الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبض. فإذا عاد المرهون للمرتهن عاد رهناً كما كان. وأما عند الشافعية الذين لايشترطون استدامة قبض الرهن، فيظل الرهن ولو كان بيد غير المرتهن.
المطلب السابع ـ ضمان الرهن:
البحث هنا في ثلاثة أمور:
أولها ـ صفة يد المرتهن.
وثانيها ـ كيفية ضمان المرتهن عند الحنفية وعند الجمهور.
وثالثها ـ استهلاك الرهن.
أولاً ـ صفة يد المرتهن:
هل هي يد أمانة أو يد ضمان؟ فيه رأيان: الأول للحنفية، والثاني للجمهور.
1 -
قال الحنفية (1): يد المرتهن يد أمانة بالنظر لعين المال المرهون، ويد استيفاء أو ضمان بالنسبة لمالية المرهون فيما يقابل الدين من مالية الرهن. بمعنى أن ما يساوي الدين من مالية الرهن تعتبر يد المرتهن عليه يد ضمان أو استيفاء، فإذا امتنع رد المرهون لصاحبه بسبب هلاك أو غيره، كان المرتهن مستوفياً من دينه هذا المقدار، واحتسب من ضمانه، وأما ما زاد من قيمة الرهن على الدين فهو أمانة، يهلك هلاك الأمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير.
وأدلتهم: حديث «الرهن بما فيه» (2) أي يهلك بما رهن فيه، وما روي أن رجلاً
(1) الدر المختار: 342/ 5، اللباب: 55/ 2، تكملة الفتح: 198/ 8، تبيين الحقائق: 63/ 6، البدائع: 154/ 6.
(2)
رواه الدارقطني مسنداً عن أنس وأبو داود مرسلاً، والأول حديث ضعيف والثاني مرسل صحيح (نصب الراية: 321/ 4).
رُهن فرساً، فنَفَق (مات) في يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرتهن:«ذهب حقك» (1).
وقد عمل الحنفية بالحديث الأول: «إذا عُمِّي فهو بما فيه» فقالوا (2): معناه: إذا اشتبهت قيمته بعد هلاكه، بأن قال كل: لا أدري كم كانت قيمته، ضمن بما فيه من الدين.
أـ وقال الجمهور غير الحنفية (3): يد المرتهن على الرهن يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير، ولا يسقط شيء من الدين بهلاك الرهن. إلا أن المالكية بالرغم من قولهم بأن يد المرتهن يد أمانة استحسنوا تضمين المرتهن عند وجود التهمة: وهي عندما يكون الرهن مما يغاب عليه (أي يمكن إخفاؤه) كالحلي والثياب والكتب والسلاح والسفينة وقت جريها ونحوه مما يمكن إخفاؤه وكتمه، إذا كان المرهون بيد المرتهن، لا بيد أمين (عدل) ولم تقم بينة (شهادة اثنين) أوشاهد مع يمين على احتراقه أو سرقته أو تلفه، بلا تعدٍ ولا إهمال من المرتهن.
أما إذا كان المرهون مما لا يغاب عليه كالعقار والحيوان، أو كان الرهن بيد أمين، أو قامت بينة على تلفه بلا تعد ولا إهمال من المرتهن، فلا يضمنه المرتهن عند هلاكه.
ودليل الجمهور على كون يد المرتهن يد أمانة: حديث أبي هريرة السابق: «لا
(1) رواه أبو داود في مراسليه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وهو مرسل وضعيف (نصب الراية: 321/ 4).
(2)
الدر المختار: 348/ 5.
(3)
الشرح الكبير والدسوقي: 253/ 3 - 255، بداية المجتهد: 273/ 2، القوانين الفقهية: ص 324، مغني المحتاج: 136/ 2، المهذب: 316/ 1، أعلام الموقعين: 35/ 4، المغني: 396/ 4، كشاف القناع: 328/ 3.