الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَصْلُ الثَّامن عَشَر: الحَجْر
الكلام عن الحجرفي مباحث أربعة:
أولها ـ في تعريف الحجر ومشروعيته وحكمة تشريعه.
وثانيها ـ في أسباب الحجر.
وثالثها ـ في رفع الحجر.
ورابعها ـ تعلق الدين بالتركة.
المبحث الأول ـ تعريف الحجر ومشروعيته وحكمة تشريعه ونوعاه:
أولاً ـ تعريف الحجر:
الحَجْر في اللغة: المنع والتضييق، يقال: حجر عليه حجراً أي منعه من التصرف، ومنه سمي الحرام: حِجْراً، قال تعالى:{ويقولون حجراً محجوراً} [الفرقان:22/ 25] أي حراماً محرماً، وسمي العقل حجراً، قال تعالى:{هل في ذلك قسم لذي حِجْر} [الفجر:5/ 89] أي عقل؛ لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح من المفاسد وتضر عاقبته، وسمي الحطيم حِجْراً لأنه منع من الكعبة، وقطع منها، كما منع من أن يدخل في الحرم.
والحَجْر في الشريعة: هو منع الإنسان عن التصرف في ماله. ويقابله الإذن وهو فك الحجر وإسقاط حق المنع (1) وللحجر تعاريف متقاربة عند الفقهاء هي مايأتي:
قال الحنفية (2): الحجر: هو المنع من لزوم العقود والتصرفات القولية. فإذا باشر المحجور عقداً أو تصرفاً قولياً كالبيع أو الهبة لا ينفذ أي لا يلزم، ولا يترتب عليه حكمه، فلا يملك بالقبض. وكون الحجر من التصرفات القولية؛ لأنها هي التي يتصور الحجر فيها بالمنع من نفاذها، أما الأفعال فلا يتصور الحجر فيها؛ لأن الفعل بعد وقوعه لا يمكن رفعه، بخلاف القول، فإنه يمكن رفعه بمنع انعقاده شرعاً أو منع نفاذه. وللحنفية تعريف آخر أدق: وهو عبارة عن منع مخصوص متعلق بشخص مخصوص، عن تصرف مخصوص أو عن نفاذه، أي لزومه؛ لأن عقد المحجور ينعقد موقوفاً (3).
فالحجر على الصغير أو المجنون قد يجعل تصرفه غير منعقد أصلاً، كما إذا كان ضرراً محضاً، كطلاق زوجته، وقد يجعله موقوفاً على إجازة الولي كالبيع والشراء من المميز، أما إذا كان لا يعقل أصلاً فتصرفه باطل.
وأما الحجر على الأفعال، فلا يفيد، ويكون كل من الصبي والمجنون ضامناً لما يتلفه من مال غيره، ويؤخذ ثمنه من ماله إن كان له مال، ويطالب بالأداء وليه أو وصيه؛ لأن الضمان من خطاب الوضع، وهو لا يشترط فيه التكليف أو التمييز، لكن لا يطبق عليهما العقاب البدني كالحدود والقصاص، لعدم توافر القصد الصحيح، وإنما تجب عليهما الدية في حال القتل، لأنه يعتبر منهما خطأ.
(1) تبيين الحقائق: 203/ 5، الدر المختار ورد المحتار: 108/ 5.
(2)
الدر المختار: 99/ 5، تبيين الحقائق: 190/ 5، اللباب: 66/ 2.
(3)
رد المحتار: 99/ 5.