الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولي حق شفعة الصغير ونحوه من المحجورين، فاعلاً ما يراه المصلحة للصغير في الأخذ بها، مثل كون ثمن المبيع رخيصاً أو بثمن المثل، وللصغير مال لشراء العقار. فإذا أخذ الولي بالشفعة لم يملك الصغير نقضها بعد البلوغ باتفاق المذاهب الأربعة.
وإن لم يطلب الولي حق شفعة الصغير، فلا تبقى له عند أبي حنيفة وأبي يوسف صلاحية طلب حق الشفعة بعد البلوغ؛ لأن من ملك الأخذ بها، ملك العفو عنها، كالمالك.
وقال المالكية والشافعية: ليس للصغير إذا بلغ المطالبة بالشفعة إذا عفا عنها وليه لمصلحة رآها للصغير، أو لم يكن للصغير ما يأخذها به، فتسقط الشفعة؛ لأن الولي فعل ماله فعله، فلم يجز للصبي نقضه كالرد بالبيع، ولأنه فعل ما فيه الحظ للصبي. فإن أسقط الولي الشفعة بلا نظر ولا تقدير للمصلحة، لم تسقط، ويكون للصغير الحق فيها إذا بلغ.
وقال الحنابلة، وزفر ومحمد من الحنفية: للصغير إذا بلغ المطالبة بالشفعة، سواء عفا عنها الولي أو لم يعف، وسواء أكان في الأخذ بها أم في تركها مصلحة، أم لا؟ لأن المستحق للشفعة يملك الأخذ بها، سواء أكان له فيها الحظ، أم لم يكن، فهي حق ثابت للصغير، لا يملك الولي إبطاله، فلم يسقط بترك غير الصغير له، كالغائب إذا ترك وكيله الأخذ بها (1).
نظر القاضي في طلب الشفعة وإثبات الدعاوى:
إذا تقدم الشفيع ليأخذ بالشفعة، وادعى شراء الدار المشفوعة، سأل
(1) تكملة الفتح: 436/ 7، 451، تبيين الحقائق: 263/ 5، م (1035) مجلة، الشرح الصغير: 645/ 3، الشرح الكبير: 486/ 3، المغني: 313/ 5 - 314، كشاف القناع: 161/ 4 وما بعدها.
القاضي (1) أولاً الشفيع عن موضع الدار وحدودها، لدعواه فيها حقاً. ثم هل قبض المشتري الدار؛ إذ لو لم يقبض لم تصح دعواه على المشتري ما لم يحضر البائع.
ثم يسأل القاضي عن سبب شفعة الشفيع وحدود ما يشفع به، إذ قد تكون دعواه بسبب غير صالح، ثم يسأل عن طلب التقرير كيف كان وعند من أشهد. فإذا تحقق ذلك كله صحت الدعوى.
ثم سأل القاضي المدعى عليه عن مالكية الشفيع لما يشفع به، فإن أقر بملكية الشفيع ما يشفع به، فبها، وإن أنكر تلك الملكية، كلف القاضي الشفيع إقامة البينة على ملكه؛ لأن ظاهر اليد (أو الحيازة) لا يكفي لإثبات الاستحقاق.
فإن عجز الشفيع عن البينة، استحلف ـ بطلب الشفيع ـ المشتري، بالله ما يعلم أن الشفيع مالك لما ذكره، مما يشفع به.
فإن نكل المشتري عن اليمين، أو قامت بينة للشفيع، ثبت ملكه الدار التي يشفع بها، وثبت له حق الشفعة.
ثم يسأل القاضي المدعى عليه أيضاً: هل اشترى (ابتاع) الدار المشفوعة، أو لا؟ فإن أقر فبها، وإن أنكر الابتياع، قيل للشفيع: أقم البينة على شرائه؛ لأن الشفعة لا تثبت إلا بعد ثبوت البيع بالحجة.
فإن عجز عنها، استحلف المشتري بالله، ما ابتاع هذه الدار، أو بالله، ما يستحق عليَّ في هذه الدار شفعة، من الوجه الذي ذكره الشفيع.
(1) الدر المختار ورد المحتار: 159/ 5، تكملة الفتح: 421/ 7، اللباب: 111/ 2، تبيين الحقائق: 244/ 5 وما بعدها.