الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز للمرتهن السفر بالمرهون إذا كان الطريق آمناً، كما في الوديعة، وإن كان له حمل ومؤنة (1).
المطلب الرابع ـ الإنفاق على الرهن أو مؤنة الرهن:
اتفق الفقهاء على أن نفقة أو مؤنة الرهن على المالك الراهن؛ لأن الشارع قد جعل الغنم والغرم للراهن: «لا يغلق ـ لا يُتملك ـ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه» (2).
لكنهم اختلفوا على رأيين في نوع النفقة الواجبة على الراهن.
1 -
فقال الحنفية (3): توزع النفقة على الراهن، باعتباره مالك العين، وعلى المرتهن، باعتباره مكلفاً بحفظها، على النحو التالي:
كل ما يحتاج إليه من النفقات لمصلحة المرهون وتبقيته، فهو على الراهن؛ لأنه ملكه. وكل ما كان لحفظ المرهون، فهو على المرتهن؛ لأن حبسه له، فلزمه توابعه.
وبناء عليه، على الراهن: طعام الحيوان وشرابه وأجرة الراعي. وعليه سقي الشجر ونفقة تلقيحه وجذاذه (قطفه) والقيام بمصالحه، وسقي الأرض وإصلاحها وكري أنهارها وإنشاء مصارفها، وضريبة خراجها وعشر حاصلاتها؛ لأن كل ما ذكر من مؤونة (ما به بقاؤه) المال المملوك، ومؤُونة المملوك على مالكه.
(1) الدر المختار: 345/ 5، 347 ومابعدها، اللباب: 64/ 2 ومابعدها، تكملة الفتح: 202/ 8.
(2)
سبق تخريجه، رواه الشافعي والدارقطني وغيرهما عن أبي هريرة، وقال عنه الدارقطني: هذا إسناد حسن متصل (نيل الأوطار: 235/ 5) فإن قيل: إن نهاية الحديث من كلام ابن المسيب، أجيب بأن مراسيله يعمل بها، بل إنه تأيد بمرفوع عند غيره.
(3)
البدائع: 151/ 6، تبيين الحقائق: 68/ 6، اللباب: 61/ 2، الدر المختار وحاشيته: 346/ 5، تكملة الفتح: 202/ 8.
ولا يجوز للراهن أن يجعل النفقة على الرهن، أو من زوائده، إلا برضا المرتهن، لأن المرهون كله قد تعلق به حق المرتهن، وفي بيعه للإنفاق على الباقي اعتداء على حقه، فلا يجوز بغير إذنه.
وعلى المرتهن أجرة الحفظ، للحارس أو المحل الذي يحفظ فيه المرهون، مثل أجر حظيرة الحيوان، وأجرة المخزن المحفوظ فيه، لأن الأجرة مؤنة الحفظ، وهي عليه. وبناء عليه لا يجوز أن يشترط في عقد الرهن أجر للمرتهن على قيامه بحفظ الرهن، لأنه واجب عليه، ولا أجر على واجب.
وروي عن أبي يوسف: أن أجرة المأوى على الراهن، بمنزلة النفقة؛ لأنه سعي في تبقيته.
وأما نفقات رد المرهون عند ضياعه، ونفقات علاجه من القروح أو
الأمراض (1)، فعلى كل من الراهن والمرتهن، المرتهن بقدر ضمانه: وهو ما يقابل الدين، والباقي: وهو ما زاد على قدر الدين، وهو الأمانة التي لا تدخل في ضمان المرتهن، على الراهن، إذا كانت قيمته أكثر من الدين، وإلا فعلى المرتهن.
2 -
وقال المالكية والشافعية والحنابلة (الجمهور)(2): إن جميع نفقات أو مؤونات الرهن على الراهن، سواء منها ما كان لبقاء عينه، أو بقصد حفظه وعلاجه، للحديث السابق:«لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه» وكل إنفاق من غرمه، ولأن نفقة المملوك على مالكه.
فإن لم ينفق الراهن، ما الحكم؟
(1) وجاء في الفتاوى البزازية: أن ثمن الدواء وأجرة الطبيب على المرتهن.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: 251/ 3 ومابعدها، مغني المحتاج: 136/ 2، المغني: 392/ 4، كشاف القناع: 326/ 3 ومابعدها، المهذب: 314/ 1.