الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن كان المرتهن هو المتعدي على الرهن، فيضمن قيمته يوم ضياعه (تغيبه)، وقيل: يوم ارتهانه.
المطلب الثامن ـ بيع الرهن:
الكلام عن بيع المرهون يتطلب أموراً خمسة: ولاية البيع الاختياري والجبري، وبيع مايتسارع إليه الفساد، وحق امتياز المرتهن، واشتراط المرتهن تملك المرهون عند عدم الوفاء، واستحقاق الرهن بعد بيعه.
أولاً ـ ولاية بيع المرهون:
أـ البيع الاختياري:
اتفق الفقهاء على أن المرهون يظل ملكاً للراهن بعد تسليمه للمرتهن، كما دلت السنة:«لا يغلق الرهن من صاحبه» فتكون ولاية بيع المرهون للراهن، لا لغيره، لكن لتعلق حق المرتهن به، وثبوت حق حبسه إياه عند الجمهور غير الشافعية، وكونه أولى بماليته من الراهن، يتوقف عند الحنفية والمالكية نفاذ بيعه على رضا المرتهن وإذنه، ما دام حقه قائماً، فإذا انتهى هذ الحق، نفذ البيع بانتهائه، كما بان في بحث التصرف بالرهن.
وعليه يكون للراهن باتفاق الفقهاء أن يبيع الرهن بإذن المرتهن. فإذا توفي الراهن، كانت ولاية البيع لوصيه أو لوارثه، كما يكون له في حال حياته، أن يوكل في البيع غيره، فيوكل المرتهن، أو العدل، أو أجنبياً آخر غيرهما.
وذكر الحنفية (1) فروقاً بين الوكالة المشروطة في عقد الرهن، والوكالة المفردة الحادثة بعد عقد الرهن، من هذه الفروق:
(1) تبيين الحقائق للزيلعي: 81/ 6 ومابعدها.
أن الوكالة المشروطة في عقد الرهن لا ينعزل الوكيل فيها بعزل الموكل ولابموت الراهن أو المرتهن، ولا تقبل التقييد بعد الإطلاق، ويجبر فيها الوكيل ببيع الرهن على بيعه إذا امتنع عنه؛ لأن الوكالة صارت شرطاً أو وصفاً من شروط الرهن، فتلزم بلزومه.
بخلاف الوكالة المفردة في كل هذه الأحكام، فإنها تنتهي بالعزل أو بموت الراهن والمرتهن،
…
إلخ؛ لأنها لم تصر وصفاً من أوصاف الرهن، ولم يتعلق بها حق المرتهن.
وأوضح المالكية (1) بعض الأمور في حالة إذن الراهن بالبيع، فقالوا: ليس للعدل أو المرتهن بيع الرهن إلا بإذن الراهن؛ لأن ولاية البيع له، فإذا أذن الراهن لأحدهما بالبيع، فإما أن يكون الإذن مطلقاً أو مقيداً.
فإن قيده بعدم وفاء الدين في وقت معين، لم يجز لأحدهما بيعه قبل الوقت، بل يجب الرجوع إلى القاضي، ليبين أن الدين قد وفي أم لا.
وإن كان الإذن مطلقاً: فإن كان للعدل، استقل حينئذ ببيعه بدون رجوع إلى القاضي. وإن كان للمرتهن، فله البيع بدون الرجوع للقاضي إذا صدر الإذن بعد العقد، أما إذا صدر حال العقد، فلا يبيع إلا أن يرجع إلى القاضي، حتى ترتفع شبهة إكراه الراهن على إصدار الإذن.
وينفذ البيع، إذا لم يكن فيه غبن، أما إن بيع بأقل من قيمته، فللراهن أخذه من المشتري، وإن تداولته الأيدي بأي ثمن شاء مما بيع به.
وقالوا كالحنفية: لايملك الراهن ولا المرتهن عزل الوكيل في بيع الرهن، كما لا يجوز له أن يعزل نفسه، ولا ينعزل إلا باتفاقهما على عزله.
(1) الشرح الكبير والدسوقي: 250/ 3 وما بعدها.