الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما براءة الإسقاط: فتسقط الدين عن الذمة، مثل: أسقطت، وحططت، وأبرأت براءة إسقاط، وهي قد تكون بالنسبة للدين كله أو بعضه.
وأما براءة الاستيفاء: فهي عبارة عن الإقرار بأنه استوفى حقه وقبضه، مثل: أبرأتك براءة استيفاء، أو قبض، أو أبرأتك عن الاستيفاء. وتفيد عدم جواز المطالبة بالدين بعدئذ.
والفرق بينهما بالنسبة للرجوع على الدائن المبرئ: أن المدين المبرأ يرجع بما دفع في براءة الإسقاط، لا في براءة الاستيفاء اتفاقاً، ويتفرع عنه أنه لو علق رجل طلاق امرأته بإبرائها عن المهر، ثم دفعه لها، لا يبطل التعليق، وإذا أبرأته براءة إسقاط وقع الطلاق ورجع عليها بالمهر.
وبالنسبة لأثرهما يختص إبراء الإسقاط بالديون؛ لأن العبارة فيه صريحة في إسقاطها، ولا يصح في الأعيان، لعدم صحة إسقاط الأعيان. أما إبراء الاستيفاء: فإنه يكون في الدين والعين جميعاً؛ إذ الإقرار بالوفاء كما يكون في الدين يكون في العين، عن طريق دفعها إلى مالكها.
المبحث السادس ـ حكم الإبراء وحكم الرجوع عنه:
حكم الإبراء، أي أثره المترتب عليه إذا صدر مستوفياً شروطه: هو سقوط الحق المبرأ منه بحسب كون الإبراء خاصاً أو عاماً، فإذا كان خاصاً، لم تجز المطالبة بالحق، ولا تسمع دعواه فيما تناوله الإبراء. وإذا كان عاماً شمل جميع الحقوق الموجودة عند صدوره، ولا يشمل ما يحدث بعده من الحقوق.
ولا يقبل من المبرئ الرجوع عن الإبراء ولا العدول عنه في رأي الحنفي
والحنابلة، وفي الراجح عند الشافعية (1)، كما لا يقبل الرجوع بالاتفاق إذا زال الملك عن الموهوب.
وكذلك لا يجوز الرجوع عن الإبراء في مذهب المالكية بعد القبول؛ إذ ظاهر المذهب كما عرفنا اشتراط القبول (2)، كما لا يجوز في الهبة.
واستثنى الحنفية (3) من أثر الإبراء بعدم سماع الدعوى بعده المسائل الآتية:
1 -
ادعاء ضمان الدَّرَك في البيع السابق للإبراء: لأنه وإن كان البيع متقدماً على الإبراء ومشمولاً بأثره، فإن ضمان الدرك متأخر عنه. وضمان الدرك: هو التزام سلامة المبيع مما يمكن أن يلحقه ويدركه من حقوق لغير البائع في عينه، وتحمل التبعة عند ظهور حق فيه.
2 -
ظهور شيء من الحقوق للقاصر، لم يكن يعلم به، بعد أن بلغ وأبرأ وصيه إبراءً عاماً، بأن أقر بأنه قبض كامل تركة والده.
3 -
ادعاء الوصي ديناً للميت، بعد أن أقر باستيفاء جميع ماله على الناس.
4 -
ادعاء الوارث ديناً للمورث، بعد إقراره على النحو السابق.
وسبب استثناء هذه الصور طروء خفاء يعذر به المبرئ في دعواه مع صدور الإبراء العام منه.
ويلاحظ أن سقوط حق الادعاء بسبب الإبراء إنما هو عند الحنفية بالنسبة لأحكام القضاء لا الديانة، فلو ظفر المبرئ بحقه أخذه (4).
(1) تكملة ابن عابدين: 182/ 2، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص152، كشاف القناع: 346/ 4.
(2)
الفروق: 111/ 2.
(3)
تنبيه ذوي الأفهام لابن عابدين: 91/ 2.
(4)
الدر المختار ورد المحتار: 495/ 4، تكملة ابن عابدين: 182/ 2.