الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحيل من الدين أو وهب الدين له لا يصح التصرف؛ لأن الدين انتقل إلى ذمة المحال عليه، وفرغت ذمة المحيل من الدين، وبدليل أن الحوالة يترتب عليها النقل؛ لأنها مشتقة من التحويل وهو النقل، فتقتضي نقل ما أضيفت إليه وهو الدين، لا المطالبة فقط.
وعند زفر كما تقدم: لا ينتقل الدين ولا المطالبة إلى ذمة المحال عليه، بل تضم ذمة المحال عليه إلى ذمة المدين في المطالبة فيكون المحال عليه كفيلاً للمدين.
ثانياً ـ ثبوت ولاية المطالبة للمحال على المحال عليه بدين في ذمته
؛ لأن الحوالة اقتضت النقل إلى ذمة المحال عليه بدين في ذمته، وهو نقل الدين والمطالبة جميعاً كما رجحت.
ثالثاً ـ ثبوت حق الملازمة للمحال عليه على المحيل إذا لازمه المحال
، فكلما لازمه المحال، فله أن يلازم المحيل ليتخلص من ملازمة المحال، وإذا حبسه له أن يحبسه إذا كانت الحوالة بأمر المحيل، ولم يكن على المحال عليه دين يماثله للمحيل، أي أن الحوالة مطلقة. أما إذا كانت الحوالة بغير أمره، أو كانت بأمره ولكن للمحيل على المحال عليه دين مثله، أي أن الحوالة مقيدة، فليس للمحال عليه أن يلازم المحيل إذا لوزم، ولا أن يحبسه إذا حبس.
المبحث الرابع ـ انتهاء الحوالة
تنتهي الحوالة بأمور (1):
1 - فسخ الحوالة:
إذا فسخت الحوالة يعود الحق للمحال في أن يطالب المحيل. والفسخ في اصطلاح الفقهاء: هو إنهاء العقد قبل أن يبلغ غايته.
(1) البدائع: 18/ 6 ومابعدها، فتح القدير: 447/ 5، المبسوط: 52/ 20، الدر المختار: 304/ 4، مجمع الضمانات: ص 282.
2 -
أن يتوى (1) حق المحال بموت أو إفلاس أو غيره: وهو مذهب الحنفية بدليل ما روي عن سيدنا عثمان رضي الله عنه أنه قال في المحال عليه: «إذا مات مفلساً عاد الدين إلى ذمة المحيل» ، ولأن الحوالة مقيدة بسلامة حق المحال له، لأنه هو المقصود، فصار كوصف السلامة في المبيع.
والتوى عند أبي حنيفة بأحد أمرين: إما أن يموت المحال عليه مفلساً أو أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة للمحال؛ لأن العجز عن الوصول إلى الحق يتحقق بكل واحد منهما، وهو التوى في الحقيقة.
وقال الصاحبان: يتحقق التوى بوجه ثالث: وهو أن يفلس المحال عليه حال حياته، ويقضي القاضي بإفلاسه حال حياته. وهذا مبني على قاعدة أخرى مختلف فيها بين الإمام وصاحبيه: وهي أن القاضي يقضي بالإفلاس حال الحياة عندهما، وعنده: لا يقضي به لأن مال الله غاد ورائح.
وإذا تحقق التوى يرجع صاحب الدين على المحيل.
وقال الحنابلة والشافعية والمالكية: إذا تمت الحوالة وانتقل الحق ورضي المحال، لم يعد الحق إلى المحيل أبداً، سواء أمكن استيفاء الحق، أو تعذر لمطل أو فلس أو موت أو غيرها. فلو كان المحال عليه مفلساً عند الحوالة، وجهله المحال، فلا رجوع له على المحيل؛ لأنه مقصر بترك البحث، فأشبه من اشترى شيئاً هو مغبون فيه، فإن شرط المحال يسار المحال عليه، فبان معسراً، رجع على المحيل عند الحنابلة والمالكية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«المسلمون عند شروطهم» (2).
(1) التوى في اللغة: الهلاك والتلف. يقال توي بوزن علم يتوى توى، وفي الاصطلاح كما سيأتي عن أئمة الحنفية: هو تعذر تحصيل الدين بسبب لا دخل للمحال فيه كإفلاس المحال عليه مثلاً.
(2)
رواه الترمذي والحاكم عن عمرو بن عوف (راجع نصب الراية: 112/ 4، سبل السلام: 59/ 3)، وقد سبق تخريجه.