الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع ـ اختلاف الراهن والمرتهن:
هذا المبحث يتعلق بدور القاضي أو غيره في توزيع عبء الإثبات على الطريق المتنازعين في قضايا الرهن أو الدين المرهون به.
أـ إذا اختلف الراهن والمرتهن في قدر الحق أو الدين المرهون به، فقال الراهن: رهنتك متاعي بألف، وقال المرتهن: بل بألفين، فالقول عند الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة): قول الراهن بيمينه؛ لأنه منكر للزيادة التي يدعيها المرتهن، والقول قول المنكر، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» (1). والراهن هنا مدعى عليه، والمرتهن مدع فوجب أن تكون اليمين على الراهن على ظاهر السنة المشهورة.
وقال المالكية: القول قول المرتهن، إلا فيما زاد على قيمة الرهن، فالقول قول الراهن؛ لأن المرتهن، وإن كان مدعياً، فله ههنا شبهة، بنقل اليمين إلى حيِّزه، وهو كون الرهن شاهداً له لأنه أكثر من قدر المرهون به. ومن أصول مالك: أن يحلف أقوى المتداعيين شبهة.
وهذا لا يلزم عند الجمهور؛ لأنه قد يرهن الراهن الشيء، وقيمته ليست أكثر من المرهون فيه.
ولا خلاف في أنه إن اختلف المتراهنان في قدر الرهن، فقال الراهن: رهنتك هذا الشيء، فقال المرتهن: بل هو وشيء آخر، فالقول قول الراهن؛ لأنه منكر (2).
(1) رواه مسلم والبخاري عن ابن عباس. ورواه البيهقي بلفظ: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» (الأربعين النووية).
(2)
البدائع: 174/ 6، تكملة الفتح: 231/ 8، بداية المجتهد: 274/ 2 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 325، مغني المحتاج: 142/ 2، المهذب: 316/ 1 ومابعدها، المغني: 398/ 4 ومابعدها، كشاف القناع: 339/ 3.
ب ـ إذا اختلف المتراهنان في تلف العين المرهونة، فقال المرتهن: هلكت، ولم يذكر سبباً، فالقول باتفاق أئمة المذاهب قول المرتهن بيمينه؛ لأنه أمين (1).
والقول للمرتهن أيضاً إذا اختلفا في مقدار المرهون بعد هلاكه؛ لأنه غارم (2).
فإن اختلفا في قدر قيمة المرهون يوم الرهن، أو في أصل الرهن، هل هو موجود أو لا، فالقول قول الراهن بيمينه (3)، كالاختلاف في قدر الرهن.
ج ـ إن اختلف المتراهنان في قبض المرهون، هل حدث أو لا، فالقول عند الحنفية والشافعية للراهن بيمينه، سواء أكان في يد الراهن أم في يد المرتهن؛ لأن الأصل عدم لزوم الرهن، وعدم إذنه في القبض.
وقال الحنابلة: القول قول صاحب اليد في حالة الاختلاف في القبض، فإن كان بيد الراهن فالقول له؛ لأن الأصل عدم القبض، وإن كان بيد المرتهن فالقول له؛ لأن الظاهر قبضه بحق. فإن اختلفا في الإذن في القبض، فقال الراهن: أخذت المرهون بغير إذني، فلم يلزم، وقال المرتهن: بل أخذته بإذنك، وهو الآن في يد المرتهن، فالقول للراهن؛ لأنه منكر (4).
د ـ إن اختلفا في وقت هلاك الرهن، فقال المرتهن: هلك في وقت العمل، وقال الراهن: هلك في غير وقت العمل، فالقول للمرتهن عند الحنفية؛ لأنه منكر، والبينة للراهن (5).
(1) البدائع: 154/ 6، بداية المجتهد: 275/ 2، الشرح الكبير: 260/ 3، مغني المحتاج: 138/ 2، المهذب: 319/ 1، كشاف القناع: 340/ 3.
(2)
المراجع السابقة، المغني: 398/ 4، البدائع: 174/ 6.
(3)
البدائع: 174/ 6، مغني المحتاج: 142/ 2.
(4)
المراجع السابقة. كشاف القناع: 321/ 3.
(5)
الدر المختار: 364/ 5.
هـ ـ قال الحنفية: إن اختلفا في نوع المرهون، فقال الراهن: الرهن غير هذا، وقال المرتهن: بل هذا هو الذي رهنته عندي، فالقول للمرتهن؛ لأنه القابض (1). والقول للمرتهن أيضاً إن حدث اختلاف في مقدار ثمن بيع المرهون، أو في بيعه بثمن المثل أم لا؛ لأن المرهون خرج عن كونه رهناً بالمبيع، وتحول الضمان إلى الثمن، والراهن يدعي زيادة الضمان، والمرتهن ينكر، فكان القول قوله (2).
وـ قال المالكية (3): إذا تنازع الراهن والمرتهن في كيفية وضع الرهن، فقال الراهن مثلاً: يوضع على يد أمين، وقال المرتهن: يوضع عندي، أو بالعكس، فالقول قول من طلب وضعه عند الأمين، وهو الراهن.
(1) الدر المختار: 347/ 5.
(2)
البدائع: 174/ 6.
(3)
الشرح الكبير: 244/ 3.