الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار عقد الرهن:
إذا تم عقد الرهن بتسليم العين المرهونة إلى المرتهن، ترتب على تمامه وتسليمه الأحكام الآتية:
1 -
تعلق الدين بالمرهون.
2 -
حق حبس الرهن.
3 -
حفظ الرهن.
4 -
مؤنة الرهن.
5 -
منع الراهن من التصرف بالرهن.
6 -
عدم الانتفاع بالرهن.
7 -
ضمان الر هن (ضمان ما قابل الدين من الرهن عند الحنفية).
8 -
بيع الرهن، أو مطالبة المرتهن ببيع الرهن لسداد الدين.
9 -
امتياز الدائن المرتهن عن سائر الغرماء.
10 -
تسليم الرهن أو رده عند انتهاء الدين.
المطلب الأول ـ تعلق الدين بالمرهون:
المبدأ العام في هذا هو عدم تجزئة الرهن، فإذا رهنت عين بدين، تعلق هذا الدين بجميع أجزاء العين المرهونة، أو بجميع وحداتها، كما أنها هي رهن بجميع أجزاء الدين. فإذا سقط جزء من الدين بإبراء أو وفاء مثلاً، ظل باقيه متعلقاً بجميع العين المرهونة. وبه أخذ القانون المدني المصري والسوري.
والدين الذي تعلق بالرهن: هو الذي جعل المال رهناً به فقط، ولا يتعلق غيره من الديون بالمرهون.
وعلى أساس هذا التعلق، يثبت حق الحبس للمرتهن، فله حبس جميع المرهون، حتى يوفى كل الدين، سواء أكان المال شيئاً أم عدة أشياء.
وهذا المبدأ أو الأصل السابق متفق عليه فقهاً، لكن الفقهاء اختلفوا في تطبيقه في حالة تعدد العقد، وعدم تعدده.
فقال الحنفية (1): إن اتحاد العقد يقوم على اتحاد الصيغة، فإذا اتحدت الصيغة اتحد العقد، سواء أكان الرهن في دين واحد أم أكثر، فلو وفى المدين الديون لا يسترد ما يقابله من المرهون، سواء اتحد المرهون أم تعدد. فلو وفى الراهن ما يقابل أحد الأعيان المرهونة لا يسترده، حتى ولو سمى في عقد الرهن لكل عين مرهونة حصة من الدين؛ لأن العقد واحد، لا يتعدد بالتسمية.
وسواء تعدد الراهن (كأن يرهن مدينان شيئاً عند دائن) أو تعدد المرتهن (بأن كانا شريكين أو كان لكل واحد منهما دين مستقل على الراهن).
فإذا اتحد العقد لا يتحرر شيء من الرهن؛ لأن الرهن محبوس بجميع الديون، أو بجميع الدين. وإذا تعدد العقد بتعدد الصيغة يتحرر من الرهن ما يقابله.
وقال المالكية (2): يتعدد العقد بتعدد كل من الراهن والمرتهن، أو بتعدد أحد الطرفين. ويكون عقد الرهن واحداً إذا كان كل من الراهن والمرتهن واحداً.
فإذا
(1) البدائع: 153/ 6، تبيين الحقائق: 78/ 6.
(2)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 258/ 3، الدردير: 257/ 3.
اتحد عقد الرهن، يكون جميع المرهون رهناً بما بقي من الدين بعد وفاء بعضه؛ لأن كل جزء من المرهون رهن بكل جزء من الدين.
وإذا تعدد الرهن، بأن كان الراهن اثنين، والمرتهن واحداً، فوفى أحد الراهنين ما عليه من الدين، استرد حصته. أو كان الراهن واحداً والمرتهن متعدداً، فوفى الراهن حصة أحد الدائنين، فإنه يسترد من الرهن ماقابلها.
ويلاحظ أن الراهن إذا كان واحداً، والمرتهن متعدداً، وكان المرهون مما لا ينقسم، ووفى أحد الدائنين، يجعل الرهن تحت يد أمين، أو تبقى الحصة في يد المرتهن أمانة.
وقال الحنابلة (1) بمثل قول المالكية: يتعدد العقد بتعدد الموجب أو القابل، فإذا كان الموجب اثنين والقابل واحداً، نشأ عقدان. وإذا كان الموجب واحداً، والقابل اثنين، نشأ أيضاً عقدان. وإذا كان كل من الموجب والقابل اثنين، نشأ أربعة عقود.
ويكون عقد الرهن واحداً إذا كان كل من الراهن والمرتهن واحداً، سواء أكان الدين واحداً أم متعددا. فإذا وفى المدين بعض الدين، أو ديناً من الديون، لم يكن له أن يسترد ما يقابله من الرهن.
وإذا تعدد الراهن، فمن وفى دينه، خرجت حصته من الرهن. وإذا تعدد المرتهن، فوفى الراهن أحد الدائنين، خرجت حصته من الرهن، واستردها الراهن.
وإذا تعدد الراهن والمرتهن معاً، وهذه أربعة عقود، فيصير كل ربع من المرهون رهناً بربع الدين، فإذا وفى ربع الدين أو أكثر، انفك من الرهن ما يقابله قدراً، قال القاضي أبو يعلى: وهذا هو الصحيح.
(1) المغني: 346/ 4، 402.
وقال الشافعية (1):يتعدد الرهن ويتحد بتعدد الدين ووحدته. والغالب أن يتعدد الدين بتعدد العاقدين، ولو اتحد وكيلهما، بخلاف البيع، العبرة فيه بتعدد العاقد المباشر للعقد، ولو وكيلاً؛ لأن المال المرهون وثيقة بالدين، فإذا تعدد الدين، تعددت الوثيقة، وتعدد الدائن أو المدين يستلزم تعدد الدين غالباً. أما البيع فهو عقد ضمان، فكان النظر فيه لمن باشره.
فالمناط عندهم هو تعدد الدين وعدم تعدده، ويتعدد الدين بتعدد المدين أو الدائن غالباً، ويتحد بعدم تعددهما، أو بكون الدين مشتركاً ولو كان الدائن اثنين، وبهذه الحالة الأخيرة يفترق مذهب الشافعية عن مذهبي المالكية والحنابلة.
وبناء عليه: لو رهن شخص داراً عند دائنين، ثم وفى دين أحدهما، انفك من الرهن ما يقابل هذا الدين من المرهون، لتعدد الدين بسبب تعدد الدائن، بشرط أن يختص أحد الدائنين بما يقبضه، فإن شاركه فيه الآخر، لم ينفك شيء من الرهن، لعدم وفاء الدين على التمام.
ولو استعار مالاً من اثنين ليرهنه، ثم أدى نصف الدين، انفك نصف المال المرهون.
والخلاصة: أن العبرة باتفاق الفقهاء في فكاك شيء من المرهون أو عدم فكاكه بتعدد عقد الرهن وعدم تعدده، إلا أن مناط تعدده عند الحنفية: هو تعدد الصيغة، دون نظر لتعدد العاقدين أو عدم تعددهما. ومناطه عند المالكية والحنابلة: هو تعدد العاقد. وعند الشافعية: هو تعدد الدين وعدم تعدده، ويتعدد الدين عندهم بتعدد المدين أو الدائن غالباً، فيصبح مذهبهم قريباً من مذهبي المالكية والحنابلة.
(1) مغني المحتاج: 141/ 2 ومابعدها، المهذب: 307/ 1.