الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدعي بمعنى المعاوضة؛ لأنه في زعمه يأخذ عوضاً من حقه، فيعامل كل طرف على حسب معتقده (1).
أقسام الصلح عند الشافعية:
قسم الشافعية (2) الصلح إلى قسمين أذكرهما هنا لكثرة التفريعات:
أحدهما ـ الصلح الذي يجري بين المتداعيين:
وهو الصلح الذي يجري بين المدعي والمدعى عليه، وهو نوعان:
1ً -
صلح على إقرار:
وهو أن يدعي شخص على آخر حقاً من دين أوعين، فيقر المدعى عليه بهذا الحق، ثم يطلب المصالحة عن ذلك. وهذا جائز بالاتفاق كما تقدم.
أـ وهذا إما أن يكون صلحاً على عين: كأن يتصالحا على شيء معين بذاته من دار أو متاع أو سلعة أو دابة أو سيارة مثلاً. فإن جرى على عين غير المدعاة، كما إذا ادعى عليه داراً، فأقر له بها وصالحه عنه بمعين كثوب، فهو بيع للعين المدعاة من المدعي للمدعى عليه، بلفظ الصلح، ويسمى (صلح المعاوضة) وتثبت فيه أحكام البيع كالشفعة والرد بالعيب ومنع التصرف في المصالح عليه قبل قبضه. واشتراط التقابض في المصالح عنه والمصالح عليه إن اتفقا في علة الربا، وغير ذلك من أحكام البيع كالخيارات، وإفساده بالشروط المفسدة، وتحريم الغرر وإفساده به وبالجهل.
وإن جرى الصلح من العين المدعاة على منفعة عين أخرى لغير العين المدعاة، كأن صالحه عن الدار على استعمال سيارته مثلاً سنة معلومة، فالعقد إجارة، تثبت فيه أحكامها؛ لأن معنى الإجارة قائم فيه.
(1) الكتاب مع اللباب: 164/ 2.
(2)
مغني المحتاج: 177/ 2 - 182.
وإن جرى الصلح على منفعة العين المدعاة نفسها، كأن صالحه على أن يسكن الدار المدعاة مثلاً مدة خمس سنوات، ثم يردها إليه، فهو إعارة، تثبت فيه أحكامها؛ لأنه في معناها.
وإن جرى الصلح على بعض العين المدعاة، كأن يصالحه على ربع السيارة المدعاة، فهو هبة من المدعي لبعضها الباقي لصاحب اليد عليها وهو المدعى عليه، فتثبت أحكامها فيه، لأنه في معناها، كاشتراط قبول المدعى عليه ونحو ذلك، ويسمى هذا صلح الحطيطة؛ لأن صاحب الحق قد حط جزءاً من حقه للمدعى عليه.
ب ـ وإما أن يكون الصلح عن إقرار صلحاً عن الدين: كأن يدعي شخص على آخر مبلغاً من المال كألف دينار، فيقر المدعى عليه به، ثم يتصالحان عنه، ويصح هذا الصلح بلفظ الصلح أو البيع أو الإبراء أو الحط أو الإجارة.
ويشترط للصلح عن الدين: أن يجوز الاعتياض عنه على غيره من عين أو دين أو منفعة، فلا يصح الصلح عن دين لا يصح الاعتياض عنه كدين السلَم.
والدليل على جواز الصلح عن بعض الدين وهو صلح الحطيطة: ما أخرجه البخاري ومسلم عن كعب بن مالك رضي الله عنه: «أنه تقاضى (1) عبد الله بن أبي حدرد رضي الله عنه ديناً كان له عليه، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما، حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كشف سَجْف حُجْرته (2)، فنادى كعب بن مالك، فقال: يا كعب، فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده: أن ضعِ الشطر، فقال كعب: قد فعلت يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم فاقضه» .
(1) تقاضى: طالب بالوفاء.
(2)
سجف حجرته: بفتح السين وكسرها ستر باب غرفته.