الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني لابن أبي زيد: وهو نفاذ البيع، وجعل الثمن بدله رهناً.
الثالث لابن رشد: وهونفاذ البيع، ويصير الدين بلا رهن، ولا يكون الثمن رهناً بدله.
وأما إن كان الرهن متطوعاً به بعد العقد، وباعه الراهن قبل أن يقبضه المرتهن، فينفذ بيعه، وهل يكون ثمنه رهناً أو لا يكون؟ فيه خلاف، كالخلاف في بيع الهبة قبل قبضها.
ب ـ بعد التسليم:
إذا سلم الراهن المرهون، بقي على ملكه، ولكن تعلق به دين المرتهن، فاستحق حبسه وثيقة بالدين إلى أن يوفى عند الحنفية، ويصبح متعيناً للبيع وثيقة بالدين عند الجمهور غير الحنفية.
وعلى كلا الرأيين: لا يجوز للراهن أن يتصرف بالرهن إلا بإذن المرتهن، لتعلق حقه به، فيتنازل عن حقه في حبس الرهن أو تعينه للبيع. وتفصيل المذاهب فيما يأتي:
1 -
قال الحنفية (1): إذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن، فالبيع موقوف لتعلق حق الغير به، فإن أجازه المرتهن، أو قضاه الراهن دينه، أو أبرأه المرتهن عن الدين، جاز البيع ونفذ، وصار ثمنه في غير حال الوفاء بالدين رهناً مكانه في ظاهر الرواية؛ لأن البدل له حكم المُبْدَل. وإن لم يجزه، لم ينفسخ وبقي موقوفاً في أصح الروايتين، وكان المشتري ـ في حال عدم علمه بأنه مرهون ـ بالخيار: إن شاء صبر إلى فك الرهن، أو رفع الأمر إلى القاضي بفسخ البيع.
(1) البدائع: 146/ 6، تكملة الفتح: 224/ 8، تبيين الحقائق: 84/ 6 ومابعدها، الدر المختار: 361/ 5، اللباب: 59/ 2.
ووجه ظاهر الرواية: أن حق المرتهن متعلق بمالية المرهون، فإذا بيع وأصبح الثمن بدلاً عن المال المرهون، لم يتضرر المرتهن؛ لأن حقه لم يزل بالبيع.
وإذا تكرر بيع الراهن قبل أن يجيز المرتهن، كأن باعه مرة ثانية، كان البيع الثاني موقوفاً أيضاً على إجازة المرتهن، فأي البيعين أجازه لزم، وبطل الآخر.
وإذا كان التصرف الثاني (الوارد بعد بيع الراهن الرهن) هبة أو إجارة أو رهناً فأجاز المرتهن هذا التصرف، نفذ البيع الأول، دون هذه التصرفات؛ لأن إجازته هذه التصرفات إسقاط لحقه في الحبس، وبها يزول المانع من نفاذ البيع، فينفذ، وتتحقق مصلحة المرتهن بتحول حقه لثمن المبيع، أما تلك التصرفات فليس في نفاذها منفعة للمرتهن، لعدم تحول حقه فيها إلى بدل يقوم مقام المرهون.
وإذا تصرف الراهن أولاً بالإعارة أو الإجارة أو الهبة أو الرهن، كان تصرفه أيضاً موقوفاً على إجازة المرتهن.
أما في حال الإعارة: فإن ردها المرتهن بطلت، وإن أجازها نفذت، ولا يبطل بإجازتها عقد الرهن؛ لأن الإعارة عقد غير لازم، فلكل من الراهن والمرتهن بعد نفاذها استرداد العارية، وإعادتها رهناً كما كانت.
وأما في حال الإجارة: فإجارتها مبطلة لعقد الرهن؛ لأنها عقد لازم.
وإذا تصرف الراهن بعقد من هذه العقود مع المرتهن، فحكمها حكم إجازة المرتهن لهذه العقود إذا كانت لغيره. فإذا كان هو المشتري أو الموهوب له أو المتصدق عليه (أي المتملك)، فإن الرهن يبطل بذلك.
وإذا كان هو المستعير لم يبطل الرهن، ولكن يرتفع ضمانه وقت انتفاعه بالعين المرهونة فقط، فإذا هلك أثناء انتفاعه، هلك هلاك الأمانات، وإذا هلك قبل انتفاعه، أو بعد انتهائه هلك هلاك الرهن.
وإذا كان هو المستأجر، فإن جدد القبض للإجارة (وهو أمر شكلي) بطل الرهن، ونفذت الإجارة؛ لأن قبض الرهن دون قبض الإجارة، فلا ينوب منابه؛ لأن قبض الرهن قبض لا يؤدي إلى جواز الانتفاع، وقبض الإجارة يؤدي إليه، فهو أقوى، فلم ينب منابه. وإذا جدد القبض للإجارة، فهلك المقبوض، هلك هلاك الأمانات، لا يضمن إلا بالتعدي أو بالتقصير. ومن التعدي: أن يمنع المرتهن الرهن عن مالكه بعد انتهاء مدة الإجارة.
2 -
وقال المالكية (1): إذا تصرف الراهن بالرهن من غير إذن المرتهن، ببيع أو إجارة أو هبة، أو صدقة، أو إعارة ونحوها، كان التصرف موقوفاً على إجازة المرتهن، فيخير مثلاً بين أن يرد البيع ويرجع الرهن لما كان عليه من الرهنية، أو يجيزه. وبطل الرهن على المعتمد بمجرد الإذن (أي إذن المرتهن للراهن بالتصرف) وإن لم يتصرف الراهن، لاعتبار الإذن تنازلاً عن الرهن.
3 -
وقال الشافعية (2): ليس للراهن المُقْبِض تصرف يزيل الملك، كالهبة والبيع والوقف، مع
غير المرتهن بغير إذنه؛ لأنه لو صح لفاتت الوثيقة. كما لا يصح له رهن المرهون لغير المرتهن الأول عنده، ولا إجارة المرهون إن كان الدين حالاً، أو يحل أجله قبل انقضاء مدة الإجارة، ويعد التصرف حينئذ باطلاً.
فإن كان هذا التصرف مع المرتهن أو بإذنه، فيصح ويبطل الرهن، إلا في الإجارة فيستمر الرهن، ويصح للراهن كل تصرف لا يضر المرتهن كالسكنى والركوب كما بان سابقاً، ويصح له أيضاً الإجارة والإعارة إلى مدة لا تمتد إلى ما
(1) الشرح الكبير: 241/ 3 ومابعدها، 248، بداية المجتهد: 274/ 2، القوانين الفقهية: ص 324.
(2)
مغني المحتاج: 130/ 2 وما بعدها، المهذب: 309/ 1، 311.