الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في الحائض إذا اضطرت للطواف
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• كل الشروط والواجبات في الشرع معلق وجوبها بالقدرة، وتسقط بالعجز.
[م-759] خلصنا من البحث السابق أن الطهارة من الحيض شرط لصحة الطواف كما أن الطهارة شرط لصحة الصلاة، وبقي أن نبحث فيما لو عجزت المرأة عن تحقيق هذا الشرط، بأن كانت لا تستطيع البقاء في مكة حتى تطهر، فهل يصح طوافها في مثل هذه الحال؟ أم لا يجوز لها الطواف؟ في هذه المسألة وقع خلاف بين العلماء:
فقيل: لا يصح طوافها بحال.
وهو مذهب المالكية
(1)
، والشافعية
(2)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
وقيل: الطهارة من الحيض ليست بشرط، ولكنها واجبة تجبر بدم.
(1)
مواهب الجليل (3/ 67)، المنتقى للباجي (2/ 290)، القوانين الفقهية (ص: 89). الخرشي (2/ 314)، المعونة (1/ 186)، حاشية الدسوقي (2/ 31).
(2)
الحاوي (1/ 384)، المهذب (1/ 228)، المجموع (8/ 17).
(3)
المغني (5/ 223)، كشاف القناع (2/ 485)، الفروع (3/ 502)، المبدع (3/ 221)، الإنصاف (4/ 16)، شرح الزركشي (3/ 195).
وهو مذهب الحنفية
(1)
، ورواية عن أحمد
(2)
، واختلفوا في الدم هل هو شاة أم بدنة. فقيل بدنة، وهو مذهب الحنفية. وقيل شاة.
وقيل: إذا عجزت عن الطهارة صح طوافها ولا يحتاج إلى جبران، وهو اختيار ابن تيمية
(3)
، وابن القيم
(4)
، وهو الصواب.
• أدلة الجمهور على أنه لا يصح طوافها بحال:
سبق أن ذكرنا أدلتهم في مسألة اشتراط الطهارة للطواف، والجواب عليها، فارجع إليها إن شئت.
• أدلة الحنفية على أن الطهارة واجبة وليست بشرط وتجبر بدم:
استدلوا بقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)[الحج: 29].
أن الله سبحانه وتعالى أمر بالآية بالطواف، وهو اسم للدوران حول البيت، وذلك يتحقق من المحدث والطاهر، فاشتراط الطهارة في الطواف يكون زيادة على النص، ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد، ولا بالقياس؛ لأن الشرطية لا تثبت إلا بدليل قاطع، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد؛ لأنه يوجب العمل، ولا يوجب علم اليقين، والشرطية إنما تثبت بما يوجب علم اليقين فلم تصر الطهارة شرطًا، ولكنها واجبة، والدم يقوم مقام الواجبات في الحج
(5)
.
• وهذا الكلام مدخول من أكثر من وجه:
أولًا: قوله: إن خبر الواحد يوجب العمل، ولا يوجب علم اليقين، فإن كان
(1)
المبسوط ـ السرخسي (4/ 38)، بدائع الصنائع (2/ 129)، فتح القدير (3/ 51) البحر الرائق (1/ 203).
(2)
الفروع (3/ 502)، المبدع (3/ 221) الإنصاف (4/ 16).
(3)
الاختيارات (ص: 37)، مجموع الفتاوى (26/ 213)، الإنصاف (4/ 16).
(4)
أعلام الموقعين (3/ 14 - 21).
(5)
انظر المبسوط ـ السرخسي (4/ 38).