الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني ـ نوع اللقطة وما يصنع بها:
اللقطة نوعان: لقطة غير الحيوان: وهو المال الساقط الذي لا يعرف مالكه، ولقطة الحيوان: وهو الضالة من الإبل والبقر والغنم من البهائم.
وحكم لقطة الحيوان: أنه يجوز التقاطها عند الحنفية والشافعية في الأصح عندهم، لحفظها لصاحبها صيانة لأموال الناس ومنعاً من ضياعها ووقوعها في يد خائنة.
وقال مالك وأحمد: يكره التقاط ضالة الحيوان، ولقطة المال أيضاً (1)، لما رواه أصحاب الكتب الستة عن زيد بن خالد الجهني، قال:«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق (2)، فقال اعرف وكاءها، وعفاصها (3)، ثم عرِّفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها (4)، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر، فأدّها إليه» . وسأله رجل عن ضالة الإبل، فقال:«مالك ولها، دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها (5) ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. وسأله عن الشاة فقال: خذها فإنما هي لك، أو لأخيك أو للذئب» (6) أي أن لقطة الإبل غير جائزة، ولقطة الأموال الأخرى جائزة.
(1) المبسوط: 11/ 11، البدائع: 200/ 6، فتح القدير: 428/ 4، تبيين الحقائق: 305/ 3، بداية المجتهد: 299/ 2 ومابعدها، مغني المحتاج: 409/ 2، المغني: 630/ 5 وما بعدها.
(2)
الورق ـ بفتح الواو وكسر الراء هو الفضة.
(3)
الوكاء: الخيط الذي يشد به الوعاء الذي تكون فيه النفقة، والعفاص بكسر العين وتخفيف الفاء: هو الوعاء الذي تكون فيه النفقة من جلد أو غيره.
(4)
أي إما أن تستهلكها وتغرم بدلها، وأما أن تتركها عندك على سبيل الوديعة حتى يجيء صاحبها فتعطيها إياه.
(5)
الحذاء: أي الخف، والسقاء أي الجوف، وقيل: العنق، والمراد أنها تستغني عن الحفظ.
(6)
راجع نصب الراية: 468/ 4، نيل الأوطار: 338/ 5، شرح مسلم: 20/ 12.
وروى أبو داود وأحمد وابن ماجه عن جرير بن عبد الله أنه أمر بطرد بقرة لحقت ببقرة حتى توارت، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يأوي الضالة إلا ضال» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن ضالة المسلم حرق النار» (2) أي تؤدي به إلى النار إذا تملكها.
وأخرج مسلم وأحمد والترمذي عن أبي بن كعب في حديث اللقطة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عرفها فإن جاء أحد يخبرك بعدَّتها ووعائها ووكائها، فأعطها إياه، وإلا فاستمتع بها» (3).
وأجاب الفريق الأول عن الأحاديث بأن حكمها كان في الماضي حين غلبة أهل الصلاح والأمانة، فلا تصل إليها يد خائنة، أما في زماننا فنظراً لكثرة الخيانة يكون في أخذها حفظها على صاحبها.
وهذا كله ما عدا لقطة الحج، فإن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز التقاطها لنهيه عليه السلام عن ذلك (4)، ولا يجوز لقطة مكة أيضاً، لقوله صلى الله عليه وسلم في بلد مكة
(1) في رواية: «لا يأوي» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (راجع نيل الأوطار، المرجع السابق: ص344، سبل السلام: 94/ 3).
(2)
رواه الطبراني في كبيره عن عصمة، وفيه أحمد بن راشد وهو ضعيف، وأخرجه أحمد وابن ماجه والطحاوي وابن حبان وغيرهم عن عبد الله بن الشخِّير (مجمع الزوائد: 167/ 4، سبل السلام: 94/ 3).
(3)
نصب الراية: 467/ 3، نيل الأوطار: 339/ 5، الوعاء: ما يجعل فيه المتاع، والوكاء: الخيط الذي يشد به الصرة والكيس ونحوهما.
(4)
رواه أحمد ومسلم عن عبد الرحمن بن عثمان قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الحج (شرح مسلم: 28/ 12، سبل السلام: 96/ 3).