الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللرسول} [الحشر:59/ 7] أراد أن الفيء لا يقسم كالغنائم، بدليل قوله تعالى:{كيلا يكون دُولة بين الأغنياء منكم} [الحشر:6/ 59].
وإذا أراد الإمام تفريق الفيء بين المسلمين اتخذ ديواناً يحفظهم ويرتبهم، ويجعل العطاء على حسب ما يتيسر له شهرياً أو غيره (1).
3 - الأرض التي فتحت صلحا ً:
يتحدد حكم هذا النوع من الأراضي بموجب عقد الصلح، فهو إما أن يقع الصلح على أن تكون الأرض للمسلمين، وإما أن يقع على أن تكون الأرض لأصحابها كأرض اليمن والحيرة.
ففي الحالة الأولى: تصبح الأرض وقفاً للمسلمين، كأرض العنوة، وتعتبر من بلاد الإسلام، كالأرض التي جلا عنها أهلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فتح خيبر، وصالح أهلها على أن يعمروا أرضها، ولهم نصف ثمرتها، فكانت للمسلمين دونهم. قال ابن عمر رضي الله عنهما:«عامل النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع» (2)، وصالح النبي بني النضير على أن يجليهم من المدينة، ولهم ما أقلت الإبل من المتعة والأموال إلا الحلقة (السلاح) وكانت مما أفاء الله على رسوله (3).
ويوضع على هذه الأرض الخراج، ويكون تابعاً لها، فإذا اشترى مسلم
(1) البحر الزخار: 442/ 5، المهذب: 248/ 2.
(2)
رواه البخاري والبيهقي وأبو داود (صحيح البخاري: 105/ 3، 140/ 5، سنن البيهقي: 113/ 6، سنن أبي داود: 357/ 3).
(3)
الشرح الكبير لابن قدامة المقدسي: 542/ 10.
بعضاً منها، ظل ملتزماً بضريبة الخراج؛ لأنه يعتبر أجرة في نظير الانتفاع بالأرض، وهذا أمر متفق عليه بين الفقهاء (1).
وفي الحالة الثانية: تكون الأرض ملكاً لأهلها بموجب الصلح، باتفاق الفقهاء، ويلتزم المسلمون بتنفيذ شروط الصلح كاملة، ما دام هؤلاء قائمين على الصلح، ولكن يوضع الخراج على الأرض يؤدونه عنها، ويكون لبيت المال (2)، وهذا الخراج يعتبر في حكم الجزية، فمتى أسلموا سقط عنهم عند الجمهور والشيعة الإمامية (3)، بدليل ما كتب عمر بن عبد العزيز لعماله: ولا خراج على من أسلم من أهل الأرض.
أما عند الحنفية والشيعة الزيدية: فلا يسقط؛ لأن الخراج عندهم فيه معنى المؤنة ومعنى العقوبة، ولذا يبقى على المسلم ولا يبتدأ به (4).
وتعبر دار هؤلاء المصالحين دار عهد أو صلح عند الشافعية وبعض الحنابلة (5)، وعند الجمهور: تعتبر الدار بالصلح دار إسلام، ويصير أهلها أهل ذمة تؤخذ منهم الجزية.
(1) المدونة: 26/ 3، المنتقى على الموطأ 219/ 3، الخرشي: 149/ 3، ط ثانية، كشاف القناع: 75/ 3، المحرر: 179/ 2، أحكام أهل الذمة: ص 106، مفتاح الكرامة: 249/ 4، المختصر النافع: ص14.
(2)
الخراج: ص 63، تبيين الحقا ئق: 274/ 3، حاشية ابن عابدين: 53/ 2، حاشية الدسوقي: 175/ 2، القوانين الفقهية: ص 148، الأم: 103/ 4، 193، الشرح الكبير للمقدسي: 543/ 10، أحكام أهل الذمة: ص 105، غاية المنتهى: 467/ 1، ويلاحظ أن هذه المصادر عند الحنابلة تقرر وجوب الخراج لنا، لكن ورد في كشاف القناع: 686/ 3 باب حكم الأرضين المغنومة: لا خراج على أرض صولح أهلها على أن الأرض لهم، كأرض اليمن والحيرة، كما لا خراج على ما أحياه المسلمون كأرض البصرة.
(3)
لباب اللباب: ص 73، سنن البيهقي: 141/ 9، المحرر في الفقه الحنبلي: 179/ 2، مفتاح الكرامة: 239/ 4، المختصر النافع: ص 114.
(4)
التلويح على التوضيح: 152/ 2، المنتزع المختار: 575/ 1.
(5)
الأحكام السلطانية للماوردي: ص 133، ولأبي يعلى: ص 133، كشاف القناع: 75/ 3.