الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - ما يخرج به الغاصب عن عهدة الضمان:
يخرج الغاصب عن عهدة الضمان بأحد أربعة أمور:
الأول ـ رد العين المغصوبة إلى صاحبها ما دامت باقية بذاتها، ولم تشغل بشيء آخر.
الثاني ـ أداء الضمان إلى المالك أو من يقوم مقامه؛ لأنه المطلوب أصالة.
الثالث ـ الإبراء عن الضمان، إما صراحة مثل: أبرأتك عن الضمان أو أسقطته عنك أو وهبته منك ونحوه، أو يجري مجرى الصريح: وهو أن يختار المالك تضمين أحد الغاصبين، فيبرأ الآخر؛ لأن اختيار تضمين أحدهما إبراء للآخر ضمناً (دلالة).
الرابع ـ إطعام الغاصب المغصوب لمالكه أو لدابته، وهو يعلم أنه طعامه، أو تسلم الغاصب الشيء المغصوب على سبيل الأمانة كالإيداع أو الهبة أو الإجارة أو الاستئجار على قصارته (تبييضه) أو خياطته، وعلم المالك أنه ماله المغصوب منه، أو على وجه ثبوت بدله في ذمته، كالقرض، وعلم أنه ماله، فإن لم يعلم بذلك لم يبرأ الغاصب حتى تتغير صفة الغصب (1).
و
هل يملك الغاصب الشيء المغصوب بالضمان
؟ قال الحنفية (2): يملك الغاصب الشيء المغصوب بعد ضمانه من وقت وجود الغصب، حتى لا يجتمع البدل والمبدل في ملك المالك. وينتج عن التملك أن
(1) البدائع: 151/ 7، الشرح الصغير: 600/ 3 ومابعدها، السراج الوهاج شرح المنهاج: ص 268، المغني والشرح الكبير: 437/ 5، كشاف القناع: 103/ 4 ط بيروت.
(2)
المبسوط: 15/ 16، البدائع: 152/ 7 وما بعدها، اللباب شرح الكتاب: 193/ 2.
الغاصب لو تصرف في المغصوب بالبيع أو الهبة أو الصدقة قبل أداء الضمان، ينفذ تصرفه، كما تنفذ تصرفات المشتري في المشترى شراء فاسداً، وكما لو غصب شخص عيناً فغيبها (أخفاها) فضمنه المالك قيمتها، ملكها الغاصب؛ لأن المالك ملك البدل كله، والمبدل قابل للنقل، فيملكه الغاصب لئلا يجتمع البدلان في ملك شخص واحد.
ولكن في رأي أبي حنيفة ومحمد (1): لا يحل للغاصب الانتفاع بالمغصوب بأن يأكله بنفسه أو يطعمه غيره قبل أداء الضمان. وإذا حصل فيه فضل (أي نماء وزيادة) يتصدق بالفضل استحساناً، وعليه، إن غلة المغصوب المستفادة من إركاب سيارة مثلاً لا تطيب له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبح الانتفاع بالمغصوب قبل إرضاء المالك، روى أبو حنيفة بسنده عن أبي موسى رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في ضيافة قوم من الأنصار، فقدَّموا إليه شاة مصلية (مشوية)، فأخذ منها لقمة، فجعل يمضغها ولا يسيغها، فقال عليه الصلاة والسلام: إن هذه الشاة لتخبرني أنها ذبحت بغير حق، قالوا: هذه الشاة لجار لنا، ذبحناها لنرضيه بثمنها، فقال صلى الله عليه وسلم: أطعموها الأسارى (2)» فقد حرم عليهم الانتفاع بها، مع حاجتهم، ولو كانت حلالاً لأطلق لهم إباحة الانتفاع بها.
وقال المالكية (3): يمنع الغاصب من التصرف في المغصوب برهن أو كفالة خشية ضياع حق المالك، ولا يجوز لمن وهب له منه شيء قبوله ولا الأكل منه مثلاً
(1) وقال أبو يوسف وزفر: يحل له الانتفاع ولا يلزمه التصدق بالفعل إن كان فيه فضل، لأن المغصوب مملوك للغاصب من وقت الغصب:«المضمونات تملك بأداء الضمان مستنداً إلى وقت الغصب» أي بأثر رجعي، وعلى هذا فإن غلة المغصوب تطيب للغاصب.
(2)
رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار، وأبو داود وأحمد في مسنده والدارقطني في سننه من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار (نصب الراية: 168/ 4).
(3)
الشرح الكبير: 445/ 3 وما بعدها، الشرح الصغير: 586/ 3.