الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس ـ ما يترتب على شروط الرهن أو ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز:
بالإضافة لما ذكر سابقاً من الأمور المترتبة على شروط الرهن، ولا سيما شرط القبض، هناك حالات تتطلب مزيد بيان وتفصيل، أهمها ما يأتي:
1 - رهن المشاع:
اختلف الفقهاء في رهن جزء مشاع كنصف وثلث وربع، فمنعه الحنفية، وأجازه الجمهور. وسبب الخلاف: هل تمكن حيازة المشاع أو لا تمكن (1)؟
أما مذهب الحنفية (2): فهو أنه لا يجوز رهن المشاع، سواء كان يحتمل القسمة أو لا، من شريكه أو غيره. والصحيح أن الرهن حينئذ فاسد، يضمن بالقبض؛ لأن القبض شرط تمام العقد ولزومه، لا شرط جوازه أو انعقاده.
ودليلهم: أن الرهن يستوجب ثبوت يد الاستيفاء، واستحقاق الحبس الدائم للمرهون، والحبس الدائم لا يتصور في المشاع، لما فيه من مهايأة في حيازته، وكأن الراهن قد رهنه يوماً، ويوماً لا، فلم يصح سواء فيما يقبل القسمة أو فيما لايقبلها، ولو من الشريك، لوجود المهايأة في الحيازة.
بل إن قبض أو حيازة الجزء الشائع وحده لا يتصور، والجزء الآخر ليس بمرهون، فلا يصح قبضه. والشيوع يمنع تحقق الجزء الشائع، سواء فيما يقبل القسمة، وما لا يقبلها، بخلاف الهبة حيث تصح فيما لا يحتمل القسمة للضرورة؛ لأنها تفيد الملك، والشيوع لا ينافيه، فاكتفي بالقبض الممكن.
(1) بداية المجتهد: 269/ 2.
(2)
البدائع: 138/ 6، تكملة الفتح: 203/ 8 ومابعدها، تبيين الحقائق: 68/ 6 ومابعدها، الدرالمختار: 348/ 5، اللباب: 56/ 2.
وهذا الحكم سواء أكان الشيوع مقارناً لعقد الرهن أم طارئاً عليه، فإذا طرأ الشيوع على الرهن، أفسده. وروي عن أبي يوسف: أن الشيوع الطارئ على العقد، لا يفسده؛ لأنه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء، كالهبة التي يطرأ عليها الشيوع بعد القبض، فلا يفسدها.
ورد عليه: أن العلة في المنع كون الشيوع ما نعاً من تحقق القبض، وهذا يستوي فيه الابتداء والبقاء، بخلاف الهبة؛ لأن الملك لا يتنافى مع الشيوع.
وأما مذهب الجمهور غير الحنفية (1): فهو أنه يصح رهن المشاع أو هبته أو التصدق به أو وقفه، كرهن كله، من الشريك وغيره، محتملاً للقسمة أم لا؛ لأن كل ما يصح بيعه يصح رهنه، ولأن الغرض من الرهن استيفاء الدين من ثمن المرهون ببيعه عند تعذر الاستيفاء من غيره، والمشاع قابل للبيع، فأمكن الاستيفاء من ثمنه. والقاعدة عندهم: كل ما جاز بيعه جاز رهنه من مشاع وغيره.
وأما كيفية الحيازة، فقال المالكية: يجب قبض جميع ما يملكه الراهن، ما رهنه وما لم يرهنه، لئلا تجول يد الراهن فيما رهنه، فيبطل الرهن. فإن كان الجزء غير المرهون غير مملوك للراهن، اكتفي بحيازة الجزء المرهون. ولا يستأذن الراهن شريكه في رهن حصته، إذ لا ضرر على الشريك، وهذا قول ابن القاسم المشهور. نعم يندب الاستئذان لما فيه من جبر الخواطر. وقال أشهب: يجب استئذانه.
ويرى الشافعية والحنابلة: أن قبض المشاع في العقار يكون بالتخلية، وإن لم يأذن الشريك، وفي المنقول يكون بالتناول، ويشترط فيه إذن الشريك، ولا يجوز نقله بغير إذن الشريك. فإن أبى ورضي المرتهن بكونه في يد الشريك، جاز وناب
(1) الشرح الكبير: 235/ 3، بداية المجتهد: 269/ 2، القوانين الفقهية: ص 323، المهذب: 308/ 1، مغني المحتاج: 122/ 2 ومابعدها، المغني: 337/ 4 ومابعدها، كشاف القناع: 312/ 3.