الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - ظهور غبن فاحش:
إذا حدثت القسمة، ثم تبين فيها غبن فاحش: وهو الذي لا يدخل تحت تقويم المقومين، كأن قوّم المال بألف وهو لا يساوي خمس مئة، فسخت قسمة التقاضي باتفاق الحنفية؛ لأن تصرف القاضي مقيد بالعدل ولم يوجد، والغبن حصل بغير رضا المالك فصار كبيع الأب والوصي، ينقض بالغبن الفاحش. وتفسخ أيضاً قسمة التراضي في الأصح؛ لأن شرط جوازها المعادلة، ولم توجد، فوجب نقضها. وهذا هو الصحيح المعتمد المفتى به عند الحنفية كما ذكر ابن عابدين، أي أن قسمة التراضي تفسخ بالغبن الفاحش كقسمة التقاضي.
وتسمع دعوى الغبن الفاحش إن لم يقر المدعي باستيفاء حقه، فإن أقر باستيفاء حقه لا تسمع دعوى الغبن، أو الغلط للتناقض بين الإقرار والادعاء.
ولا تسمع دعوى الغبن اليسير الذي يدخل تحت المقومين، ولا تقبل بينته (1).
ونقض القسمة بالغبن الفاحش أو الجور متفق عليه بين الفقهاء (2)، إلا أن الشافعية فصلوا في الأمر، كما سيذكر في حالة الغلط.
4 - وقوع غلط في المال المقسوم:
إذا ادعى أحد الشركاء بعد القسمة أن شيئاً من نصيبه وقع في يد صاحبه غلطاً، وكان قد أقر أو أشهد على نفسه باستيفاء حقه (3)، لم يصدق على الذي يدعيه، إلا ببينة (إقرار الخصم أو نكوله)؛ لأنه يدعي فسخ القسمة بعد وقوعها،
(1) الدر المختار ورد المحتار: 187/ 5، تبيين الحقائق: 273/ 5 وما بعدها، م (1160) مجلة.
(2)
الشرح الصغير: 677/ 3، بجيرمي الخطيب: 344//4، المغني: 127/ 9.
(3)
الاستيفاء: عبارة عن قبض الحق بكامله.
فلا يصدق إلا بحجة، ولا يكون متناقضاً لأنه اعتمد على فعل الأمين، ثم ظهر غلطه.
فإن لم يكن له بينة، استحلف الشركاء، فمن نكل منهم، جمع بين نصيبه ونصيب المدعي، فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما، لأن النكول حجة في حقه خاصة، فيعاملان على زعمهما.
وإن لم يكن قد أقر بالاستيفاء، تحالف الشركاء (حلف كل منهم يميناً) وفسخت القسمة؛ لأن الاختلاف في مقدار ما حصل له بالقسمة، فصار كالاختلاف في مقدار المبيع.
وإن قال: (أصابني إلى موضع كذا، فلم تسلم إلي) ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء، وكذبه شريكه، تحالفا، وفسخت القسمة، لاختلافهما في نفس القسمة، فإنهما اختلفا في قدر ما حصل بالقسمة، فأشبه الاختلاف في قدر المبيع.
وإن قال (استوفيت حقي). ثم قال (أخذت بعضه) فالقول قول خصمه مع يمينه، لأنه يدعي عليه الغصب، وهو منكر، فالقول قول المنكر (1).
والقول بنقض القسمة في حال ادعاء الغلط، وإثباته بالبينة، محل اتفاق أيضاً بين الفقهاء (2). إلا أن الشافعية قالوا:
لو ثبت بحجة (شاهدي عدل أو رجل وامرأتين، أو شاهد ويمين) غلط أو حيف في قسمة إجبار أو قسمة تراض، وهي بالإفراز (أو الأجزاء)، نقضت القسمة بنوعيها.
(1) تكملة الفتح: 20/ 8 وما بعدها، الدر المختار: 186/ 5، تبيين الحقائق: 273/ 5، اللباب: 103/ 4 ومابعدها، البدائع: 26/ 7.
(2)
المراجع السابقة.