الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالعروض التجارية من المنقولات، والشفعة مشروعة في الأرض التي تبقى على الدوام، ويدوم ضررها.
ونقل الكاساني (1) عن الإمام مالك: أنه يرى الشفعة في السفن؛ لأن السفينة أحد المسكنين، فتجب فيها الشفعة، كما تجب في المسكن الآخر، وهو العقار، لكن هذا لم يصح عن مالك، كما حقق ابن عبد السلام. وبه يتبين أن المذاهب الأربعة متفقة على عدم الشفعة في السفن.
الشفعة في الزرع والثمر والشجر:
لا شفعة عند الجمهور (غير المالكية)(2) فيما ليس بعقار كالبناء والشجر المفرد عن الأرض، فإن كان تبعاً في البيع للأرض، وجبت الشفعة فيه (3).
ومما يتبع الأرض عند الشافعية في الأصح: ثمر لم يؤبر؛ لأنه يتبع الأصل في البيع، فيتبعه في الأخذ، قياساً على البناء والغراس.
واقتصر الحنابلة على إتباع الغراس والبناء للأرض؛ لأنهما يؤخذان تبعاً للأرض، ففيهما الشفعة تبعاً. ولم يتبعوا الزرع والثمرة للأرض؛ لأن من شروط وجوب الشفعة أن يكون المبيع أرضاً؛ لأنها هي التي تبقى على الدوام، ويدوم ضررها.
(1) البدائع: 12/ 5. ولم أر في كتب المالكية التي اطلعت عليها تصريحاً لهم بالشفعة في السفينة، وإنما يوجبونها في العقار فقط. قال ابن عبد السلام من المالكية: ما نقله بعض الحنفية عن مالك في السفينة: لا يصح (شرح التنوخي لرسالة القيرواني: 193/ 2).
(2)
تكملة الفتح: 435/ 7، مغني المحتاج: 296/ 2 وما بعدها، كشاف القناع: 155/ 4.
(3)
نصت المادة (1019) مجلة على أنه لا تجري الشفعة في الأشجار والأبنية في أرض الوقف.
وأجاز المالكية (1) الشفعة في البناء والشجر إذا بيع أحدهما مستقلاً عن الأرض؛ لأن كلاً منهما عندهم عقار، والعقار: هو الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر، فلا شفعة في حيوان أو عرض تجاري إلا إذا بيع تبعاً للأرض.
مثاله: الشجر أو البناء في أرض موقوفة (محبَّسة) أو معارة: بأن اقتضت المصلحة إجارة الأرض الموقوفة، سنين، ثم بنى فيها المستأجر أو غرس بإذن ناظرها، على أن ذلك له، فإذا كان المستأجر متعدداً، وباع أحدهم، فللآخر الشفعة.
وأجاز المالكية أيضاً الشفعة في الثمار (2)(الفاكهة) والخضر، كالقِثَّاء، والبطيخ بنوعيه الأخضر والأصفر، والخيار، والباذنجان والفول الأخضر، ونحوه مما له أصل تجنى ثمرته، ويبقى في الأرض وقتاً ما، فإذا باع أحد الشريكين نصيبه منها، ولو مفرداً عن أصله، فللآخر أخذه بالشفعة.
واشترطوا في الثمرة المأخوذة بالشفعة منفردة: أن تكون موجودة حين الشراء، بشرط كونها مؤبرة.
ولم يجز المالكية الشفعة في زرع كقمح وكتان وبرسيم، ولا في بَقْل مما ينزع أصله كفجل وجزر وبصل وقلقاس، وملوخية. فلو بيع الزرع أو البقل مع أرضه، فلا شفعة فيه، وإنما هي في الأرض فقط، بما ينو بها من الثمن.
وأما الظاهرية: فقد توسعوا في إيجاب حق الشفعة للشفيع أكثر من سائر
(1) الشرح الكبير: 479/ 3 وما بعدها، الشرح الصغير: 634/ 3، 638 - 639، بداية المجتهد: 254/ 2 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 286، شرح الرسالة: 192/ 2.
(2)
قال مالك عن الشفعة في الثمرة: ما علمت أحداً من أهل العلم قاله قبلي، ولكني استحسنته (شرح التنوخي لرسالة ابن أبي زيد القيرواني: 192/ 2).