الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحنابلة (1) كالمالكية تماماً: تثبت الولاية على الصبي والمجنون للأب، ثم لوصيه بعده، ثم للحاكم. لكن إن جدد الحجر على الشخص بعد بلوغه، فالولاية عليه للحاكم؛ لأن الحجريفتقر إلى حكم حاكم، وزواله يفتقر إليه، فكذلك النظر في ماله.
سادساً ـ تصرفات ولي القاصر:
اتفق الفقهاء على أن الولي يتصرف وجوباً في مال الصبي القاصر بالمصلحة وعدم الضرر لقوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} [الإسراء:34/ 17] وقوله سبحانه: {وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح} [البقرة:220/ 2] كما أنهم اتفقوا على أن الغني لا يأكل من مال اليتيم، وللفقير أن يأكل بالمعروف من غير إسراف؛ لقوله تعالى:{ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} [النساء:6/ 4] وروى الشيخان عن عائشة أنها نزلت في ولي اليتيم إذا كان فقيراً أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بالمعروف. وروي أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لي مال، ولي يتيم، فقال عليه الصلاة والسلام:«كل من مال يتيمك غير مُسْرف، ولا مُبذِّر، ولا مُتأثِّل مالاً، ولا تقِ مالك بماله» (2).
وتفصيل المذاهب في تحقيق المصلحة كما يأتي:
قال
الحنفية
(3): لا يملك الولي شيئاً من التبرعات من مال الصغير؛ لأن ذلك
(1) المغني: 471/ 4، كشاف القناع: 434/ 3.
(2)
رواه أبو داود والنسائي وأحمد وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو. ومعنى «غير متأثل مالاً» أي غير جامع، يقال: مال مؤثل، ومجد مؤثل: أي مجموع ذو أصل (نيل الأوطار: 251/ 5).
(3)
البدائع: 153/ 5 ومابعدها، تكملة الفتح: 499/ 8 وما بعدها، مجمع الضمانات: ص408.
ضرر محض، فلا يقرض ماله ولا يوصي به، ولا يتصدق بماله، ولا يطلق امرأته، ولا يهب شيئاً من ماله من غير عوض، كما ليس له أن يهب بعوض عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن الهبة بعوض هبة ابتداء، وإنما تصير معاوضة انتهاء، وهو لا يملك الهبة. وتجوز الهبة بعوض عند محمد لأنها في معنى البيع.
لكن للقاضي إقراض مال اليتيم، لأنه من باب حفظ الدين. وللولي أن يقبل الهبة والصدقة والوصية للصغير، لأن التصرف نفع محض، فيملكه الولي، وقال عليه الصلاة والسلام:«خير الناس أنفعهم للناس» (1).
وللولي إعارة مال القاصر استحساناً، وإيداعه، ورهنه بدين القاصر؛ لأن التصرف من توابع التجارة، وهو يملكها، كما له أن يرهن مال القاصر بدين للولي نفسه؛ لأن عين المرهون تحت يد المرتهن، إلا أنه إذا هلك يضمن مقدار ما صار مؤدياً منه دين نفسه.
وللولي أن يبيع مال القاصر بأكثر من قيمته، ويشتري له شيئاً بأقل من قيمته لأنه نفع محض له. كما له أن يبيعه بمثل قيمته، وبأقل من قيمته قدر ما يتغابن الناس فيه عادة. وله أن يشتري له شيئاً بمثل قيمته وبأكثر من قميته قدر ما يتغابن الناس فيه عادة.
وله أن يؤاجر نفس القاصر وماله بأكثر من أجر مثله، أو بأجر مثله، أو بأقل منه قدر ما يتغابن الناس فيه عادة. وله أن يستأجر للقاصر شيئاً بأقل من أجر المثل أو بأجر المثل، أو بأكثر منه قدر ما يتغابن الناس فيه عادة. وفي حالة إجارة نفس القاصر إذا بلغ، له الخيار: إن شاء أمضاها، وإن شاء أبطلها، دفعاً للإضرار، ولا خيار له في إجارة المال؛ لأن الأب يملك ذلك بحسب المصلحة، وينفذ تصرفه.
(1) رواه القضاعي عن جابر بن عبد الله، وهو حديث حسن.