: 286] قال: قد فعلت: (رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا) قال: قد فعلت. (وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا)[البقرة: 286] قال: قد فعلت
(2)
.
(1932 - 392) وأخرج البخاري من طريق هشام، حدثنا ابن سيرين،
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه. وأخرجه مسلم
(3)
.
(1)
المغني (1/ 418).
(2)
صحيح مسلم (126).
(3)
صحيح البخاري (1933)، ومسلم (1155).
والاستدلال بهذه الأحاديث أولى من الاستدلال بحديث: عفي لأمتي الخطأ والنسيان؛ للاختلاف في صحته.
فالناسي والجاهل إذا كان مثله يجهل لا شيء عليهما على القول بوجوب الكفارة.
والمقصود بالجاهل من يجهل التحريم، أما إذا كان يعلم بالتحريم، ويجهل الكفارة، فإن ذلك لا يسقط الكفارة عنه. لأنه فعل فعله وهو يعلم أنه محرم.
* * *