الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
المقيدة:
أن يحيله ويقيده بالدين الذي له عليه. وهذه هي الحوالة الجائزة باتفاق العلماء (1).
وكلا النوعين جائز لقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحيل على مليء فليتبع» إلا أن
الحوالة المطلقة تختلف عن الحوالة المقيدة في بعض الأحكام
كما يأتي (2):
1 -
إذا كانت الحوالة مطلقة ولم يكن للمحيل على المحال عليه دين، فإن المحال يطالب المحال عليه بدين الحوالة فقط.
وإن كان له عليه دين، ولم يقيد الحوالة به بأن لم يقل:(أحيله عليك بما لي عليك) أو (على أن تعطيه مما عليك) وقبل المحال عليه، فإن المحال عليه يطالب بدينين: دين الحوالة ودين المحيل، فالمحال يطالب بدين الحوالة، والمحيل يطالب بالدين الذي له عليه، كما إذا كان عند رجل ألف ليرة وديعة، فأحال شخصاً عليه بألف ليرة، ولم يقيده بالألف الوديعة، فقبله، فللمحيل أن يأخذ الوديعة، وعلى المحال عليه أداء الألف بالحوالة.
فأما إذا قيد الحوالة بالدين الذي له عليه، فليس للمحيل أن يطالبه بالأداء إليه؛ لأنه قيد الحوالة بهذا الدين، فيقيد به، أي يتعلق به حق المحال، ويكون هذا الدين، بمنزلة الرهن عنده، وإن لم يكن رهناً حقيقة، فإذا أدى المال تقع المقاصة بين المحال عليه والمحيل.
(1) وهي في رأي القانوني الدكتور السنهوري أقرب إلى أن تكون طريقاً من طرق الوفاء بالدين، من أن تكون حوالة بالمعنى الدقيق بالفقه القانوني (الوسيط: ف 240)، ويرى السنهوري أيضاً أن الفقه الإسلامي لم يقر حوالة الدين بالمعنى المفهوم في الفقه الغربي في أي مذهب من مذاهبه. وقد أقر حوالة الحق بشروط معينة في أحد مذاهبه وهو مذهب مالك، دون المذاهب الأخرى عن طريق هبة الدين أو بيع الدين لغير المدين (الوسيط: ف 240)، وهذا محل نظر.
(2)
راجع البدائع: 16/ 6ومابعدها، الدر المختار ورد المحتار: 306/ 4، مجمع الضمانات: ص283.
2 -
إذا كانت الحوالة مقيدة وظهرت براءة المحال عليه من الدين الذي قيدت به الحوالة، بأن كان الدين ثمن مبيع فاستحق المبيع، تبطل الحوالة؛ لأنه لما قيد الحوالة بالدين فقد تعلق الدين بالحوالة، فإذا ظهر أنه لا دين، فقد ظهر أنه لا حوالة.
أما إذا كانت الحوالة مطلقة وظهرت براءة المحال عليه من الدين، فإنها لا تبطل؛ لأن الدين لم يتعلق بالحوالة، وإنما تعلق بالذمة، فلا يظهر أن الحوالة كانت باطلة.
3 -
إذا كانت الحوالة مقيدة ثم مات المحيل قبل أن يؤدي المحال عليه الدين إلى المحال، وكان على المحيل ديون أخرى غير دين المحال، وليس له مال سوى هذا الدين الذي على المحال عليه، فإنه لا يكون المحال أحق به من بين سائر الغرماء (أي الدائنين) عند أئمة الحنفية الثلاثة. وعند زفر: يكون أحق به من بين سائر الغرماء كالرهن. ورد عليه بأن هناك فرقاً بين الحوالة والرهن وهو أن المرتهن يتحمل وحده غرم الرهن، فيختص بغنمه أخذاً بالحديث:«الخراج بالضمان» (1) أي أن الغنم بالغرم، أما المحال فلم يختص بتحمل غرم المال، فلا يكون له الحق في أن يختص بالغنم، وحينئذ يكون له الحق في مقاسمة الغرماء فقط.
أما إذا كانت الحوالة مطلقة: فإنه يؤخذ من المحال عليه جميع الدين الذي
(1) أخرجه أحمد والشافعي وأبو داود الطيالسي، وأصحاب السنن الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان وابن الجارود والحاكم وابن القطان عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن «الخراج بالضمان» الخراج: هو الدخل والمنفعة أي يملك المشتري الخراج الحاصل من المبيع بضمان الأصل الذي عليه أي بسببه، فالباء للسببية. وفي رواية النسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن «الخراج بالضمان، ونهى عن ربح ما لم يضمن» وفي رواية: «أن رجلاً ابتاع غلاماً فاستغله، ثم وجد به عيباً فرده بالعيب، فقال البائع: غلة عبدي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الغلة بالضمان» وهناك لفظ آخر لهذه الرواية (انظر جامع الأصول: 28/ 2 - 32، نيل الأوطار: 213/ 5).