الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجاز الحنابلة أيضاً رهن المأجور أو المعار أو الوديعة أو المغصوب، وينوب القبض السابق مناب قبض الرهن، ولا حاجة لتجديد القبض، كما بينت سابقاً.
والشافعية أيضاً أجازوا رهن العين المستأجرة والمستعارة والوديعة، بشرط مضي زمان يتأتى فيه القبض. فإن رهنها لدى المستأجر والمستعير، بقي الرهن لبقاء يد المرتهن، وعدم المنافاة بين كونه مستأجراً، وكونه مرتهناً. وإن رهنها عند غير المستأجر أو المستعير، صح إذا رضي به المرتهن عدلاً، فتبقى في يد المستأجر والمستعير على اعتبار أنه أمين عن كل من عاقدي الرهن، ويظل الرهن أيضاً.
وإن لم يرض المرتهن بالمستأجر أو بالمستعير عدلاً، ينظر: فإن كان الرهن بإذن المستأجر بطلت الإجارة، وإن كان بغير إذنه بطل الرهن، وأما العارية فهي عقد غير لازم، فإذا رهن المستعار، فسخت الإعارة.
5 - رهن المستعار:
يلاحظ أنه في الحالة السابقة: الراهن هو المالك للعارية، فيرهن ملك نفسه، أما في هذه الحالة: فالراهن غير مالك للعارية وإنما يرهن مستعاراً مملوكاً لغيره.
اتفق الفقهاء كما تقدم سابقاً على أنه يجوز للإنسان أن يستعير مال غيره، ليرهنه بإذن مالكه، في دين عليه (1)؛ لأن مالكه متبرع حينئذ بإثبات اليد أو الحيازة عليه، والمالك حر التصرف بملكه، فله إثبات ملك العين واليد معاً عن طريق الهبة مثلاً، كما له إثبات اليد فقط بالإعارة للرهن.
وفي حالة الإذن من المالك بالرهن، قال الحنفية (2): للمستعير عند إطلاق
(1) المغني: 344/ 4، بداية المجتهد: 269/ 2، كشاف القناع: 309/ 3.
(2)
البدائع: 136/ 6، تبيين الحقائق: 88/ 6، الدر المختار: 365/ 5.
المعير وعدم تقييده بشيء أن يرهن العارية عند من يشاء، وبأي دين أراد، وفي أي بلد أحب. وهو رأي الشافعية أيضاً.
أما إذا قيده بقيود فإنه يتقيد بها، فإن قيده بقدر، لم يرهن بأكثر منه، ولا بأقل إذا كان ما رهنه به أقل من قيمة الرهن؛ لأن المتصرف بإذن يتقيد تصرفه بقدر الإذن، ولأن المرهون مضمون، والمالك جعله مضموناً بقدر ما حدد، وقد يكون له غرض بالقيد. أما إذا كان المستعار مساوياً لقيمة الرهن أو كانت هي أكثر، فلا يعد مخالفاً الإذن؛ لأنه خلاف إلى خير؛ لأن المالك حين يريد فكاك الرهن لا يكلف إلا بقدر الدين، ولا يناله ضرر بسبب الرهن عند الهلاك؛ لأن الضائع عليه أقل من قيمة الرهن.
وإذا قيده بجنس من الدين لم يجز له أن يرهنه بجنس آخر؛ لأن قضاء الدين من بعض الأجناس قد يكون أيسر من بعض.
وإذا قيده بدائن أو بلد، لم يجز له أن يخالف القيد.
فإن خالف في شيء من هذه القيود، فهو ضامن لقيمته، إذا هلك؛ لأنه بهذه المخالفة يصير غاصباً، وكان الرهن باطلاً؛ لأنه وقع على مال مغصوب.
وإذا هلك المال المستعار عند المرتهن، كان مالكه بالخيار: إن شاء ضمن المستعير قيمته لاعتباره غاصباً بسبب مخالفته، وبأدائه الضمان يتملكه المستعير من وقت قبضه من المعير، وإن شاء ضمن المرتهن لهلاك المال في يده، فصار كغاصب الغاصب، وإذا ضمن المرتهن رجع على الراهن. والخلاصة: أنه بالمخالفة يبطل الرهن ويضمن المستعير.
وكذلك قال المالكية (1): إن خالف المستعير قيود المعير، فهلكت العارية أو
(1) الشرح الكبير: 239/ 3.