الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن ضمن العدلَ ـ البائعَ، نفذ البيع أيضاً؛ لأن العدل قد ملكه بأداء الضمان، فتبين أنه قد باع ملك نفسه. وبتضمينه يرجع العدل بالخيار: إن شاء على الراهن بما ضمن، لأنه وكيله، وينفذ البيع، ويصح الوفاء. وإن شاء على المرتهن بالثمن، لا بالقيمة؛ لأنه تبين أنه أخذ الثمن بغير حق؛ لأن العين صارت ملكه بالضمان، ونفذ بيعه بسبب تملكه، وصار الثمن له، وقد أداه إليه على حساب أنه للراهن، لا له، يرجع به لهذا السبب، وإذا رجع بطل الوفاء، ويرجع المرتهن على الراهن بدينه.
وإن ضمن المشتري، رجع بالثمن على العدل؛ لأنه البائع له، ويرجع العدل به على الراهن؛ لأن العهدة عليه، وبه يصح الوفاء، إن وصل إلى المرتهن.
المطلب التاسع ـ تسليم المرهون:
للمرتهن عند الجمهور غير الشافعية كما تبين حق الحبس الدائم للمرهون حتى يستوفي دينه، ليضطر المدين إلى تسديد دينه، لاسترداد المرهون، لحاجته إليه، والانتفاع به. وللمرتهن أيضاً عند حلول أجل الدين المطالبة بدينه، مع بقاء الرهن تحت يده (1).
وعلى المرتهن تسليم المرهون لصاحبه إما ب
انتهاء الدين
، أو بانتهاء عقد الرهن. وانتهاء الدين: يكون بأسباب كالإبراء من الدين أو هبته أو وفاء الدين، أو شراء سلعة من الراهن بالدين، أو إحالة الراهن المرتهن على غيره.
فإذا بقي المرهون في يد المرتهن بعدئذ، كان وديعة عند الشافعية والحنابلة (2).
(1) تكملة فتح القدير: 198/ 8.
(2)
المغني: /397، مغني المحتاج: 136/ 2.
ويبقى وديعة عند أبي حنيفة إذا كان انتهاء الدين بالإبراء أو بالهبة؛ فإن كان بغيرهما كالوفاء بأدائه، وبشراء سلعة به من الراهن، أو بواسطة الإحالة، فيظل المرهون مضموناً استحساناً، كما كان قبل، فإذا هلك يهلك بالأقل من قيمته ومن الدين.
وسبب التفرقة بين الحالين أن الدين بالإبراء أو الهبة للمدين، يسقط نهائياً، فيزول ضمان الرهن. أما في الوفاء فلايسقط، وإنما يثبت في ذمة الدائن دين مثله، يمنع الدائن من المطالبة به، وتحدث المقاصة بين الدينين، وإذا ظل الدين قائماً في ذمة المدين، ظل الضمان به قائماً (1).
وقال المالكية (2): إذا كان الرهن مما يغاب عليه (يمكن إخفاؤه) كالحلي والكتب والثياب والسلاح، والسفن وقت جريها، لزم المرتهن أن يقوم برده عند انقضاء الدين، وإلا استمر ضامناً؛ لأن الرهن بعد الوفاء ليس كالوديعة؛ لأن الوديعة عقد يتم لمنفعة المودع، وعقد الرهن يتم لمنفعة العاقدين جميعاً، فإذا طلب الراهن إبقاء المرهون بعد إيفاء الدين عند المرتهن، كان أمانة.
وانقضاء عقد الرهن أو انتهاؤه: يكون بأسباب كالإبراء والهبة والوفاء، أو بالفسخ قبل سقوط الدين وزواله. وقد ينتهي إذا تبين أن لا دين عند إنشاء الرهن، وسأبين تلك الأسباب.
فإذا رد المال المرهون إلى الراهن نتيجة لانتهاء عقد الرهن، فلا خلاف في أنه لا يبقى للرهن أثر في هذه الحال.
أما إن بقي المرهون عند المرتهن، سواء أكان هناك دين وانتهى، أم تبين أن لا دين، أم تصادق الراهن والمرتهن على أنه لم يكن دين عند الرهن، فهو أمانة عند الشافعية والحنابلة.
(1) تكملة الفتح: 243/ 8، تبيين الحقائق: 96/ 6.
(2)
الشرح الكبير: 253/ 3، القوانين الفقهية: ص 324.