الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثاله: حالة الإكراه على البيع سواء أكان تاماً أم ناقصاً.
وبه يلاحظ أن للعلماء في
حكم بيع المستكره
أربعة مذاهب:
1 -
ذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى فساد بيع المكره عملاً بعمومات نصوص البيع، ولا فرق بين فساد البيع بسبب الجهالة أو الربا أو غيرهما وبين فسا ده بالإكراه، لعدم توافر الرضا إلا في أن المستكره له حق إجازة العقد بعد زوال الإكراه، كما له حق الفسخ مطلقاً، فيسترد المبيع الذي أكره على بيعه، ولو تداولته الأيدي كأن تصرف المشتري به، صيانة لمصلحته ومحافظة على إرادته ورضاه. أما بقية البيوع الفاسدة فلا تلحقها الإجازة؛ لأن فسادها لحق الشرع من حرمة الربا ونحوه، كما أنه إذا تصرف المشتري الجديد بالمبيع نفذ تصرفه، وليس للبائع الأصلي حق الفسخ نظراً لتعلق حق المشتري الجديد بالمبيع، وحق العبد مقدم على حق الله، لاستغناء الله واحتياج العبد.
2 -
وذهب زفر من الحنفية إلى أن بيع المستكره موقوف.
3 -
وقرر المالكية أن بيع المستكره غير لازم أي أن للعاقد المكره الخيار في إمضاء العقد أو فسخه، وهذا يتفق مع ما ذكره القدوري الحنفي في بيان حكم بيع المستكره وشرائه وإقراره.
4 -
وذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى بطلان بيع المستكره.
أثر الإكراه على الإقرارات:
تحدثت عن أثر الإكراه في التصرفات الإنشائية، وأذكر هنا أثر الإكراه في الإقرارات.
إذا أكره رجل بغير حق على أن يقر بشيء، ففي هذا الإقرار للفقهاء مذهبان:
1 -
مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية: يقرر إلغاء الإقرار وعدم ترتب أي أثر عليه، سواء أكان المقر به مما يحتمل الفسخ كالبيع والإجارة، أم مما لا يحتمل الفسخ كالطلاق والرجعة.
استدل الحنفية بأن الإقرار خبر يحتمل الصدق والكذب، إلا أنه يصح الإقرار حالة الاختيار؛ لأن الإنسان غير متهم على نفسه، ولم يصح حالة الإكراه، لترجح جانب الكذب بسبب وجود التهديد.
واستدل غير الحنفية بحديث «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» فلفظ «ما» في الحديث يفيد العموم، فيكون حكم كل تصرف أكره عليه الإنسان مرفوعاً، والإقرار تصرف من التصرفات، فيكون حكمه مرفوعاً عند الإكراه، فلا يترتب عليه أي أثر من آثاره.
2 -
مذهب المالكية يقرر عدم لزوم إقرار المستكره بغير حق، أي أن المستكره بعد زوال الإكراه مخير بين أن يجيز الإقرار وبين ألا يجيز.
واستدلوا بأن إقرار المستكره كطلاقه بجامع عدم الرضا في كل، فكما لا يلزم طلاق المستكره لا يلزم إقرار المستكره.
وأما الإقرار مكرهاً بالزنا أو شرب الخمر أو السرقة أو القذف أو القتل، فإنه يعتبر ملغياً، ولا يقام عليه حد ولا قصاص عند أغلب الفقهاء، ومنهم المالكية؛ لأن الإكراه شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات (1).
(1) البدائع: 189/ 7 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 265/ 7، تبيين الحقائق: 182/ 5، الدر المختار: 89/ 5، مجمع الضمانات: ص 206، الشرح الكبير للدردير: 397/ 3، المغني: 196/ 8، حاشية الباجوري: 4/ 2، بحث الإكراه للبرديسي ـ القسم الثاني: ص 44 ومابعدها.