المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة - موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط ٣ - جـ ٩

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الخامس في أحكام الحائض من حيث المناسك

- ‌المبحث الأول في إحرام الحائض والنفساء في الحج والعمرة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌المبحث الثاني في اشتراط الطهارة للطواف

- ‌ الأدلة على اشتراط الطهارة من الحيض والحدث الأصغر:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس على اشتراط الطهارة

- ‌الدليل السادس:

- ‌ دليل من قال الطهارة واجبة ويصح الطواف بدونها وتجبر بدم:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌ الراجح من هذه الأقوال:

- ‌المبحث الثالث في الحائض إذا اضطرت للطواف

- ‌ أدلة من قال: تسقط الطهارة بالعجز ويصح طوافها:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌المبحث الرابع في سعي الحائض بين الصفا والمروة

- ‌المبحث الخامس في المرأة تحيض قبل طواف العمرة وتخشى فوات الحج

- ‌ دليل الحنفية على رفض العمرة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ دليل الجمهور على أن الحائض تحرم بالحج وتصير قارنة:

- ‌‌‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌المبحث السادس طواف الوداع يسقط عن الحائض

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ الدليل على رجوع زيد وابن عمر عن قولهما:

- ‌ دليل عمر على وجوب طواف الوداع على الحائض:

- ‌المبحث السابع إذا نفرت الحائض قبل طواف الوداع

- ‌ دليل من قال لا يلزمها الرجوع إذا بلغت مسافة القصر:

- ‌ دليل من علق الرجوع ما لم تفارق البنيان:

- ‌ دليل من علق الرجوع ما لم تفارق الحرم:

- ‌المبحث الثامن لا يستحب للحائض والنفساء الدعاء عند باب المسجد الحرام

- ‌المبحث التاسع طواف الوداع للمستحاضة

- ‌الباب السادس في أحكام الحائض من حيث العلاقات الزوجية

- ‌الفصل الأول في وطء الحائض

- ‌المبحث الأول في تحريم وطء الحائض في فرجها

- ‌المبحث الثاني في مباشرة الحائض فيما بين السرة والركبة

- ‌ أدلة الجمهور على تحريم المباشرة من تحت الإزار

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌ أدلة القائلين لا يحرم من الحائض إلا الفرج خاصة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌ دليل من قال يستحب أن يباشرها من فوق الإزار ولا يجب:

- ‌ دليل من قال: يجوز مباشرة ما تحت الإزار إن وثق بضبط نفسه:

- ‌المبحث الثالث في الاستمتاع بما تحت الإزار بالنظر واللمس

- ‌المبحث الرابع في كفارة من جامع امرأته وهي حائض

- ‌ دليل القائلين بأ نه لا يجب عليه إلا التوبة والاستغفار:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ دليل القائلين باستحباب الكفارة:

- ‌ دليل القائلين إن كان الدم كذا فدينار أو كذا فنصف دينار:

- ‌ دليل من قال: هو مخير بين دينار ونصف دينار:

- ‌ دليل من قال: عليه خمسا دينار:

- ‌ دليل من قال: يعتق نسمه أو قال: عليه كفارة من جامع في نهار رمضان:

- ‌المبحث الخامس في تصديق الرجل زوجه إذا أخبرته بأنها حائض

- ‌المبحث السادس في كفر من استحل جماع الحائض في فرجها

- ‌المبحث السابع جماع الحائض من اللمم وليس من الكبائر

- ‌ دليل الحنفية والشافعية على أن جماع الحائض كبيرة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ دليل الحنابلة بأن وطء الحائض ليس كبيرة:

- ‌المبحث الثامن في وجوب الكفارة على من جامع الحائض جاهلً أو ناسيًا

- ‌المبحث التاسع إخراج القيمة في كفارة جماع الحائض

- ‌المبحث العاشر في لزوم المرأة كفارة جماع الحائض

- ‌الفصل الثانيفي طلاق الحائض

- ‌ أدلة الجمهور على وقوع الطلاق:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌ أدلة القائلين بأن طلاق الحائض لا يقع:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌الدليل العاشر:

- ‌الفصل الثالث في الخلع وقت الحيض

- ‌المبحث الأول‌‌ تعريف الخلع

- ‌ تعريف الخلع

- ‌المبحث الثاني في حكم الخلع

- ‌ دليل القول بأنه لا يجوز:

- ‌ دليل من قال: لا يحل الخلع إلا في حالة الزنا:

- ‌المبحث الثالث في صحة خلع الحائض

- ‌ دليل من قال: الخلع طلاق مطلقًا نوى أو لم ينو

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌ أدلة القائلين بأن الخلع فسخ:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌ دليل من قال الخلع فسخ إلا إن نوى به الطلاق:

- ‌الدليل الأول: الإجماع

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث: من النظر:

- ‌الباب السابع في أحكام المستحاضة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول في تعريف الاستحاضة

- ‌المبحث الثاني في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

- ‌الفصل الأول في المستحاضة المبتدأة

- ‌المبحث الأول في تعريف المبتدأة ومتى تكون مستحاضة

- ‌المبحث الثاني في حكم المستحاضة المبتدأة

- ‌الفرع الأول في المستحاضة المبتدأة إذا كانت مميزة

- ‌ دليل الحنفية: بأنها تجلس عشرة أيام فقط:

- ‌ دليل الجمهور على العمل بالتمييز:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌ دليل أبي يوسف على وجوب الاغتسال بعد ثلاثة أيام والصيام والقضاء:

- ‌الفرع الثاني في المستحاضة المبتدأة إذا كانت غير مميزة

- ‌ دليل من قال تجلس عشرة أيام:

- ‌ دليل من قال: تجلس خمسة عشر يومًا:

- ‌ دليل من قال: تقعد أيام لداتها:

- ‌ دليل من قال: تقعد أيام لداتها ثم تستظهر بثلاثة أيام:

- ‌ دليل من قال: تجلس يومًا وليلة:

- ‌ دليل من قال تجلس ستة أيام أو سبعة أيام غالب عادة النساء:

- ‌الفصل الثانيفي تقدير طهر المستحاضة المبتدأة

- ‌ دليل من قدر الحيض والطهر في الشهر مرة واحدة:

- ‌ دليل من قدر طهر المستحاضة بستة عشر يومًا:

- ‌ دليل من قدر طهر المستحاضة بثلاثة وعشرين أو أربعة وعشرين يومًا:

- ‌ دليل المالكية على أن الطهر يستمر إلى إقبال دم جديد:

- ‌ الراجح من هذه الأقوال:

- ‌الفصل الثالثفي المستحاضة المعتادة

- ‌المبحث الأول في المستحاضة المعتادة المميزة

- ‌ دليل من قال: تعمل المستحاضة بالعادة دون التمييز:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الأول

- ‌ دليل من قال: تعمل بالتمييز ولا عبرة بالعادة:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌ دليل المالكية على أن المميزة تجلس منه قدر عادتها وغير المميزة طاهر أبدًا:

- ‌ القول الراجح:

- ‌المبحث الثاني في المستحاضة المعتادة غير المميزة

- ‌ دليل الجمهور على اعتبار العادة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ دليل من قال: تجلس عادتها وتستظهر بثلاثة أيام:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني من القياس:

- ‌ دليل من قال: تقعد المستحاضة المعتادة خمسة عشر يومًا:

- ‌الفصل الرابعفي المرأة المستحاضة المتحيرة

- ‌المبحث الأول في المستحاضة المتحيرة بالعدد

- ‌المبحث الثاني في المستحاضة المتحيرة بالوقت فقط

- ‌المبحث الثالث في المتحيرة في العدد والوقت

- ‌ الدليل على هذا العنت والتشديد

- ‌الفصل الخامس في طهارة المستحاضة

- ‌المبحث الأول في وجوب الوضوء من دم الاستحاضة

- ‌ دليل القائلين بوجوب الوضوء لكل صلاة:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌ دليل القائلين بوجوب الوضوء لوقت كل صلاة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ دليل الشافعية على وجوب الوضوء لكل فريضة دون النافلة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الفرع الأول في غسل فرج المستحاضة عند الوضوء

- ‌ أدلة الحنفية على وجوب الاستنجاء وغسل الفرج من دم الاستحاضة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الفرع الثاني في شد عصابة الفرج عند الوضوء

- ‌ الأدلة على وجوب التلجم والتحفظ:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الفصل السادسفي وجوب الغسل على المستحاضة

- ‌ أدلة من قال يجب عليها الغسل لكل صلاة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ أدلة من قال تغتسل لكل صلاتين مجموعتين وتغتسل للفجر غسلًا واحدًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌ دليل من قال: تغتسل في كل يوم غسلًا واحدًا:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ دليل من قال: تغتسل من الظهر إلى الظهر:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الفصل السابعفي وطء المستحاضة

- ‌ أدلة الجمهور على جواز وطء المستحاضة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌ دليل من منع وطء المستحاضة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ دليل من قال بالكراهة:

- ‌الباب الثامن في أحكام النفاس

- ‌التمهيد في تعريف النفاس

- ‌الفصل الأولبأي شيء يثبت حكم النفاس

- ‌الفصل الثانيفي أحكام السقط

- ‌المبحث الأول في أسباب الإسقاط

- ‌المبحث الثاني في الحكم التكليفي للإجهاض

- ‌الفرع الأول في الإجهاض بعد نفخ الروح

- ‌ الأدلة على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ الدليل على أن نفخ الروح يكون بعد تمام أربعة أشهر:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفرع الثاني في الإجهاض قبل نفخ الروح

- ‌ أدلة القائلين بتحريم إسقاط النطفة:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ دليل من أباح إسقاط النطفة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ دليل من قال: يجوز إسقاط الجنين قبل التخلق:

- ‌ دليل من قال: يجوز إسقاط الجنين قبل أن ينفخ فيه الروح:

- ‌الفرع الثالث في الإجهاض للضرورة بعد نفخ الروح

- ‌ دليل القائلين بجواز إسقاط الجنين إنقاذًا لآمه:

- ‌المبحث الثالث في وقت تخلق الجنين

- ‌الفصل الثالثفي حكم الدم النازل مع الولادة

- ‌ دليل من لم يعتبره نفاسًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل الرابعفي الدم الذي تراه الحامل قبل الولادة

- ‌ دليل الحنابلة على أن الدم قبل الولادة بيوم أو يومين نفاس:

- ‌الفصل الخامسفي النقاء المتخلل بين الدمين

- ‌القول الأول: في مذهب الحنفية قولان:

- ‌القول الثاني:مذهب المالكية في النفاس المتقطع

- ‌القول الثالث:ذهب الشافعية

- ‌القول الرابع:في المذهب الحنبلي روايتان:

- ‌القول الخامس:قال أبو ثور:

- ‌ الراجح من هذه الأقوال:

- ‌الفصل السادسفي المرأة تلد ولم تر دمًا

- ‌ دليل من قال: لا يجب الغسل:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل السابعفي جماع النفساء إذا طهرت قبل الأربعين

- ‌ دليل الجمهور على إباحة الوطء:

- ‌‌‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌ دليل الحنابلة على كراهة الوطء:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌ دليل من قال: يحرم الوطء:

- ‌الفصل الثامنفي أقل النفاس

- ‌ أدلة الجمهور على أن النفاس لا حد لأقله:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الفصل التاسعفي أكثر مدة النفاس

- ‌ أدلة من قال: أكثر النفاس أربعون:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ أدلة القائلين بأن أكثر النفاس ستون

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ دليل من قال لا حد لأكثر النفاس:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل العاشرفي ابتداء مدة النفاس إذا وضعت توأمين

- ‌ دليل من قال: ابتداء النفاس من الأول:

- ‌ دليل من قال: ابتداء النفاس من الولد الثاني:

- ‌ دليل من قال: ابتداؤه من الأول وتستأنف المدة من الثاني:

- ‌ الراجح من هذه الأقوال:

- ‌الفصل الحادي عشرفي الأحكام المترتبة على النفاس

الفصل: ‌المبحث الثاني في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

‌المبحث الثاني في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:

• الدم الخارج من الفرج ثلاثة: دم حيض، ودم نفاس، ودم فساد، ويقال له دم استحاضة.

• كل دم لم يتقدمه طهر صحيح، أو زاد على أكثر الحيض فهو استحاضة.

• كل دم تراه المرأة فهو حيض إذا تقدمه طهر صحيح حتى نتيقن أنه استحاضة؛ لأن الاستحاضة مرض والأصل الصحة.

• ما جاوز أكثر الحيض فهو استحاضة؛ لأن للأكثر حكم الكل.

• كل ما يقطع النساء أن مثلها لا يمكن أن تحيض فهو دم فساد واستحاضة.

• كل امرأة لا يمكن أن تحمل إما لصغرها، وإما لهرمها فما تراه من الدم لا يمكن أن يكون حيضًا.

• كل دم لا يكون حيضًا، ولا نفاسًا فهو دم استحاضة وفساد.

• ما تراه العجوز من الدم بعد اليأس منه لا يكون حيضًا لتعذر الحمل، وهو دم فساد على الصحيح.

• كل دم لا يكون عن نفاس، ولا عن علة فهو دم حيض بشرط أن يسبقه طهر صحيح.

ص: 219

[م-779] لا شك أن هناك فرقًا بين دم الحيض ودم الاستحاضة؛ لأن الشارع فرق بينهما في الأحكام، ولو كانا متماثلين لما فرق بينهما وسوف أسوق في هذا الفصل الفرق بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة سواء من خلال الأحاديث المرفوعة إن أمكن، أو من كلام أهل الفقه.

فالشرع صرح بأن الاستحاضة دم عرق .. إشارة إلى أن ذلك كالنزيف من هذا العرق الذي انفجر.

أما الحيض فهو دم جبلة وطبيعة، والحيض في نظر الأطباء وأهل الاختصاص ينزل من الغشاء المبطن لجدار الرحم في حالة عدم حدوث إخصاب للبويضة فبعد خروج البويضة من المبيض، يتأهب الغشاء المبطن لجدار الرحم، ويستعد لاستقبال وغرس البويضة الملقحة، فإذا لم يحدث جماع يؤدي إلى إخصاب البويضة، ينهدم هذا الغشاء، وينزل على شكل دم، ولهذا أطلق على دم الحيض، بأنه دموع الغشاء المبطن لجدار الرحم حزنًا لما أصابه من خيبة أمل

(1)

.

• ومن الفروق المحسوسة بين دم الحيض ودم الاستحاضة:

الأول: اللون.

فدم الحيض دم يميل إلى السواد، ودم الاستحاضة أحمر يميل إلى الصفرة.

(1967 - 427) فقد روى البخاري رحمه الله، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا يزيد بن زريع، عن خالد، عن عكرمة

عن عائشة رضي الله عنها قالت: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي

(2)

.

(1)

منقول من كتاب الحيض لإبراهيم الجمل (ص 13) نقله من مذكرات طبية للدكتور أحمد إسماعيل الجراح بمستشفى أحمد ماهر بالقاهرة.

(2)

صحيح البخاري (2037).

ص: 220

قال ابن رجب في شرحه للبخاري: وفي حديث عائشة ما يدل على أن دم الاستحاضة يتميز عن دم الحيض بلونه وصفرته

(1)

.

(1968 - 428) وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن خالد -يعني الحذاء- عن أنس بن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل أنس، فأمروني فسألت ابن عباس، فقال: أما ما رأت الدم البحراني، فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة من النهار فلتغتسل ولتصل

(2)

.

[صحيح]

(3)

.

قال ابن الأثير: «دم بحراني: شديد الحمرة، كأنه نسب إلى البحر، وهو اسم قعر الرحم» .

وفي تاج العروس: «دم بحراني: أي أسود، نسب إلى بحر الرحم، وهو عمقه. وقال قبل: البحر: عمق الرحم وقعرها، ومنه قيل للدم الخالص الحمرة بحراني»

(4)

.

وقال ابن رجب: البحراني: هو الأحمر الذي يضرب إلى سواد

(5)

.

(1969 - 427) وروى أبو داود، قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن محمد -يعني: ابن عمرو- قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش، أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان

(1)

شرح ابن رجب للبخاري (2/ 82).

(2)

المصنف (1367).

(3)

ورواه الأثرم عن أحمد كما في شرح ابن رجب للبخاري (2/ 176). والدارمي (800) عن ابن علية.

ورواه الدرامي (801) حدثنا يزيد بن زريع، كلاهما عن خالد الحذاء به.

وقال البيهقي في السنن (1/ 340): «وقرأته في كتاب ابن خزيمة، عن زياد بن أيوب، عن

ابن علية

» وذكر إسناده. وانظر ح: (1602)

(4)

تاج العروس (6/ 52، 35).

(5)

شرح ابن رجب (2/ 176).

ص: 221

دم الحيض فإنه أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي

(1)

.

[الحديث إسناده منقطع، ومتنه منكر]

(2)

.

(1)

سنن أبي داود (304).

(2)

الحديث فيه اختلاف في إسناده ومتنه، وله أكثر من علة:

العلة الأولى: التفرد حيث تفرد به محمد بن عمرو بهذا الأصل عن ابن شهاب، ولا يحتمل تفرده بمثل ذلك.

قال الدارقطني في العلل (14/ 142): «أما الزهري فتفرد بهذا الحديث عنه محمد بن عمرو بن علقمة» .

وإذا اطلعت على ترجمة محمد بن عمرو لم تجده بالمتين الذي يعتمد على تفرده بمثل هذا الأصل.

قال ابن معين عنه: ما زال الناس يتقون حديثه. قيل له: وما علة ذلك؟

قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. الجرح والتعديل (8/ 30).

وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه، هو شيخ. الجرح والتعديل (8/ 30).

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطيء. الثقات (7/ 377).

وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، يستضعف. الطبقات الكبرى (5/ 433).

وقال يعقوب بن شيبة: هو وسط، وإلى الضعف ما هو. تهذيب التهذيب (9/ 333).

وقال علي: قلت ليحيى - يعني ابن القطان -: محمد بن عمرو كيف هو؟ قال: تريد العفو أو تشدد؟ قلت: لا: بل أشدد. قال: ليس هو ممن تريد، كان يقول حدثنا أشياخنا أبو سلمة ويحيى ابن عبد الرحمن بن حاطب. قال يحيى: وسألت مالكًا عنه، فقال فيه نحو مما قلت لك. الكامل (6/ 224)، تهذيب الكمال (26/ 212).

وقال النسائي: ليس به بأس. تهذيب التهذيب (9/ 333) وقال في موضع آخر: ثقة. المرجع السابق. وفي التقريب: صدوق له أوهام.

العلة الثانية: أن هذا الحديث مخالف في لفظه لأحاديث الصحيحين في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش.

ذلك أن قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش في دوواين السنة محفوظة، فرواها محمد بن عمرو وذكر فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: إن دم الحيض دم أسود يعرف.

فهو صريح أولًا بردها إلى التمييز. =

ص: 222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وثانيًا: أن ما عدا الدم الأسود ليس بحيض.

وكل من روى قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش في الصحيحين وفي غيرهما لم يذكر أحد منهم قوله: (إن دم الحيض دم أسود يعرف) إلا محمد بن عمرو، وهو ممن لا تحتمل مخالفته، وقد رد الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة إلى عادتها، وليس إلى التمييز بين الأسود وغيره.

فروى البخاري (306) من طريق مالك عن هشام عن عروة عن عائشة قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش يا رسول الله إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، وليس بالحيضة. فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي.

فقوله (فإذا ذهب قدرها) صريح باعتبار العادة

قال ابن رجب في شرح البخاري (2/ 58): «والأظهر -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ردها إلى العادة لا إلى التمييز، لقوله: (فإذا ذهب قدرها)» .اهـ

ورواه البخاري (325): من طريق أبي أسامة عن هشام به بلفظ: (ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها).

ورواه أبو عوانة عن هشام به عند ابن حبان (1355): (تدع الصلاة أيامها).

ورواه البخاري (320) من طريق ابن عيينة عن هشام به بلفظ: (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي).

ورواه البخاري (331) من طريق زهير.

ومسلم (333) من طريق وكيع، كلاهما عن هشام به بنفس لفظ ابن عيينة، إلا أنه قال:(وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم).

وهذه الرواية علقت الحكم بإقبال الحيض وإدباره، فظاهر الحديث أنه يردها إلى التمييز، وهذا ما فهمه الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 539) ح 306 حيث قال:«والحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة، تعتبر دم الحيض، وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة» إلخ كلامه رحمه الله.

والصحيح أنه محمول على ردها إلى العادة ولا تعارض بينه وبين ما سبق من الروايات وقوله: (فإذا أقبلت) يعني: وقت الحيضة وزمنها، وقوله:(وإذا أدبرت): أي أدبر وقتها جمعًا بينها وبين الروايات السابقة؛ لأن في رواية أبي حمزة عن هشام به عند ابن حبان (1354): (فإذا أقبل الحيض فدعي الصلاة عدد أيامك التي كنت تحيضين).

ففي هذه الرواية جمع بين قوله: (فإذا أقبل الحيض) وبين قوله: (فدعي الصلاة عدد أيامك) فلو كان يقصد من إقبال المحيض وإدباره التمييز، ما قال:(فدعي الصلاة عدد أيامك). =

ص: 223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا واضح بين، فتبين من هذا التحرير أن حديث عروة عن عائشة في قصه استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش كما في الصحيحين ردها إلى العادة، بينما حديث محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة ردها إلى التمييز.

وقد روى أحمد في المسند (6/ 321، 322)، وأبو داود (278) عن عفان.

ورواه الحميدي (304)، والطبراني في الكبير (23/) ح 919، ومشكل الآثار للطحاوي (2723)، وسنن الدارقطني (1/ 207) عن سفيان.

ورواه الدارقطني أيضًا (1/ 208) من طريق عبد الوارث ثلاثتهم عن وهيب قال: حدثنا أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة بلفظ: أن فاطمة استحيضت، وكانت تغتسل في مركن لها، فتخرج، وهي عالية الصفرة والكدرة، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: تنظر أيام قرئها، أو أيام حيضها، فتدع الصلاة، وتغتسل فيما سوى ذلك، وتستثفر بثوب، وتصلي. وهذا لفظ أحمد. ورجاله ثقات إلا أن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة، وقد سبق تخريج هذا الحديث، انظر ح (59).

وهذه قصة استحاضة فاطمة من طريق آخر غير طريق عروة، وفيه ردها إلى العادة، وليس إلى التمييز.

وإذا تلمسنا حكم المستحاضة من غير قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش، فقد روى مسلم (65 - 334) من طريق عروة، عن عائشة في قصة استحاضة أم حبيبة، وقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك.

فردها إلى العادة، ولم يردها إلى التمييز بين الدم الأسود وغيره.

فتبين أن الحكم الشرعي في المستحاضة المعتادة أنها ترد إلى عادتها، لا إلى التمييز، وتبين بهذا نكارة ما رواه محمد بن عمرو في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش.

قال النسائي في السنن (1/ 123)، قد روى هذا الحديث غير واحد، ولم يذكر أحد منهم ما ذكره ابن أبي عدي. اهـ يشير إلى إعلاله.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (117): «سألت أبي .. وذكر الحديث فقال أبي: لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر» .

وقال الدارقطني في العلل (14/ 103): «وروى محمد بن عمرو بن علقمة هذا الحديث، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة بنت أبي حبيش.

وقال مرة: عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش، وأتى فيه بلفظ أغرب به، وهو قوله: إن دم الحيض دم أسود يعرف».

العلة الثالثة: الاضطراب في السند، فمرة حدث به محمد بن أبي عدي من كتابه فجعله عن عروة، عن فاطمة بنت أبي حبيش، وعروة لم يسمع من فاطمة. =

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وحدث به أخرى من حفظه فجعله عن عروة عن عائشة فوصله، والكتاب مقدم على الحفظ فيكون على هذا منقطعًا؛ لأن عروة لم يسمعه من فاطمة، وهو إسناد واحد مداره على محمد بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب.

وقيل: عن ابن شهاب عن عروة عن أسماء بنت عميس، انفرد به سهيل بن أبي صالح.

هذا الاختلاف في الإسناد.

قال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (457): «وهو فيما أرى منقطع، وذلك أنه حديث انفرد بلفظه محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة أنها كانت تستحاض.

فهو على ذلك منقطع؛ لأنه قد حدث به مرة أخرى من حفظه، فزادهم فيه: عن عائشة فيما بين عروة وفاطمة فاتصل، فلو كان بعكس هذا كان أبعد من الريبة -أعني أنه يحدث به من حفظه مرسلًا، ومن كتابه متصلًا- فأما هكذا فهو موضع نظر».

تخريج الحديث:

الحديث رواه محمد بن أبي عدي من كتابه، عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة، عن فاطمة.

أخرجها أبو داود (286، 304)، ومن طريقه البيهقي في السنن (1/ 325).

وأخرجه النساني في المجتبى (215، 362) وفي الكبرى (215)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3483)، وأبو أحمد الحاكم في فوائده (66) والدارقطني (1/ 325)، والحاكم (1/ 174)، وأبو نعيم الأصفهاني في الطب النبوي (431) عن محمد بن المثنى،

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 325) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل.

وابن المنذر في الأوسط (3/ 64) من طريق محمد بن يحيى، كلاهما (عبد الله بن أحمد، ومحمد بن يحيى) عن أحمد بن حنبل،

وكلاهما (محمد بن المثنى وأحمد بن حنبل) روياه عن محمد بن أبي عدي عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة.

قال أبو داود: قال ابن المثنى: حدثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا، ثم حدثنا به بعد حفظًا، فقال: حدثنا محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن فاطمة كانت تستحاض

فذكر معناه.

وقال نحوه النسائي (362)، وأبو أحمد الحاكم (66)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3483) والدارقطني في السنن (1/ 325)، وأبو نعيم الأصفهاني في الطب النبوي (431).

وقال أحمد بن حنبل كما في السنن الكبرى للبيهقي (1/ 325): «كان ابن أبي عدي حدثنا به عن عائشة، ثم تركه» .اهـ

والذي يظهر أن ابن عدي تركه لما تردد فيه هل هو من مسند عائشة، أو من مسند فاطمة. =

ص: 225

(1970 - 430) وروى الدارقطني، من طريق إبراهيم بن مهدي المصيصي، عن حسان ابن إبراهيم، عن عبد الملك، عن العلاء، عن مكحول،

عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقل ما يكون المحيض عن الجارية البكر

= ويترجح الكتاب على الحفظ من وجهين:

الأول: أن الكتاب أضبط، لأن الوهم يتطرق إلى الحفظ بخلاف الكتاب.

الوجه الثاني: أن رواية الكتاب هي الرواية المتقدمة، ورواية الحفظ كانت متأخرة؛ لأن محمد بن المثنى رواه عن ابن أبي عدي من كتابه، وقال: ثم حدثنا به حفظًا، والمتقدم مقدم على المتأخر. وإذا كان هذا هو المعروف فهي رواية منقطعة؛ لأن عروة لم يسمع من فاطمة بنت أبي حبيش.

وذكر الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 154) أن أحمد بن حنبل رواه عن محمد بن أبي عدي، فأوقفه على عروة.

قال الطحاوي: «ذكر لنا أحمد بن شعيب أنه أنكر عليه -يعني محمد بن المثنى- لما حدث به كذلك -يعني عن عائشة- وقيل له: إن أحمد بن حنبل قد كان حدث به عن محمد بن أبي عدي فأوقفه على عروة، ولم يتجاوز به إلى عائشة، فقال: إنما سمعته من ابن أبي عدي من حفظه» .

وقد سبق لنا أن البيهقي وابن المنذر في الأوسط قد روى رواية أحمد بن حنبل عن ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن عروة، عن فاطمة، فالله أعلم بالصواب.

وأما الرواية الموصولة، فهو ما حدث به ابن أبي عدي من حفظه، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.

أخرجها أبو داود (286)، والنسائي (216، 363)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3484)، والطحاوي في مشكل الآثار (2729)، وأبو أحمد الحاكم في فوائده (67)، والدارقطني (1/ 207)، وابن حبان (1348)، والبيهقي (1/ 326) عن محمد بن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي ـ أي من حفظه ـ عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش، فوصله.

فحين رواه ابن أبي عدي من حفظه ذكره على الجادة؛ لأن عروة مكثر من عائشة.

ورواه إبراهيم بن نافع، وجعفر بن برقان، عن الزهري مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك الدارقطني في العلل (14/ 103)، ولم أقف على لفظها. وهذه مخالفة أخرى لمحمد بن عمرو في شيخه الزهري.

وأما رواية سهل بن أبي صالح عن ابن شهاب عن عروة عن أسماء فسوف يأتي بيان الاختلاف فيها إن شاء الله في اغتسال المستحاضة.

ص: 226

ثلاث، وأكثر ما يكون من المحيض عشرة أيام، فإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة، تقضي ما زاد على أيام أقرائها، ودم الحيض لا يكون إلا دمًا أسود عبيطًا تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة رقيق تعلوه صفرة، فإن أكثر عليها في الصلاة فلتحتشي كرسفًا

الحديث

(1)

.

[وفيه العلاء بن كثير وهو متروك]

(2)

.

وقال أبو داود: وقال مكحول: «إن النساء لايخفى عليهن الحيضة، إن دمها أسود غليظ، فإذا ذهب ذلك، وصارت صفرة رقيقة، فإنها استحاضة، فلتغتسل ولتصل»

(3)

.

وساقه البيهقي مسندًا إلى أبي داود، ولم أقف على سنده إلى مكحول

(4)

.

(1971 - 431) وأخرج الدارمي، قال: حدثنا حجاج بن نصير، ثنا قرة، عن الضحاك أن امرأة سألته فقالت:

إني امرأة أستحاض؟ فقال: إذا رأيت دمًا عبيطًا فأمسكي أيام أقرائك

(5)

.

[ضعيف من أجل حجاج].

الفارق الثاني: أن دم الحيض ثخين، ودم الاستحاضة رقيق.

قال الشافعي في الأم: «إذا كان الدم ينفصل، فيكون في أيام أحمر قانئًا ثخينًا محتدمًا، وأيامٍ رقيقًا إلى الصفرة، أو رقيقًا إلى القلة، فأيام الدم الأحمر القاني المحتدم الثخين أيام الحيض، وأيام الدم الرقيق أيام استحاضة

(6)

.

(1)

سنن الدارقطني (1/ 218).

(2)

سبق تخريجه. انظر رقم (1569).

(3)

رواه أبو داود بعد حديث (286) معلقًا.

(4)

سنن البيهقي (1/ 326)، وذكره معلقًا ابن عبد البر في التمهيد (16/ 74).

(5)

سنن الدارمي (802).

(6)

الأم (1/ 61).

ص: 227

قال الماوردي في الحاوي: «المحتدم هو الحار المحترق، مأخوذ من قولهم: يوم محتدم، إذا كان شديد الحر، ساكن الريح»

(1)

.

قلت: جاء في تاج العروس: «احتدم فلان عليه غيظًا إذا تحرق، وكذا احتدم صدره: أي تغيظ وتحرق. وفي التهذيب: كل شيء التهب فقد احتدم. واحتدم الدم: اشتدت حمرته حتى يسود»

(2)

. وهذا موضع الشاهد.

فإذًا المقصود بالدم المحتدم إذا كان حارًا، وقد اشتدت حمرته حتى مال إلى السواد.

وقال الخرقي في مختصره كما في المغني: «فمن طبق بها الدم، فكانت ممن تميز، فتعلم إقباله، بأنه أسود ثخين منتن، وإدباره رقيق أحمر، تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت»

(3)

.

ولا أعلم دليلًا على اعتبار كونه ثخينًا إلا أن يكون الاستدلال من حيث الواقع، أما شيء مرفوع فلا أعلم.

نعم جاء في كتب الأطباء ما يبين سبب ثخونة دم الحيض، وذلك أن دم الحيض ليس مجرد دم فقط، بل إن الدم ينزل ومعه قطع من الغشاء المبطن للرحم مفتتة

(4)

.

الفارق الثالث: الرائحة.

فدم الحيض منتن، كريه الرائحة، ودم الاستحاضة لا رائحة له.

وممن ذكر الرائحة فرقًا الشافعي كما في مختصر المزني

(5)

، والخرقي كما سقنا كلامه

(1)

الحاوي (1/ 389).

(2)

تاج العروس (16/ 131).

(3)

المغني (1/ 391).

(4)

يقول الدكتور البار في كتابه خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 90): «وعند فحص دم الحيض بالمجهر فإننا نرى كرات الدم الحمراء والبيضاء وقطعًا من الغشاء المبطن للرحم» . ويقول أيضًا (ص: 93): «وينزل دم الحيض محتويًا على قطع من الغشاء المبطن للرحم مفتتة» .

(5)

مختصر المزني (1/ 11).

ص: 228

قبل قليل، وذكره ابن قدامة في المقنع

(1)

.

الفرق الرابع: التجمد.

فدم الحيض لايتجمد إذا ظهر، لأنه تجمد في الرحم ثم انفجر وسال فلا يعود ثانية للتجمد، وأما دم الاستحاضة فإنه دم عرق إذا ظهر تجمد

(2)

.

فهذه أربعة فروق

اللون، الرقة، الرائحة، التجمد

ولم يأت مرفوعًا إلا التفريق باللون، ولم أقف على حديث مرفوع أو أثر موقوف على اعتبار ما عداه.

وحتى اللون لايعتبر التمييز فيه فقط بالدم الأسود، بل ذكر صاحب مغني المحتاج: أن التمييز هو بين الدم القوي والضعيف، فقال:«إن الأحمر ضعيف بالنسبة للأسود، وقوي بالنسبة للأشقر، والأشقر أقوى من الأصفر، والأصفر أقوى من الأكدر، وما له رائحة كريهة أقوى مما لا رائحة له، والثخين أقوى من الرقيق، فالقوي هو الحيض وما عداه استحاضة»

(3)

.

وهذا الكلام جيد؛ لأن دم الحيض ليس مقصورًا على الأسود فقط.

(1)

انظر: المبدع (1/ 274). يقول الدكتور محمد البار في كتابه خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 91): «ولم أجد فيما لدي من كتب أمراض النساء شيئًا يذكر هذه الرائحة الخاصة .. فسألت بعض النسوة اللاتي يترددن على عيادتي: هل تجدن رائحة خاصة لدم الحيض فأجبن أن نعم» . اهـ

(2)

يقول الدكتور البار نقلًا عن الدكتور دوجالد بيرد في كتابه (المرجع في أمراض النساء والولادة)، يقول:«ودم الحيض لا يتجلط (يتجمد) ويمكن بقاؤه سنين طويلة على تلك الحالة دون أن يتجلط، فإذا ظهر دم متجلط (متجمد) أثناء الحيض فإن الحائض سرعان ماتعرف ذلك ويعتبر ذلك غير طبيعي» . ويقول أيضًا: «وينزل لذلك دم الحيض لا يتجلط، ولو بقي سنينًا طوالًا، وذلك لأنه قد سبق تجلطه في الرحم، ثم أذيبت الجلطة بفعل خميرة (انزيم)» . انظر خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 89 - 93).

(3)

مغني المحتاج (1/ 113)، وانظر روضة الطالبين (1/ 140).

ص: 229

(1972 - 432) فقد روى مالك في الموطأ، قال: عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت:

كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين، بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.

[وإسناده حسن]

(1)

.

فإن كان هناك دليل على اعتبار التمييز في غير اللون، سواء كان مرفوعًا أو موقوفًا قبلته وإلا فيقتصر على التمييز باللون فقط، وهو رأي أبي المعالي، ذكره ابن مفلح في الفروع

(2)

، وابن مفلح الصغير في المبدع

(3)

.

قال النووي: والوجه الثاني: أن المعتبر في القوة اللون وحده، وادعى إمام الحرمين اتفاق الأصحاب على هذا الوجه. واقتصر عليه الغزالي. والصحيح عند الأصحاب الوجه الأول

(4)

.

* * *

(1)

الموطأ (1/ 59)، وسبق تخريجه، انظر ح:(1616).

(2)

الفروع (1/ 274).

(3)

المبدع (1/ 275).

(4)

روضة الطالبين (1/ 141).

ص: 230