الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معلوم، وطلب غريمه حبسه، حبس، وحجر عليه أولاً حتى يظهره. فإن لم ينزجر بالحبس، ورأى الحاكم ضربه أو غيره، فعل ذلك، وإن زاد مجموعه على الحد.
ومن ادعى الإعسار ولم يصدقه الدائن، حبس إلى أن يأتي ببينة تشهد بعسرته. فإن ثبت إعساره، وجب إنظاره ولم تجز ملازمته للآية السابقة:{وإن كان ذو عسرة، فنظِرة إلى ميسرة} [البقرة:280/ 2].
وإن ثبتت قدرته على الوفاء، ولم يؤد ديونه، حبسه الحاكم (1)، للحديث السابق:«ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته» ، وليس للحاكم إخراج المدين من الحبس حتى يتبين له أمره أنه معسر، فيجب حينئذ إطلاقه، أويبرأ المدين من غريمه بوفاء أو إبراء، أو حوالة، فيطلق سراحه لسقوط الحق عنه، أو يرضى غريمه بإخراجه من الحبس. فإن أصر المدين المليء على الحبس، ولم يوف الدين، باع الحاكم ماله، وقضى دينه.
ولا يجبر كما قال المالكية على الكسب، للحديث السابق:«خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك» كما لا يجبر على قبول الهدية أو الصدقة أو القرض.
4ً -
بيع مال المدين المحجور عليه وقسمة ثمنه بين الغرماء:
اتفق الفقهاء (2) على أنه يباع مال المدين المحجور عليه بسبب الفلس، ويقسم ثمنه بين الدائنين الغرماء بالمحاصة أي بنسبة ديونهم، ويندب أن يكون البيع فوراً
(1) قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: لا يجب حبسه في مكان معين، بل المقصود: منعه من التصرف حتى يؤدي الحق، فيحبس ولو في دار نفسه بحيث لا يمكن من الخروج (كشاف القناع: 408/ 3).
(2)
تكملة الفتح: 328/ 7 ومابعدها، تبيين الحقائق: 199/ 5 ومابعدها، الشرح الصغير: 357/ 3 ومابعدها، 366، الشرح الكبير: 269/ 3 - 271، القوانين الفقهية: ص 319، مغني المحتاج: 150/ 2 وما بعدها، المهذب: 322/ 1، كشاف القناع: 420/ 3 ومابعدها، المغني: 441/ 4 - 446، بداية المجتهد: 287/ 2.
بعد الحجر، لئلا يطول زمن الحجر عليه، ومبادرة لبراءة ذمته، وإيصال الحق إلى ذويه، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما حجر على معاذ، باع ماله في دينه، وقسم ثمنه بين غرمائه.
فإن كانت الديون من جنس مال المدين، قضاها القاضي بغير أمر المدين، وإن كانت من غير جنس مال المدين، وجب على القاضي بيع المال، وقسمة الثمن بين الدائنين.
ويستحب للحاكم وقت البيع أن يحضر أو وكيله، لفوائد، منها ضبط متاعه، والتعريف بالجيد منه، وتطييب نفسه وإسكان قلبه، وتكثير الرغبة في شرائه، كما يستحب إحضار الغرماء؛ لأن البيع لهم، وربما رغبوا في شيء، فزادوا في ثمنه، ولتطييب قلوبهم، والبعد عن التهمة، وربما وجد أحدهم عين ماله، فأخذه.
ويباع الشيء في عصرنا بالمزاد العلني، ويباع ندباً كل شيء في سوقه، بشرط كون البيع بثمن المثل، حالاً، من نقد البلد.
ويقدم في البيع مايخاف فساده كالفواكه والبقول، ثم ما يتعلق به حق كالمرهون، ثم الحيوان لحاجته إلى النفقة، ولأنه معرض للتلف، ثم المنقول؛ لأنه يخشى ضياعه بسرقة ونحوها، ويقدم الملبوس على النحاس ونحوه، ثم العقار، ويقدم البناء على الأرض. وإنما أخر العقار؛ لأنه يؤمن عليه من الهلاك والسرقة؛ ولأن العقار يعد للاقتناء، فيلحقه ضرر ببيعه، فلا يبيعه إلا عند الضرورة، ويستأنى عند المالكية في بيع العقار نحو شهرين.
ويلاحظ أن أبا حنيفة خلافاً لصاحبيه لم يجز للحاكم بيع عروض المدين وعقاره.
ويترك للمفلس مجموعة كاملة عادية (دَسْت)(1) من ثيابه المحتاج إليها عادة،
(1) الدَّسْت: ما قابل ثياب الزينة.