الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن عبد البر: قوله: (ولم يرها شيئًا) لو صح فمعناه عندي، والله أعلم ولم يرها شيئًا مستقيمًا، لكونها لم تقع على السنة.
وقال الخطابي بعد أن ضعف رواية أبي الزبير: وقد يحتمل أن يكون معناه ولم يرها شيئًا تحرم معه المراجعة، أو لم يرها شيئًا جائزًا في السنة ماضيًا في الاختيار وإن كان لازمًا له مع الكراهة.
وحمله الشافعي قوله: (لم يرها شيئًا) أي لم يعدها شيئًا صوابًا غير خطأ بل يؤمر صاحبه أن لا يقيم عليه، لأنه أمره بالمراجعة، ولو كان طلقها طاهرًا لم يؤمر بذلك، فهذا كما يقال للرجل إذا أخطأ في فعله، أو أخطأ في جوابه لم يصنع شيئًا، أي: لم يصنع شيئًا صوابًا.
هذا سبيل من رام الجمع، وفي كلا الأمرين في حال الترجيح، أو الجمع يبقى القول بوقوع الطلاق قولًا لا يمكن دفعه لكثرة رواياته.
الدليل الرابع:
احتج القائلون بأن طلاق الحائض لا يقع
(1946 - 406) بما رواه ابن حزم، بإسناده من طريق محمد بن بشار، أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر،
عن ابن عمر أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض، قال ابن عمر: لا يعتد لذلك
(1)
.
وصحح إسناده الحافظ في الفتح في كتاب الطلاق: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، وهو كما قال.
كما صحح إسناده ابن القيم في تهذيب السنن
(2)
.
(1)
المحلى (مسألة 1945).
(2)
تهذيب السنن (3/ 101).
وجه الاستدلال:
قالوا: إن قول ابن عمر: (لا يعتد لذلك) أي لا يعتد بتلك الطلقة وإذا كان لا يعتد بها فكأنها لا شيء فلم تحتسب.
• وأجيب:
بأن اللفظ فيه اختصار موهم،
(1947 - 407) فقد رواه ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع،
عن ابن عمر في الذي يطلق امرأته وهي حائض قال: لا تعتد بتلك الحيضة
(1)
.
وأخرجه البيهقي، من طريق يحيى بن معين، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي به، قال يحيى: وهذا غريب ليس يحدث به إلا عبد الوهاب الثقفي
(2)
.
فتبين أن حديث عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي هو في نفي الاعتداد بتلك الحيضة، وليس في نفي الطلاق في الحيض.
ونفي الاعتداد بتلك الحيضة معناه الاعتداد في غيرها، فهو يومئ إلى وقوع الطلاق في الحيض، فلو كان لا يقع لم يحتج إلى التأكيد إلى نفي الاعتداد بتلك الحيضة؛ لأنها لن تعتد بتلك الحيضة ولا بغيرها. لكن لما كان الطلاق معتبرًا أشار إلى عدم الاعتداد بتلك الحيضة التي وقع فيها الطلاق.
وقد أوقع الاختصار الذي في رواية ابن حزم، أوقع ابن حزم وابن القيم إلى الجزم بأن ابن عمر قد اختلف عليه في احتساب ذلك الطلاق منه وإلى تقوية رواية
أبي الزبير بهذه الرواية الموقوفة، فتبين ولله الحمد أنه لا دليل فيها، وأن ابن عمر لم يختلف عليه في وقوع الطلاق.
ولو فرضنا ان قوله: (لا يعتد بها .. ) أي لا يعتد بتلك الطلقة لكان معناه أنه قد
(1)
المصنف (4/ 58) رقم 17746.
(2)
سنن البيهقي (7/ 418).