الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه اختلف الفقهاء، فالمالكية والحنابلة يرون العمل بقاعدة «دفع المضار مقدم على جلب المصالح» واحتمال وقوع الضرر كاف لمنع الفعل. والحنفية والشافعية يرون أن الفعل مشروع في أصله، واحتمال الضرر لا يصلح دليلاً على الضرر المتوقع، فلا يمنع حق لمجرد احتمال الضرر.
4 - الضرر القليل:
وهو أن يكون الضرر المترتب على استعمال الحق المأذون فيه نادر الوقوع، أو كان في ذاته قليلاً، وهو لا يلتفت إليه لقلته، إذ العبرة بأصل الحق الثابت، فلا يعدل عنه إلا لعارض الضرر الكثير بالغير.
القيد الثاني - منع الملكية الخاصة في بعض الحالات:
ليست كل الأموال قابلة للتملك الفردي، فهناك أنواع ثلاثة من المال لا تقبل الملكية الفردية وإنما هي مملوكة للجماعة (1)، وما عداها من المرافق الخاصة كالمزروعات والمصنوعات، يجوز للأفراد تملكها والتصرف فيها. وتلك الأنواع هي ما يأتي:
النوع الأول: الأموال ذات النفع العام كالمساجد والمدارس والطرقات والأنهار والأوقاف الخيرية ونحوها من المنافع العامة التي لا تؤدي غايتها إلا إذا كانت للجماعة.
النوع الثاني: الأموال الموجودة بخلق الله تعالى، كالمعادن والنفط والأحجار والماء والكلأ والنار، فهذه الأشياء لم يوجدها البشر وإنما هي مخلوقة بخلق الله تعالى. وكون المعادن كلها مملوكة للدولة وتستخدم من أجل المرافق العامة هو الحق
(1) انظر التكافل الاجتماعي للأستاذ أبي زهرة: ص 29 وما بعدها.
وهو الرأي الراجح عند المالكية، وهو رأي الحنابلة في المعادن الظاهرة أو السائلة: وهي التي يحصل عليها من غير مؤنة ينتابها الناس، كالملح والماء والكبريت والنفط والكحل والياقوت ونحوها. أما المعادن الجامدة فتملك بملك الأرض التي هي
فيها (1).
وأما الحنفية فعندهم تفصيلات تعرف في كتبهم، ولكنهم يقرون أن للدولة فيها حظاً كبيراً. ويظهر رأي الحنابلة في قول ابن قدامة الحنبلي:«وجملة ذلك أن المعادن الظاهرة: وهي التي يوصل ما فيها من غير مؤنة ينتابها الناس وينتفعون بها كالملح والماء والكبريت والقير والمومياء (2) والنفط والكحل والبرام (3) والياقوت ومقاطع الطين وأشباه ذلك لا تملك بالإحياء، ولا يجوز إقطاعها لأحد من الناس ولا احتجازها دون المسلمين؛ لأن فيها ضرراً بالمسلمين وتضييقاً عليهم» (4).
النوع الثالث: الأموال التي تؤول ملكيتها للدولة من الأفراد أو يكون للدولة عليها الولاية.
فالأولى مثل ما يؤول إلى بيت المال كالأموال الضائعة، أو التي لا وارث لها؛ لأن «بيت المال وارث من لا وارث له» والثاني مثل الأراضي الخراجية الزراعية التي آلت إلى المسلمين بالفتح كأراضي الشام ومصر والعراق وفارس وما وراءها تعتبر كالمعادن مملوكة للدولة، وتعتبر اليد القائمة عليها يد اختصاص وانتفاع فقط، لا يد تملك تام أي (للرقبة والمنفعة معاً). وإذا كانت أغلب أراضي المسلمين هي أراضي خراجية، ويد الزراع عليها ليست يد ملك مطلق، فإن لولي الأمر عند الضرورة أن
(1) المغني: 28/ 3، 520/ 5.
(2)
نوع من الدواء.
(3)
البرام ـ بكسر الباء جمع برمة ـ بضم الباء: وهي القدر من الحجارة.
(4)
المغني: 520/ 5.