الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي سبب وجوب الرد، وشرط الرد ومكانه ومؤنته، وما يصير به المالك مسترداً (1).
اتفق الفقهاء على أنه يجب رد العين المغصوبة إلى صاحبها حال قيامها ووجودها بذاتها لقوله صلى الله عليه وسلم: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جاداً، ولا لاعباً، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه، فليردها عليه» (2) وترد إلى مكان الغصب لتفاوت القيم باختلاف الأماكن.
ومؤنة الرد (نفقته) على الغاصب؛ لأنها من ضرورات الرد، فإذا وجب عليه الرد، وجب عليه ما هو من ضروراته كما في رد العارية.
ويصير المالك مسترداً للمغصوب: بإثبات يده عليه، لأنه صار مغصوباً بتفويت يده عنه. فإذا أثبت يده عليه، فقد أعاده إلى يده، وزالت يد الغاصب عنه، إلا أن يغصبه مرة أخرى.
ويبرأ الغاصب من الضمان بالرد، سواء علم المالك بحدوث الرد أم لم يعلم؛ لأن إثبات اليد على الشيء أمر حسي لا يختلف بالعلم أو الجهل بحدوثه.
الحكم الثالث ـ ضمان المغصوب إذا هلك:
والكلام فيه يتناول عدة مواضع هي مايأتي:
1 - كيفية الضمان:
إذا هلك المغصوب أو تلف أو أتلف عند الغاصب، وكان من المنقولات عند
(1) البدائع: 148/ 7، الدر المختار: 128/ 5، تكملة الفتح: 367/ 7، الميزان: 88/ 2.
(2)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن السائب بن يزيد عن أبيه (نيل الأوطار: 316/ 5).
الحنفية (1)، أو من العقارات أو المنقولات عند غير الحنفية (2)، بفعله أو بغير فعله، فعليه ضمانه، أي غرامته أو تعويضه. لكن إن كان الهلاك بتعد من غيره، لا بآفة سماوية، رجع الغاصب عليه بما ضمن؛ لأنه يستقر عليه ضمان الشيء الذي يمكنه أن يتخلص منه برده إلى من كان في يده. وعبارتهم فيه:«الغاصب ضامن لما غصبه، سواء تلف بأمر الله، أو من مخلوق» (3).
وكيفية الضمان أو قاعدته: أنه يجب ضمان المثل باتفاق العلماء إذا كان المال مثلياً، وقيمته إذا كان قيمياً، فإن تعذر وجود المثل وجبت القيمة للضرورة.
أما ضمان المثل فلقوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم، فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة:194/ 2]{وإ ن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل:126/ 16]{وجزاء سيئة سيئة مثلها} [الشورى:40/ 42] ولأن المثل تماماً أقرب إلى الأصل التالف، فكان الإلزام به أعدل وأتم لجبران الضرر، والواجب في الضمان الاقتراب من الأصل بقدر الإمكان تعويضاً للضرر.
وأما ضمان القيمة فلأنه تعذر الوفاء بالمثل تماماً صورة ومعنى، فيجب المثل المعنوي وهو القيمة؛ لأنها تقوم مقامه، ويحصل بها مثله، واسمها ينبئ عنه.
والمال المثلي: هو مايوجد له مثل في الأسواق بلا تفاوت يعتد به. أو هو ما تماثلت آحاده أو أجزاؤه بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض دون فرق يعتد به.
(1) المبسوط: 50/ 11، البدائع: 150/ 7، 168، الدر المختار: 128/ 5، تبيين الحقائق: 223/ 5، 234، تكملة الفتح: 363/ 7، اللباب والكتاب: 188/ 4 وما بعدها.
(2)
الشرح الكبير للدردير: 443/ 3، القوانين الفقهية: ص 330 وما بعدها، بداية المجتهد: 312/ 2، مغني المحتاج: 281/ 2، 284، فتح العزيز شرح الوجيز: 242/ 11 بهامش المجموع، المغني: 221/ 5، 254، 258، كشاف القناع: 116/ 4 وما بعدها.
(3)
القوانين الفقهية: ص 331.
والأموال المثلية أربعة: هي المكيلات والموزونات، والعدديات المتقاربة، وبعض أنواع الذرعيات.
والمكيلات: هي التي تباع بالكيل كالقمح والشعير، وكبعض السوائل التي تباع اليوم بالليتر كالبترول والبنزين.
والموزونات: هي التي تباع بالوزن كالسمن والزيت والسكر.
والذرعيات: هي التي تباع بالذراع ونحوه كالقطع الكبرى من المنسوجات الصوفية أو القطنية أو الحريرية.
والعدديات المتقاربة: هي التي لاتتفاوت آحادها إلا تفاوتاً بسيطاً كالبيض والجوز. وكالمصنوعات المتماثلة من صنع المعامل كالكؤوس وصحون الخزف والبلور ونحوها من الدفاتر والأقلام والمطبوعات.
والقيمي: هو ما ليس له مثل في الأسواق، أويوجد لكن مع التفاوت المعتد به في القيمة. أو هو ما تفاوتت أفراده، فلا يقوم بعضها مقام بعض بلا فرق كالدور والأراضي المختلفة المواقع أو المبنية والأشجار والحيوان والمفروشات والمخطوطات ونحوها (1).
وتجب القيمة في ثلاث حالات (2):
1 -
إذا كان الشيء غير مثلي كالحيوانات والدور والمصوغات، فلكل واحد منها قيمة تختلف عن الأخرى باختلاف الصفات المميزة لكل واحد.
(1) الدر المختار وحاشيته: 130/ 5، 173/ 4، اللباب والكتاب: 188/ 2، تكملة الفتح: 363/ 7، تبيين الحقائق: 223/ 5، بداية المجتهد: 312/ 2، شرح الرسالة: 217/ 2، القوانين الفقهية: ص 330، مغني المحتاج: 281/ 2، 284، كشاف القناع: 116/ 4 ومابعدها، المدخل لنظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي للأستاذ مصطفى الزرقا: ص50.
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 129/ 5.