الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه إذا ضاق مال الراهن عن وفاء ديونه، وطالب الغرماء بديونهم، أو حجر على المدين لإفلاسه عند مجيزي الحجر خلافاً لأبي حنيفة، وأريد قسمة ماله بين غرمائه (دائنيه)، فأول من يقدم هو المرتهن لاستيفاء حقه من ثمن المرهون، أو من قيمته عند ضمانه عوضاً عنه من قيمة أو مثل، أياً كان الضامن، بسبب الإتلاف.
ولا يحق الاعتراض لباقي الغرماء، ولهم أخذ ما فضل من الثمن؛ لأن حق المرتهن متعلق بعين الرهن، وذمة الراهن معاً، فهو صاحب حق عيني، وأما سائر الغرماء، فيتعلق حقهم بالذمة، دون العين، فكان حقه أقوى، وحقهم شخصي فقط.
هذا إن كان ثمن المرهون كافياً لحق المرتهن، ويفضل منه شيء، فيوزع الفاضل أو الباقي على الغرماء بالتساوي، فإن فضل من دين المرتهن شيء، أخذ ثمن المرهون، وساهم مع الغرماء ببقية دينه.
ويسدد دين المرتهن من ثمن المرهون، إذا كان الدين حالاً، فإن كان مؤجلاً، وبيع الرهن لسبب من الأسباب التي تستوجب بيعه قبل حلول أجل الدين كما في بيع ما يسرع إليه الفساد، فإن الثمن يبقى رهناً بدل أصله، إلى أن يحل الدين.
رابعاً ـ اشتراط المرتهن تملكه للرهن عند عدم الوفاء (غَلَق الرهن):
اتفق جمهور الفقهاء (1) على أنه إذا شرط المرتهن في عقد الرهن أنه متى حل الدين، ولم يوف، فالمرهون له بالدين، أو فهو مبيع له بالدين الذي على الراهن،
(1) المغني: 383/ 4، القوانين الفقهية: ص 324 ومابعدها، المنتقى على الموطأ: 239/ 5، نيل الأوطار: 235/ 5 ومابعدها، مغني المحتاج: 137/ 2.
فهو شرط فاسد، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يَغْلَق الرهن من صاحبه» ، أي لا يستحقه ولا يملكه المرتهن إذا لم يُفْتَكَّ في الوقت المشروط. قال مالك:«لا يغلق الرهن» معناه ـ والله أعلم ـ لا يمنع من فكه، والنهي عن الشيء يقتضي فساد المنهي عنه. وقال الأزهري: الغَلَق في الرهن: ضد الفك، فإذا فك الراهن الرهن، فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه. وروى عبد الرزاق عن معمر: أنه فسر غَلَق الرهن بما إذا قال الرجل: إن لم آتك بمالك، فالرهن لك.
والخلاصة: أن المراد بالحديث: لا يستحق المرتهن الرهن، إذا لم يُفْتَكَّ في الوقت المشروط، فلو هلك الرهن، لم يذهب حق المرتهن، وإنما يهلك من رب الرهن، إذ له غنمه وعليه غرمه.
قال النووي في المنهاج وشراحه: ولو شرط كون المرهون مبيعاً له عند الحلول، فسد، أي الرهن لتأقيته، والبيع لتعليقه. والمرهون قبل المَحِل، أي وقت الحلول أمانة؛ لأنه مقبوض بحكم الرهن الفاسد، وبعده مضمون بحكم الشراء الفاسد.
وهناك قول لأبي الخطاب من الحنابلة، ولبعض الحنفية: أن الرهن لا يفسد بهذا الشرط؛ لأن الحديث: «لا يغلق الرهن» نفى غَلَقه دون أصله، فيدل على صحته، ولأن الراهن قد رضي برهنه مع هذا الشرط، فمع بطلانه أولى أن يرضى به.
ورد ابن قدامة الحنبلي: أنه رهن بشرط فاسد، فكان فاسداً، كما لو شرط توقيته. وليس في الخبر أنه شرط ذلك في ابتداء العقد، فلا يكون فيه حجة.