الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رميه في بحر، أو إنفاقه في محرم. فإذا بلغ الصغير غير رشيد لاختلال صلاح الدين أو المال، دام الحجر عليه، فيتصرف في ماله من كان يتصرف فيه قبل بلوغه.
والأصح عندهم أن صرفه في الصدقة ووجوه الخير والمطاعم والملابس التي لا تليق بحاله ليس بتبذير.
ويختبر الولي رشد الصبي في الدين والمال، لقوله تعالى:{وابتلوا اليتامى} [النساء:4/ 6] أي اختبروهم. أما في الدين فمشاهدة حاله في العبادات، وتجنب المحظورات، وتوقي الشبهات، ومخالطة أهل الخير.
وأما اختباره في المال فبحسب أمثاله، فيختبر ولد التاجر بالبيع والشراء، والمماكسة فيهما، أي طلب النقصان عما طلبه البائع، وطلب الزيادة على ما يبذله المشتري. ويختبر ولد الزارع بالزراعة، والنفقة على العمال فيها، ويختبر المحترف بما يتعلق بحرفة أبيه وأقاربه. وتختبر المرأة بما يتعلق بالغزل والقطن حفظاً وحياكة وغيرها.
ويشترط تكرر الاختبار مرتين أو أكثر، قبل البلوغ. وقيل: بعده.
خامساً ـ ولي المحجور عليه:
الولي: هو صاحب السلطة الشرعية التي يتمكن بها صاحبها من التصرف في مال غيره من غير توقف على إجازة أحد. وقد اتفق أئمة المذاهب على أن ولي المحجور عليه صبياً أو غيره في الأموال هو الأب إن كان موجوداً، ولم يكن مجنوناً أو محجوراً عليه، واختلفوا في غير الأب.
قال الحنفية (1): الولي الذي له حق التصرف في مال المحجور عليه: هو
(1) الدر المختار: 122/ 5، تبيين الحقائق: 220/ 5، البدائع: 155/ 5.
أبو الصبي، ثم وصيه بعد موته، ثم وصي وصيه، ثم جده (أبو أبيه)، ثم وصي جده، ثم وصي وصيه، ثم الوالي، ثم القاضي أو وصي القاضي. وهذا الترتيب مبني على درجة الشفقة، فشفقة الأب فوق شفقة الكل، وشفقة وصيه فوق شفقة الجد؛ لأنه مرضي الأب ومختاره، وشفقة الجد فوق شفقة القاضي، لوجود القرابة.
وما عدا المذكورمن العَصَبة كالأخ أو العم، أو غيرهما كالأم ووصيها فليس لهم الإشراف على أموال المحجور عليه، ولا يملكون الإذن للقاصر بالتجارة. وهذا الترتيب للأولياء هو في شأن المال، أما في قضايا الزواج فللأولىاء ترتيب آخر.
وقال المالكية (1): الولي على المحجور عليه من صغير أو سفيه لم يطرأ عليه السفه بعد بلوغه (2): هو الأب الرشيد، ثم لوصيه، ثم للحاكم، فإن لم يكن حاكم فالولاية لجماعة المسلمين. فلا تثبت الولاية المالية للجد والأخ والعم إلا بإيصاء الأب.
وقال الشافعية (3): ولي الصبي: أبوه، ثم جده، ثم وصي من تأخر موته من الأب أو الجد، ثم القاضي أو نائبه، لخبر «السلطان ولي من لا ولي له» (4). ولا ولاية لسائر العصبات كالأخ والعم، كما لا ولاية للأم في الأصح: ولا ية مال أو ولاية نكاح. وإني مع هذا الرأي إذ لا أكاد أصدق أن عاطفة وصي الأب غير القريب أولى من الجد، فرابطة الدم والقرابة أشد باعثاً على الرعاية والحفظ والاهتمام بشؤون القصر.
(1) الشرح الكبير: 299/ 3، الشرح الصغير: 389/ 3 ومابعدها.
(2)
أما لو طرأ عليه السفه بعد البلوغ فالحجر عليه للحاكم، لا للأب.
(3)
مغني المحتاج: 173/ 2 ومابعدها، المهذب: 328/ 1.
(4)
رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه.