الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاعلها. أما في الواقع، فأولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها
غرامة (1)، فبعد تمامها في أول الأمر يلوم الكفيل نفسه أو يلومه الناس، وعند المطالبة بالمال يندم على إتلافه لماله، ثم بعدئذ يغرم المال.
و
حكمة تشريعها:
توثيق الحقوق وتحقيق التعاون بين الناس وتيسير معاملاتهم في إقراض الديون والأموال وإعارة الأعيان، ليطمئن صاحب الحق في الدين أو العين المعارة للوصول إلى حقه ورعاية مصالحه، ودفع الحرج عن الناس.
تعريفها:
الكفالة لغة كما في كتب الحنفية والحنابلة: هي الضم. وفي كتب الشافعية: هي الالتزام. واصطلاحاً في الأصح عند الحنفية: هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة مطلقاً أي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المدين في المطالبة بنفس أو بدين أو عين كمغصوب ونحوه، فلا يثبت الدين في ذمة الكفيل، ولا يسقط عن الأصيل (2).
وقال المالكية والشافعية والحنابلة: الكفالة: هي ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق أي في الدين، فيثبت الدين في ذمتهما جميعاً، كما جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي (3).
ويلاحظ أنه ليس من ضرورة ثبوت الدين في ذمة الكفيل مع بقائه في ذمة الأصيل أن يترتب عليه زيادة حق للدائن؛ لأن الدين وإن ثبت في ذمة الكفيل، فلا يحق لرب الدين إلا استيفاء قيمة واحدة: إما من الكفيل أو من الأصيل.
(1) قال بعض أصحاب القفال الشافعي: إن في التوراة مكتوباً: إن الكفالة مذمومة، أولها ندامة، وأوسطها ملامة، وآخرها غرامة.
(2)
راجع فتح القدير: 389/ 5، البدائع: 2/ 6، الدر المختار: 260/ 4.
(3)
راجع الشرح الكبير: 329/ 3، مغني المحتاج: 198/ 2، المغني: 534/ 4.
كما يلاحظ أيضاً أنه لا مانع من ثبوت الدين في أكثر من ذمة؛ لأن الدين أمر اعتباري من الاعتبارات الشرعية، فجاز أن يعتبر الشيء الواحد في ذمتين، وإنما الممتنع هو ثبوت عين في زمن واحد في ظرفين حقيقيين.
والدليل على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أنه لو وهب الدين للكفيل صحت الهبة، وأن الكفيل يرجع بالدين على الأصيل مع أن هبة الدين لغير من عليه الدين لا تجوز. ويصح أيضاً للدائن أن يشتري شيئاً من الكفيل بالدين الذي له، مع أن الشراء بالدين من غير من عليه الدين لا يصح.
وأما دليل الحنفية على مذهبهم: فهو أن الدين وإن أمكن شرعاً اعتباره في ذمتين لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب، ولا موجب هنا؛ لأن التوثق بالدين يحصل بثبوت حق المطالبة، وأجابوا عن صحة الهبة ونحوها بأنهم جعلوا الدين في حكم الدينين لضرورة تصحيح تصرف صاحب الحق (1).
ومن أدلة الحنفية أيضاً أن الكفالة كما تصح بالمال تصح بالنفس مع أنه لا دين فيها، والمضمون بالكفالة بالنفس هو إحضار المكفول به، وكما تصح بالدين تصح بالأعيان المضمونة، وتعريف الكفالة بما يفيد ثبوت حق المطالبة فيها هو من أجل شمول جميع هذه الأنواع بخلاف ما لو قصرنا معناها على الضم في الدين، فإنه يراد بها الكفالة بالمال فقط. والخلاصة: إن تعريف الكفالة بالضم في المطالبة أعم لشموله أنواع الكفالة: وهي الكفالة بالمال وبالنفس وبالأعيان، وهو معنى كون هذا التعريف أصح.
وأما من عرفها بالضم في الدين فإنه أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال. وأما النوعان الآخران فمتفق على كون الكفالة بهما كفالة بالمطالبة. فيكون
(1) المراجع السابقة.