الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - حكم تملك اللقطة:
اختلف فقهاؤنا في حكم اللقطة بعد تعريفها سنة على رأيين: رأي يجيز تملكها للفقير دون الغني، ورأي يجيز تملكها مطلقاً.
قال الحنفية (1): إذا كان الملتقط غنياً لم يجز له أن ينتفع باللقطة، وإنما يتصدق بها على الفقراء، سواء أكانوا أجانب أم أقارب، ولو أبوين أو زوجة أو ولداً، لأنه مال الغير، فلا يجوز الانتفاع به بدون رضاه، لإطلاق النصوص من قرآن وسنة، مثل قوله تعالى:{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [البقرة:188/ 2]، وقوله:{ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة:190/ 2] وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» .
ولقوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «لا تحل اللقطة، فمن التقط شيئاً فليعرِّف سنة، فإن جاء صاحبها، فليردها عليه، وإن لم يأت فليتصدق» (2).
وفي حديث عياض بن حمار المجاشعي: «من وجد لقطة فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل، ولا يكتم ولا يغيب، فإن وجد صاحبها فليردها إليه، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء» .
وأما إذا كان الملتقط فقيراً فيجوز له الانتفاع باللقطة بطريق التصدق، لقوله عليه الصلاة والسلام:«فليتصدق بها» .
فإن عرف صاحبها بعد التصدق بها أو الانتفاع بها، فهو بالخيار: إن شاء
(1) المبسوط: 4/ 11 وما بعدها، فتح القدير: 432/ 4 ومابعدها، تبيين الحقائق: 307/ 3، البدائع: 202/ 6، الدر المختار: 351/ 3.
(2)
أخرجه البزار والدارقطني عن أبي هريرة (نصب الراية: 466/ 3) ورواه الطبراني من حديث يعلى بن مرة مرفوعاً، وفيه ضعيف، بلفظ:«فإن جاء صاحبها، وإلا فليتصدق بها» (نيل الأوطار: 337/ 5).
أمضى الصدقة، وله ثوابها، وإن شاء ضمن الملتقط، وإن شاء أخذها من الفقير المتصدق عليه بها إن وجده، وأيهما ضمن لم يرجع على صاحبه.
وقال جمهور الفقهاء: يجوز للملتقط أن يتملك اللقطة، وتكون كسائر أمواله سواء أكان غنياً أم فقيراً؛ لأنه مروي عن جماعة من الصحابة كعمر وابن مسعود وعائشة وابن عمر، وهو ثابت بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد:«فإن لم تعْرَف فاستنفقها» وفي لفظ «فشأنك بها» وفي حديث أبي بن كعب: «فاستنفقها» ، وفي لفظ «فاستمتع بها» وهو حديث صحيح.
وحديث الحنفية عن أبي هريرة لم يثبت، ولا نقل في كتاب يوثق به، ودعواهم في حديث عياض أن ما يضاف إلى الله لا يتملكه إلا من يستحق الصدقة، لا برهان لها ولا دليل عليها، وبطلانها ظاهر، فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله تعالى خلقاً وملكاً، قال الله تعالى:{وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} [النور:33/ 24].
أما طريق التملك عند الجمهور فمختلف فيه: قال الحنابلة: تدخل اللقطة في ملك الملتقط عند تمام التعريف حكماً كالميراث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«فإذا جاء صاحبها، وإلا فهي كسبيل مالك» ولقوله: «فاستنفقها» ولو توقف ملكها على تملكها لبين الرسول صلى الله عليه وسلم له المطلوب.
وقال المالكية: يملكها الملتقط بأن ينوي تملكها، أي تجديد قصد التملك، لعدم الإيجاب من الغير.
وقال الشافعية: يملكها الملتقط باختياره بلفظ من ناطق يدل عليه مثل: تملكت ما التقطته؛ لأن تملكها تمليك ببدل، فافتقر إلى اختيار التملك، كما يتملك الشفيع بالشفعة.