الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن كان الصلح بإذن من المدعى عليه: فإنه يصح الصلح، ويكون المصالح وكيلاً عن المدعى عليه، والصلح مما يحتمل التوكيل به، ويجب المال على المدعى عليه دون الوكيل، سواء أكان الصلح عن إقرار أم عن إنكار؛ لأن الوكيل في الصلح لا ترجع إليه حقوق العقد. والمال لازم للموكل دون الوكيل إلا إذا ضمن الوكيل بدل الصلح عن المدعى عليه، فإنه يجب عليه حينئذ بموجب عقد الكفالة والضمان، لا بموجب عقد الصلح (1)
وقال الشافعية كما تقدم بيانه: إن قال الأجنبي للمدعي: وكلني المدعى عليه في الصلح وهو مقر لك بما تدعي، صح الصلح بينهما؛ لأن ادعاء الوكالة في المعاملات مقبول، ولو صالح الأجنبي عن العين (المدعاة) لنفسه بماله، وقال الأجنبي للمدعي: إن المدعى عليه مقر لك بالمدعى، صح الصلح إيضاً، وكأن اشترى المدعى به. وإن كان المدعى عليه منكراً، وقال الأجنبي: هو مبطل في إنكاره؛ لأنك صادق عندي، فصالحني: فإن كان المدعى به عيناً، فيطبق عليه حكم شراء المغصوب، أي فإن كان قادراً على انتزاعه من المدعى عليه صح الصلح، وإن لم يقدر على انتزاعه فلا يصح. وإن لم يقل الأجنبي: هو مبطل في إنكاره، لغا الصلح (2).
وإن كان الصلح بغير إذن من المدعى عليه: فهو
صلح الفضولي
، وهو على خمسة أوجه:
في أربعة منها يصح الصلح، ويجب المال على المصالح الفضولي، ولا يجب على المدعى عليه شيء. وهذه الأوجه هي:
(1) البدائع: 52/ 6، تكملة فتح القدير: 38/ 7 ومابعدها، تبيين الحقائق: 39/ 5 ومابعدها، الكتاب مع اللباب: 167/ 2.
(2)
مغني المحتاج: 181/ 2، المهذب: /333.
أولاً ـ أن يضيف الضمان إلى نفسه: بأن يقول الفضولي للمدعي: (صالحتك من دعواك هذه على فلان بألف ليرة على أني ضامن لك هذه الألف)، أو (على أن علي الألف).
ثانياً ـ أن يضيف المال إلى نفسه: بأن يقول: (على ألفي هذا، أو على متاعي هذا).
ثالثاً ـ أن يعين البدل وإن كان لا ينسبه إلى نفسه بأن يقول: (على هذا الألف أو على هذا المتاع).
رابعاً ـ أن يسلم البدل، وإن لم يعين ولم ينسب إلى نفسه: بأن قال: (صالحتك على ألف) وسلمها إليه.
والدليل على صحة الصلح في هذه الأوجه الأربعة هو قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات:10/ 49]، وقوله عز وجل:{والصلح خير} [النساء:128/ 4] ولأن الفضولي بالصلح عن غيره في هذه الوجوه متصرف على نفسه بالتبرع بإسقاط الدين عن الغير، بأن يقضي دينه من مال نفسه إذا كان الصلح عن إقرار. وإن كان الصلح عن إنكار فهو متبرع بإسقاط الخصومة عن غيره، فيجوز التبرع في الحالتين.
وفي وجه واحد: لا يصح الصلح، وإنما يكون موقوفاً على إجازة المدعى عليه، وهو بأن يقول الفضولي:(صالحتك من دعواك هذه مع فلان على ألف ليرة أو على متاع كذا: الوسط)، ففي هذه الحالة إن أجاز المدعى عليه صلح الفضولي نفذ، ويجب البدل عليه دون المصالح؛ لأن الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة، وحكم الوكالة كذلك.