الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغصب، أو يأخذه، مع ما نقصته الجناية (أي يأخذ قيمة النقص) يوم الجناية عند ابن القاسم، ويوم الغصب عند سحنون. ولم يفرق أشهب بين نقص السماء وجناية الغاصب.
6 - زيادة المغصوب:
عرفنا أن زيادة المغصوب المتصلة أوا لمنفصلة لاتضمن عند شيخي الحنفية (أبي حنيفة وأبي يوسف) لعدم إزالة يد المالك عنها.
وتضمن الزوائد مطلقاً عند محمد والشافعية والحنابلة لتولدها من عين مملوكة، وتضمن الزوائد المنفصلة فقط دون المتصلة عند المالكية. ومما يتصل بزيادة المغصوب ما يأتي وهو:
البناء على الأرض المغصوبة أو زرعها أو غرسها:
اتفق أئمة المذاهب الأربعة ـ من حيث المبدأ ـ على أن الغاصب يلزم برد المغصوب إلى صاحبه، وإزالة ما أحدثه فيه من بناء أو زرع أو غرس، لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس لعرق
ظالم حق» (1).
وتفصيل آراء المذاهب ما يأتي:
1 - قال الحنفية
(2): من غصب ساجة (خشبة عظيمة تستعمل في أبواب الدور وبنائها) فبنى عليها أو حولها، وكانت قيمة البناء أكثر من قيمتها، زال ملك
(1) رواه أبو داود والدارقطني عن عروة بن الزبير بلفظ: «من أحيا أرضاً فهي له، وليس لعرق ظالم حق» (نيل الأوطار: 319/ 5).
(2)
تكملة فتح القدير: 379/ 7، 383، الدر المختار: 135/ 5 - 137، تبيين الحقائق: 228/ 5 وما بعدها، اللباب شرح الكتاب: 192/ 2.
مالكها عنها، ولزم الغاصب قيمتها، لصيرورتها شيئاً آخر، وفي القلع ضرر ظاهر لصاحب البناء (الغاصب) من غير فائدة تعود للمالك، وضرر المالك ينجبر بالضمان، ولا ضرر في الإسلام. أما إذا كانت قيمة الساجة أكثر من البناء، فلم يزل ملك مالكها، لأنه يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين، كما هو القاعدة.
وعقب القاضي زاده في تكملة الفتح على هذه التفرقة، فقال: لا فرق في المعنى بين أن تكون قيمة البناء أكثر من قيمة الساجة وبين العكس؛ لأن ضرر المالك مجبور بالقيمة، وضرر الغاصب ضرر محض، ولا ريب أن الضرر المجبور دون الضرر المحض، فلا يرتكب الضرر الأعلى عند إمكان العمل بالضرر الأدنى. وهذه مسألة الساجة يعمل فيها بقاعدة «الضرر الأشد يزال بالأخف» (1).
وأما مسألة الساحة فهي: لو غصب غاصب أرضاً، فغرس فيها، أو بنى فيها، وكانت قيمة الأرض (الساحة) أكثر، أجبر الغاصب على قلع الغرس، وهدم البناء، ورد الأرض فارغة إلى صاحبها كما كانت؛ لأن الأرض لا تغصب حقيقة عندهم، فيبقى فيهاحق المالك كما كان، والغاصب جعلها مشغولة فيؤمر بتفريغها، إذ ليس لعرق ظالم حق. فإن كانت قيمة البناء أكثر، فللغاصب أن يضمن للمالك قيمة الأرض ويأخذها.
وإذا كانت الأرض تنقص بقلع الغرس منها أو هدم البناء، فللمالك أن
(1) وطبقوا هذه القاعدة أيضاً على فروع كثيرة منها: لو ابتلعت دجاجة لؤلؤة أو أدخل البقر رأسه في قدر، أو أودع فصيلاً (ولد الناقة إذا فصل عن أمه) فكبر في بيت الوديع ولم يمكن إخراجه إلا بهدم الجدار، أو سقط دينار في محبرة ولم يمكن إخراجه إلا بكسرها ونحو ذلك، يضمن صاحب الأكثر قيمة الأقل. ولو ابتلع إنسان لؤلؤة فمات، لا يشق بطنه لأن حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال، وتكون قيمتها في تركته، وهو مذهب الحنابلة أيضاً، أي في اللؤلؤة. وجوزه الشافعي قياساً على الشق لإخراج الولد (الدر المختار: 135/ 5).